سوبرانو احمد دندش ايمان الشريف…نجمة الساحة بلا منازع.!

سوبرانو
احمد دندش

ايمان الشريف…نجمة الساحة بلا منازع.!

لااملّ اطلاقا من الكتابة عن ايمان الشريف، فهي فعلياً قد (تحكرت) وبجدارة على عرش نجومية الساحة الفنية تاركة خلفها عشرات الفنانات من ذوات الخبرة و(العلاقات).
ايمان منذ ولوجها للوسط استطاعت ان تضع (بصمة) ساعدها في ذاك تخيرها الذكي لملعب ابداعها، فاختارت اغنيات التراث والحماس وانتقلت بعدها لمربع اخر من النجاحات.
////////////////

الفنانون…مواقف و( عدادات).!

عدد كبير من الفنانين في بلادي يعشقون (الرسوب) في الامتحانات الكبيرة، تجدهم متربعين في (الصغائر) وتبحث عنهم بـ(تليسكوب الضمير) في المواقف الحقيقية فلا تجد أياً منهم.
أحدهم سألته ذات يوم: (وين انتو من التوعية والرسالة الفنية)؟… فضحك ثم أسند ظهره للأريكة التي يجلس عليها ورد ببرود: (نحن أكتر ناس مهمومين بقضايا المجتمع والتوعية)، ثم طفق يتحدث عن الظروف الاقتصادية وعن وصول خط الفقر لأعلى مستوياته، قبل أن ترتفع رنة هاتفه الجوال ويرد على الطرف الآخر بعصبية: (يا زول العداد دا ما ينقص مليم… مش كفاية نقصناهو قبل يومين وبقيناهو سبعين الف مصري).؟
والعداد اليوم، هو محور اهتمام أي فنان، أما الرسالة الفنية فهي مجرد (قشرة) يرتديها (المغنواتي) عندما يجالس المثقفين والناشطين، وأبلغ دليل على ما أقول هو غياب الفنانين عن كل الأحداث الكبيرة التي تشهدها البلاد وفي مقدمتها (الحرب).
صدقوني، معظم فناني هذه البلاد آخر اهتماماتهم هي المواطن وقضاياه، فلا (ارتفاع أسعار) يدفعهم للتدخل وتناول تلك القضية، ولا (حرب) تلهمهم الوقوف مع الشعب في خندق واحد ضد تلك المحنة ، كل همهم هو تبرير زيادة أسعار عداداتهم، والتقاط الصور التذكارية مع المعجبات، وتبادل (المغارز) و(الفضائح) في (قعدات الجبنات) وأحيانا بـ(الأغنيات).
للاسف، كما تقول حبوباتنا- إن كنا نعتمد على الفنانين في الوقوف إلى جانبنا في مصائبنا فـ(الترابة فى خشومنا) ، لذلك هي دعوة لكل المواطنين بالتدبر والتمعن في علاقة بعض الفنانين بهم، تلك العلاقة التي لا تتخطى (جيوبهم) قيد أنملة.

/////////////////

احمد امين…فنان (مرحلة) ليس الا.!

عاقبني الفنان الشاب أحمد امين على حسن ظني به ورهاني عليه اكثر من مرة، الاولى كانت قبيل سنوات عندما كتبت انه يستحق أن يكون فنان الشباب الاول، ل(يصدمني) قبل الجميع وهو يضع رقما فلكيا مقابل تذكرة دخول حفله في رأس السنة، ذلك الرقم الذي وصل الى الفين وخمسمائة جنيه- هذا كان قبل سنوات من الان-..ولاادري كم بلغت تذكرته اليوم.!
للاسف، خذلني أحمد امين في ذلك الوقت وخذل معي آلاف الشباب الذين رددوا خلفه اغنياته الثورية، كما خذل العمال والمزارعين والموظفين وحتى (صبي الورنيش) الطاهر والذي سألني صبيحة يوم الحفل وانا اعبر بوابة الصحيفة: (يااستاذ صحي تذاكر حفلات رأس السنة بقت بأرنبين ونص)..!؟ و(الارنبان) لغير الناطقين بها هما (الالفان) او (الاتنان مليون)، لأجيبه بحسرة: (اي والله يالطاهر لكن دي حفلة واحدة باقي الحفلات اقل منها)، هنا ابتسم وأجابني وهو يواصل مسح ذلك الحذاء المهتري: (يااستاذ نحن ما بنقدر لو قسموها لينا النص ذاتو).!
وحديث الطاهر (الحزين) كوم، و(المكنة) التي الصقها أحمد امين بنفسه كفنان ثوري ومناضل كوم تاني، تلك (المكنة) التي قام بتغييرها فورا عندما صار الحديث عن (المادة)، وكأني به يمد لسانه ساخرا للجميع ويقول: (انا معاكم بقلبي…. لكن ماتقربوا من جيبي).!
أحمد امين بما ارتكب آنذاك ويرتكب اليوم من غرور وتعالي ونرجسية بمقاطعته للاعلام بشكل عام ، اقتطع تذكرة لعالم النسيان بلا عودة، فان سامحناه على (خطأ)، فلن نسامحه على (الفهلوة) التي مارسها علينا، حيث هيأ لنا انه فنان ثورة ومبادئ، ليتضح في (آخر الفيلم) انه كما بعض السياسيين يستخدمون (كبري المثالية) للوصول لغاياتهم ومكاسبهم (المادية).!
يا ود امين…. اريتهم ياخ كان (درشونا بالدوشكات دريش) قبل مانشوف (عمايالك البيش).!

