درس من كركوج.
ضياء الدين بلال
نعم، انطلقت العديد من المبادرات المجتمعية في القرى والمدن السودانية لترميم ما دمرته وخربته المليشيا المتوحشة في تلك المناطق. لكن للأسف، لم تحظَ هذه الجهود بالتغطية الإعلامية التي تستحقها على نطاق واسع.
أتمنى أن نسعى جميعًا إلى تسليط الضوء على تلك الملحمة المجتمعية الملهمة، التي عبّرت عن أعظم الفوارق حين يتقدّم المجتمع على الدولة، ويتحمّل مسؤوليته الوطنية بكفاءة وشرف.
ومن بين هذه المبادرات الملهمة، أرسل لي الصديق العزيز الأستاذ عثمان كباشي، رئيس التحرير المناوب في الجزيرة نت ومدرب الصحافة الرقمية بمعهد الجزيرة للإعلام، هذه الرسالة:
“لما اقتحمت المليشيا بلدتنا كركوج، أطلقنا – بفضل الله، ثم بجهد المغتربين ودعم بعض المقتدرين من أبناء البلدة – مبادرة (أبناء كركوج بالمهجر).
بدأنا بدعم المحاصرين داخل البلدة ماديًا، إضافة إلى النازحين، وتكفّلنا بعلاج المصابين برصاص المليشيا. كانت شراكتنا مع شباب الداخل محفوفة بالمخاطر.
وبمجرد ما انسحبوا من البلدة، ركزنا على إعادة المياه، فأهلنا ست آبار من أصل تسع، باستخدام منظومات الطاقة الشمسية.
ثم انتقلنا لتأهيل المدارس تمهيدًا لاستئناف العملية التعليمية.
معظم هذه الجهود قادها شباب البلدة، وبتوجيه من بعض كبارها، حيث تشرفت برئاسة الهيئة الاستشارية للمبادرة، ورافقني فيها عدد من الأحباب.
خلاصة التجربة أن انتظار الحكومة في مثل هذه الظروف لا يجدي، ولا بد من تفعيل الأدوار المجتمعية.”
إنها شهادة مُلهمة، تجسّد جوهر العمل الأهلي حين يُبادر وينهض بلا انتظار، ودرسٌ بالغ الأهمية في استرداد الوطن من أطلال الدمار بسواعد أهله. فلنحرص على توثيق هذه النماذج، فهي بعض من شعاع الأمل في زمن المِحنة.