حشود غير مسبوقة خرجت لاستقباله..
“البرهان” في “ود النورة”.. “رد الجميل” ..
تقرير:محمد جمال قندول
رئيس مجلس السيادة قدّم واجب العزاء في شهداء المنطقة..
اليرهان: جئت وفاءً لوعدٍ سابق.. وواجباً مستحقاً للعزاء والمواساة ..
ثلاثة رسائل للداخل والخارج في زيارة القائد العام إلى “ود النورة”..
تقرير : محمد جمال قندول
زيارةٌ مهمة قام بها رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لقرية “ود النورة” ظهر أمس (الثلاثاء).
هذه القرية الواقعة غرب الجزيرة، أضحت معروفةً للعالم أجمع، كيف لا، وقد شهدت أكبر مجزرة في تاريخ الحروب والكوارث، إذ راح أكثر من 100 شخص في يومٍ واحد وتحديدًا في يونيو 2024 على أيدي ميليشيات آل دقلو الإرهابية، إبان احتلالها للجزيرة الخضراء.
الصمود
وقدّم رئيس مجلس السيادة واجب العزاء في شهداء المنطقة التي كانت قد تعرضت لانتهاكات مروعة من قبل ميليشيا آل دقلو.
وجدد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عهده مع الشهداء في المضي قدمًا لدحر الميليشيا والمرتزقة حتى تطهير آخر شبر بدارفور، وزاد: نهاية هذه الحرب ستكون بالقضاء على آخر متمرد.
البرهان أثنى على أهالي “ود النورة”، وقال إنهم ضربوا أروع أمثلة الصمود والفداء. وأضاف، أنه جاء وفاءً بوعد سابق قطعه لجرحى المنطقة، وواجباً مستحقاً لعزاء ومواساة أهالي الشهداء الذين قطع بأن دماءهم الطاهرة لن تذهب هباءً.
ويرى الخبير والمحلل السياسي د. عمار العركي بأن للزيارة عدة دلالات سياسية غير مباشرة. فهي رسالة داخلية إلى القوى المدنية، مفادها أن الشرعية لا تُستمد من بيانات العواصم الأجنبية، بل من الميدان ومن ضحايا المجازر . والرسالة الثانية خارجية إلى المجتمع الدولي مفادها: أن قرى السودان لم تعد تحتمل مواقف رمادية أو دعوات هشة للمصالحة، طالما القاتل لا يزال حراً طليقاً. ورسالة ثالثة إلى أنصار الجيش والمواطنين: بأن قيادة الجيش ما زالت قريبة من الناس، تقف حيث وقعت الجريمة، وتسمع من أهل الأرض لا من الوسطاء.
وأضاف العركي في سياق معرض الطرح أن ما حدث هو سباق على الذاكرة الجماعية، فبينما تسعى بعض المنصات الإعلامية والمنظمات الدولية لتسويق الحرب كصراع على السلطة، تذكرنا “ود النورة” أن الأمر أكبر من ذلك: إنها معركة وجود، وهوية، وعدالة.
وكان رئيس مجلس السيادة خلال زيارته وكلمته قد حيا مواطني الفاشر، وكادوقلي، والدلنج، وبابنوسة على صمودهم، مؤكداً على أن القوات المسلحة حتماً ستصلهم بإذن الله.
بيان
وحُظي رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان باستقبالٍ مهيب في قرية “ود النورة” من مواطنيها الذين احتشدوا حوله.
ويعود الخبير والمحلل السياسي د. عمار العركي للتعليق مجددًا على زيارة الأمس وقال: إنها لم تكن مجرد محطة رسمية أو نشاطًا تقليديًا، بل مثّلت لحظة استثنائية في مسار الحرب الحالية، ونقطة تحوّل رمزية في العلاقة بين الجيش والشارع السوداني المنكوب بفظائع الميليشيا.
وتابع محدّثي بالقول: في وقتٍ يتكاثر فيه الضجيج السياسي وحكومة الميليشيا المرفوضة وفضيحة المرتزقة الكولومبيين، ظهرت “ود النورة” كأنها تعيد تعريف مفهوم “الشرعية”، لا في غرف التفاوض أو منصات الخارج، بل على ترابٍ مُعفّر بدماء الشهداء، وأمام قبور ما زالت تفوح منها رائحة المجازر.
وأشار د. عمار إلى أن الحشود غير المسبوقة التي خرجت لاستقبال قائد الجيش، ليست فقط لتحيته فحسب، بل لإيصال رسالة إلى الداخل والخارج مفادها: “ود النورة” ليست فقط ضحية، بل شاهد حي على من يقف مع الوطن ومن ينهشه”.
ويواصل العركي ويشير إلى أن وقوف البرهان أمام قبور الشهداء، ومعه وقفت مظلومية شعب بأكمله، تُصنَّف مجزرة “ود النورة” على نطاقٍ واسع كواحدة من أبشع جرائم الحرب التي ارتكبتها الميليشيا. وبالتالي، جاءت هذه الزيارة بمثابة “بيان ميداني” عن أن المعركة مع تلك الميليشيات ليست فقط معركة عسكرية، بل أخلاقية، ومرتبطة بالمصير الوطني.
واختتم الخبير والمحلل السياسي د. عمار العركي إفادته بقوله إنه من الضروري البناء على هذا الزخم الشعبي والإعلامي عبر توثيق الجريمة بشكل كامل وتقديم ملفها لمحكمة الجنايات الدولية، وإطلاق حملة وطنية باسم “شهداء ود النورة” لتعزيز رواية الشعب لا رواية الميليشيا، وتحويل “ود النورة” إلى نصب تذكاري حي للمقاومة المدنية والعسكرية.