//////////////////

“حليل الكاسيت”…الغنا بقى ب(القسط).!

قبيل سنوات، كَانَ هَـمّ كل مُتذوِّق للغناء السُّوداني يَقتصر على توفير (5) جنيهات من أجل الحُصُول على شريط كاسيت لفنّانه المُفَضّل، حيث كانت أشرطة الكاسيت هي المُوصل الوحيد (التكنولوجي) لمُنتوج كل الفَنّانين، حَيث لم تَظهر بعد في تلك الفترة العديد من الوسائل التكنولوجية المُتوفّرة حَاليّاً والتي تَعَدّدت وتَنَوّعت حتى صَارَ أمر الحُصُول على جميع أغنيات أيِّ فَنّانٍ لا يتعدّى (ضغطة زر).!
قبل كل شئ، دعوني اعترف بأنّ ما حَدَثَ هو تَطوُّر طبيعي جداً لازم كل العالم – وليس السودان وحسب – لكن كما للتطوُّر إيجابيات، فإنّ له بعض الإفرازات السالبة التي تلقي بظلالها على المشهد، تماماً كما حدث في ما يتعلق بإنتاج الأغنيات السودانية الجديدة، حيث استغل بعض الفنانين (مَنزوعي المَوهبة) تلك النوافذ الإسفيرية والوسائل التكنولوجية الجَديدة وقَامُوا بإغراقها ببعض الأغنيات (الهَايفة)، الأمر الذي أدّى إلى انتشار (الفَوضى) التي نَتَجَت من صُعُوبة فَرض الرِّقابة على تلك النوافذ الإسفيريّة، بعكس السَّابق، حَيث كَانَت شركات الإنتاج الفني التي تَقوم بإنتاج الكاسيت تَفرض ضوابطها على الفَنّان وترفض إدراج أيِّ أغنية غير مُصَنّفة أو خادشة للحياء العام، الأمر الذي أسهم في التّقليل من انتشار الأغاني (الملغومة) – في ذلك الوقت – بينما وَجَدت حَظّها من الانتشار مُؤخّـراً بعد تَعَرُّض سُوق الكاسيت إلى (ضربة قاضية) كلّفته الكثير.
جَانبٌ آخر مُهمٌ للغاية يجب أن نصطحبه معنا في هذه القراءة السريعة لواقع الحال بعد اندثار الكاسيت، وهو الجَانب الذي يَتَعَلّق بـ(تنفيذ) الأغنيات المُنتجة عبر الكَاسيت قَديماً، ذلك التنفيذ عالي المُستوى والجَودة، والذي كَانَ يشرف عليه أساتذة المُوسيقى في البلاد بالتّعاوُن مع أمهر العازفين السُّودانيين، الشئ الذي كان يمنح المنتوج الفني ألقاً كبيراً ويسهم وبشكلٍ كبيرٍ في تقليل الأخطاء، أمّا اليوم فـ(تنفيذ) الأغنيات بَاتَ يقتصر على فَردٍ وَاحدٍ وهو (فني أستديو) يَقُوم بكل تلك الأعباء مِمّا يجعله غير قادرٍ تماماً على إخراج الأغنية بنفس الشكل القديم.
نَعم، انهيار سُوق الكاسيت، كان هو بداية التّدهور الكبير والمُعاناة المُتواصِلة للأغنية السُّودانية مُؤخّراً، فالتنظيم والجودة والإشراف على ما يُنتج عبر الكاسيت لا يتوفّر اليوم للكثير من الأغنيات، الأمر الذي أسهم ولدرجةٍ كبيرةٍ في ضعفٍ بائنٍ في الأغنية الحديثة والتي بَاتَ يُصاحب أغلبها خَللٌ كَبيرٌ في طَريقة التّنفيذ المُوسيقي وحتى في طريقة (العَرض)، تلك العوامل التي تَسَبّبت في تراجُع أغنيتنا المَحليّة بصُورةٍ كَبيرةٍ بحيث بَاتَت لا تقنع الجمهور السُّوداني، نَاهيك عن الجمهور العربي، وهي مُشكلة أخرى تُواجهنا في ما يتعلّق بتصدير أغنياتنا للخارج.

