للحقيقة لسان
رحمة عبدالمنعم
(خيانة المتعاونين)..جريمة لا تُغتفر
وسط أجواء الحرب التي مزقت السودان، برزت خيانة بعض أبناء الوطن الذين تواطؤوا مع مليشيا الدعم السريع، وأصبحوا أداة لتنفيذ جرائمها الوحشية، في العديد من المناطق التي دخلتها هذه المليشيا، كان المتعاونون هم المرشدين الذين دلوا المرتزقة على منازل الأسر وأماكن ممتلكات المواطنين، لم تتوقف خيانتهم عند هذا الحد، بل تجاوزته إلى المساهمة المباشرة في جرائم مروعة، من قتل واستهداف رجال الجيش والشرطة إلى اغتصاب النساء العفيفات، في جرائم تهتز لها الإنسانية.
هؤلاء المتعاونون يمثلون خطراً أكبر من عناصر المليشيا أنفسهم، لأنهم جزء من المجتمع ويعرفون تفاصيله، مما يجعلهم أدوات فعّالة في تنفيذ أبشع الجرائم، خيانتهم ليست فقط انحرافاً عن الولاء للوطن، بل مشاركة مباشرة في تدمير النسيج الاجتماعي وتأجيج معاناة المواطنين.
هذه الجرائم لا يمكن السكوت عليها أو التسامح مع مرتكبيها، الخيانة التي تسببت في قتل الأبرياء وتشريد الأسر واغتصاب النساء تتطلب عقوبات صارمة ورادعة ،لا بد من تقديم هؤلاء المتعاونين إلى العدالة بعد انتهاء الحرب، ومعاقبتهم بأشد العقوبات، بما في ذلك الإعدام في الحالات التي يثبت فيها تورطهم في الجرائم الكبرى
العدالة ليست فقط انتقاماً ممن خانوا وطنهم، بل هي حماية للمجتمع وضمان لعدم تكرار مثل هذه الجرائم مستقبلاً، إن محاسبة المتعاونين مع المليشيا رسالة واضحة لكل من يفكر في الخيانة: الوطن لا ينسى، والعدالة ستطال كل من خان وساهم في معاناة شعبه ،العقاب الرادع هو السبيل الوحيد لضمان حماية السودان من الداخل قبل الخارج، وضمان أن تظل كرامة الشعب وأمنه فوق كل اعتبار.
الخيانة ليست مجرد عمل فردي يمكن تجاوزه أو التغاضي عنه، بل هي طعنة غادرة في خاصرة الوطن وأبنائه، عندما يكون الخائن أحد أفراد المجتمع، فإنه لا يخون فقط أسرته وأقاربه، بل يخون دماء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل الحفاظ على وحدة السودان وسلامة شعبه ،إن هذه الأفعال المشينة لا تبررها أي دوافع شخصية أو مادية، فهي تنسف كل معاني الوطنية والإنسانية، وتفتح الباب أمام المزيد من الفوضى والدمار
على السلطات والمجتمع معاً التصدي لهذه الظاهرة بكل حزم،فإلى جانب المحاسبة القانونية الصارمة،يجب أن يكون هناك عمل مجتمعي لتعرية هؤلاء المتعاونين ونبذهم اجتماعياً، ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه السير على نفس الطريق،كما أن التصدي للخيانة يحتاج إلى تعزيز روح الوطنية والوعي،حتى يدرك الجميع أن الخيانة لا تؤدي إلا إلى مزيد من الخراب والدماء،وأن الوطن دائماً أكبر من أي مصالح شخصية أو ارتباطات مشبوهة.