للحقيقة لسان رحمة عبدالمنعم في حضرة والي البحر الأحمر

للحقيقة لسان

رحمة عبدالمنعم

في حضرة والي البحر الأحمر

في مدينة بورتسودان، حيث الموج الأزرق يعانق الشاطئ، وحيث تنبض الولاية بإرثها البحري والتاريخي، كان اللقاء مع والي البحر الأحمر الفريق الركن مصطفى محمد نور لقاءً استثنائياً، يحمل في تفاصيله ملامح قائد زاهد في المناصب، متشبث بحب الوطن، ومؤمن بأن القيادة ليست سلطة بل تضحية.

كان اللقاء ضمن وفد صحيفة الكرامة الذي حطّ رحاله في بورتسودان، المدينة التي لم تعرف الراحة منذ أن عصفت بها تداعيات الحرب ،في قاعة بسيطة تتنفس التواضع، جلس الفريق الركن مصطفى محمد نور، لم يكن حديثه إلا مرآة تعكس شفافية الرجل وقلبه المفعم بالإصرار.

على ملامحه، قرأتُ حكاية ولاية تقف على أعتاب تحديات كبرى، يثقل كاهلها ضغط سكاني قفز بسكانها من 500 ألف إلى ما يقارب 4 مليون. ورغم ذلك، لم تكن الأرقام مدعاة للشكوى، بل كانت دافعاً لصناعة حلول تكاد تنطق بعبقرية قائد يسابق الزمن لتقديم الأفضل.

بكلمات واضحة وحازمة، تحدث الوالي عن الأمن في الولاية، مؤكداً أن التهديدات الأمنية لم تُغفل لحظة واحدة، وأن العيون الساهرة تحفظ للولاية أمنها واستقرارها، الإشارة إلى القبض على عناصر المليشيا التي حاولت التسلل بأزياء مدنية كانت شاهداً على يقظة القيادة وصلابة الموقف.

الجهود المبذولة في معالجة أزمة النازحين أظهرت جانباً إنسانياً يعكس قيم المسؤولية تجهيز 60 مدرسة و1500 خيمة لاستيعاب الوافدين لم يكن مجرد أرقام، بل حكاية عطاء امتدت لتوفير الأمان والكرامة لآلاف الفارين من جحيم الحرب ،المبادرة التي أطلقتها الولاية لترحيل أكثر من 3700 شخص إلى مدينة ود مدني كانت عنواناً آخر لحنكة إدارة تدرك أهمية التخفيف عن كاهل الولاية.

في ملف المياه، استمعنا إلى بشرى صيف خالٍ من العطش، كان الحديث عن منبع أربعات بمثابة رواية انتصار، حيث العمل المستمر بالتعاون مع المنظمات الدولية لضمان استقرار الإمدادات، أما القطاع الصحي، فقد شهد نقلة نوعية، مع تعزيز المستشفيات بالأجهزة الحديثة وافتتاح مراكز جديدة لغسيل الكلى، في صورة تروي حكاية ولاية تواجه الحرب بصبر وقوة.

في أثناء الحديث، أطل ملف الاستثمار، الذي لم يخلُ من إشارات مبشرة، حيث استطاعت الولاية جذب مستثمرين عرب رغم الظروف العصيبة ،تأكيد الوالي على انتظام دفع الرواتب وسداد المتأخرات كان شاهداً آخر على التزام رجل يعمل بإخلاص في صمت.

لم يكن اللقاء مجرد استماع لتقرير رسمي، بل كان جلسة تأمل في شخصية تنفيذية ناجحة، الفريق الركن مصطفى محمد نور، رجل اختزل معاني القيادة في أفعال
تخدم الناس، وابتعد عن الأضواء ليبقى قريباً من معاناة المواطنين.

حين غادرنا المكان، بقيت كلمات الوالي ترن في الأذهان: “العمل لا يعرف المستحيل عندما يكون الهدف خدمة الناس” كان اللقاء درساً في الإخلاص والتفاني، وتجسيداً حقيقياً لمعنى القيادة في زمن يحتاج فيه الجميع إلى أيدٍ تبني وأفكار تبتكر حلولاً لتحديات لا تنتهي.