علم الدين عمر يكتب:محفظة السلع الإستراتيجية..قوامة الدولة وتحدي المصارف..(1-2)

حاجب الدهشة
علم الدين عمر
محفظة السلع الإستراتيجية..قوامة الدولة وتحدي المصارف..(1-2)..
..في يوليو من العام الماضي طرح بنك السودان المركزي مبادرة لإنشاء محفظة تمويل السلع الإستراتيجية في محاولة أخيرة لتدارك تحديات إنهيار العملة السودانية في مواجهة الطلب المتزايد علي النقد الأجنبي لمجابهة مطلوبات إستقرار الواردات الإستراتيجية ولتلك المبادرة خلفية تاريخية ربما تجاوزتها رواصد الحملة الشرسة التي أنتظمت الأوساط هذه الأيام لإتهامها وضرب مآلاتها عقب دخول بنك الخرطوم وأستجابته للمبادرة بمبلغ سبعمائة وخمسين مليون دولار وفرها البنك من أموال العملاء ومدخراته في زمان المسغبة وتراجع الضمانات ..وعلي الرغم من إعتراض بعض قيادات البنك أو تحفظهم علي الدخول في هذه المجازفة شديدة الخطورة إلا أن إدارة البنك قررت الإستجابة للمبادرة لصالح المساهمة الفاعلة والحقيقية والمتقدمة في المعركة الشاملة التي حاولت من خلالها القوي المعادية الإحاطة بالدولة السودانية سياسياً ومجتمعياً وإقتصادياً إذ وجدت الدولة نفسها في مواجهة تحديات متناسلة وغير محدودة كان المسار الإقتصادي أكثرها تعقيداً وخطورة ..فمنذ تسلم المتمرد حميدتي ومليشياته السياسية والمدنية لما عرف حينها باللجنة الإقتصادية بدأت خيوط المؤامرة تنسج حول بنية الإقتصاد السوداني وبدأت عملية إنهيار العملة السودانية حتي وصل سعر الدولار الأمريكي الواحد أكثر من ألفين وخمسمائة جنيه سوداني وبدأ ميزان الواردات الإستراتيجية في الترنح..
المحفظة التي تعمل تحت الإشراف المباشر للبنك المركزي هي الإختراق الأمثل لأزمة تدني قيمة الجنيه السوداني بسبب الحرب حيث تخضع للمراجعة القانونية وتلتزم بمعايير الحوكمة والشفافية ولا يتدخل البنك في عملية إختيار الموردين للسلع المستهدفة التي تدار بآلية تنسيق بين الوزارات والمؤسسات المعنية بها ..
ولعل النقطة الأهم التي أثار البعض حولها الكثير من الغبار هي المتعلقة بفتح المحفظة أمام كافة البنوك السودانية الراغبة في الإنضمام إليها ..
ولابد في هذا السياق من الإقرار بقوامة البنك المركزي علي القطاع المصرفي بسياساته ولوائحه ومعلوماته وبالتالي فبنك السودان هو الجهة المعنية بتقدير مقدرات المصارف والبنوك من حيث الأداء المالي والفني ولا تخفي عليه خافية في هذا الإطار وما من شك أنه يتابع حركة الأداء المصرفي بحكم إشرافه عليها ..
إستجابة بنك الخرطوم وموافقة البنك المركزي عليها هو شأن فني بالكامل تقدره الدولة وفق معايير دقيقة ودراسات وتوصيات فنية غير متهمة وتتسق مع النظام الأساسي للمحفظة المفتوحة لكل البنوك السودانية والذي يمضي في إتجاه الشراكة وليس الإحتكار كما روج له البعض ..
شراكة مفتوحة بادر بنك الخرطوم بقبولها ووفر لها سبعمائة وخمسين مليون دولار بينما دخلها بنك السودان بمائتين وخمسين مليوناً ولا زالت مفتوحة لتلقي طلبات المصارف القادرة علي الدخول بما تستطيع من مبالغ فما تم حتي الآن إنما هو المرحلة الأولي من هذه الشراكة الهامة التي يسعي بنك السودان لتأسيسها والخروج منها تدريجياً بما يتماشي مع سياساته في إنجاح المشاريع الإقتصادية ..
نعود غداً إن شاء الله للحديث عن رؤية المحفظة لتنظيم إستخدام الموارد النقدية وأهدافها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top