////////////////

ثقافة (القلع)…مع (مراعاة فروق البنج).!

في مُجتمعنا السوداني تنتشر وبصُورةٍ كَبيرةٍ ثقافة (القلع) نجدها مُتوفِّرة في الكثير من الشخوص الذين يتبوأون مقاعدَ (أوسع) بكثيرٍ من قُدراتهم المُتواضعة، مُتزوِّدين بالكثير من (العلاقات والواسطات) وبالقليل جداً من (الإمكانَات)!!
مهنٌ عديدةٌ داخل هذا المُجتمع السوداني قام البعض بـ(اقتلاعها) والاستحواذ عليها دُون أن يمتلكوا القليل من المُؤهِّلات اللازمة لها، الأمر الذي أسهم ولدرجةٍ كبيرةٍ في توقُّف عجلة التّطوُّر بالبلاد، وبالتالي المَزيد من (الإخفاقات) في الكَثير من المجالات.
الوسط الإعلامي هو أحد الأوساط التي تَنتشر فيها وبشكلٍ مُخيفٍ ثقافة (القلع)، خُصُوصاً الإعلام المرئي والمسموع، حيث يُمكن أن نجد مُنتجاً (مَغموراً) يَتَحَكّم في دورة برامجية كاملة لقناة فضائية، أو مُذيعة (فاشلة) لا تمل على الإطلاق من الظُهُور المُتكرِّر و(الأخطاء المُتكرِّرة) كذلك، فيما يسأل المُشاهد بشيءٍ من الدّهشة: (طيِّب ناس القناة ديل صابرين عليها لحدي هسي ليه)..؟
لديّ تجربة شخصية في مجال الإعلام المرئي – لم يحن الوقت بعد لسردها – لَكنّني خلالها تَعَرّفت وعن قُربٍ وبصُورةٍ واضحةٍ للغاية على شُخُوص يُجيدون وبامتياز تطبيق ثقافة (القلع)، أولئك الذين يعتمدون وبشكلٍ كبيرٍ على اقتلاع المساحات من ذوي الموهبة وَضَمِّها إلى الفدادين (البُور) في مُشوارهم الإعلامي!!
عشرات الموهوبين داخل القنوات الفضائية – وحتى الإذاعات – تركوا مهنتهم (مُحبطين) مِمّا يحدث حولهم، بعضهم هاجر الى خارج البلاد والبعض الآخر ظلّ يُراقب المشهد سَاخِرَاً، بينما تَمدّدَ مُجِيدو ثقافة (القلع) داخل تلك المُؤسّسات، ووصل الأمر ببعضهم لأكثر من ذلك، وصاروا – ولسُخرية القدر – يُقيِّمونَ تجارب الآخرين، مع أنّ تجاربهم نفسها تحتاج لمن يُقيِّمها ويُعيد صياغتها من جديدٍ!!
لن ألوم بكل صدقٍ مُدمني ثقافة (القلع) داخل القنوات، بقدر ما ألوم المسؤولين عن إدارة تلك القنوات، فهم بصمتهم عن تلك (الفضائح) يرسِّخون لقاعدتين لا ثالث لهما، أولهما أنهم مُستفيدون مِمّا يحدث بشكلٍ أو بآخر، وثانيهما أنّهم أيضاً ألقت بهم رياح (الصدفة) في تلك المقاعد ورسّختهم أكثر ذَات الثقافة التي نحكي عنها وهي ثقافة (القلع)!!

الغَريب أنّ بعض أطباء الأسنان أنفسهم لا يُجيدون (قلع الضرس) بذات المهارة التي يُطَبِّقها أولئك في قلع (الفُرص) هذا بالطبع مع مُراعاة فروق (البنج)..!

//////////////