.مني أبوزيد
هناك فرق – رومانسية وما أدراك..!
“*” الموسيقى التي تعزف في حفلات الزواج تذكرني بتلك التي تعزف للجنود قبل خوض المعارك” .. هاينرش هاينة ..!*
“عندما قابل الموت صوتي سيبقى قلبي متكلماً” قبل بضعة عشر عاماً اقتبست مطبوعة إسبانية رائحة هذه الكلمات من شعر طاغور للتنديد بيروقراطية القوانين التي دفعت بعض المسئولين في بلدية غرناطة لإصدار قرار صارم بإزالة كلمة “أحبك” التي كتبها أحد عشاق المدينة ـ بكل اللغات ـ على أرضية الشارع، هدية لحبيبته في عيدهما الأول ..!
وهذا يؤكد أن أهم القضايا الجديرة بالتناول الإعلامي كانت بحسب بعض الصحف الإسبانية مسألة لا تنفصل عن شيوع ثقافة الرومانسية في ذات البلد التي وضعها بابلو نيرودا “في القلب” وعكَس لأجلها حكمة الموعد الشهيرة، فأضحى الموعد عنده “خير أن لا يحدث أبداً من أن يحدث متأخراً” ..!
سطوة الرومانسية هي ذاتها التي جعلت نجماً سينمائياً مثل توم كروز يقفز كالأطفال على أريكة برنامج أوبرا وينفري الشهير، ممزقاً عن قصد وطيب خاطر صورة حوار تلفزيوني رصين وضارباً عرض الحائط بكل احتجاجات الصحافة الأمريكية اللاحقة على تلك السابقة الخرقاء..!
لكن ذات الفعلة التي احتجت عليها معظم الصحف راقت جداً للجمهور الأمريكي الذي يفهم الرومانسية كما يراها توم كروز. وعن هذا المعنى يقول شاعر فرنسا بول فاليري “إن الذي يحاول تعريف الرومانسية لا بد أن يكون شخصاً غير متزن” لأنه يكون بذلك كمن يطارد معنى فضفاض وحمّال أوجه..!
هذا ما كان من أمر الرومانسية عند الهنود أهل طاغور والتشيليين عشيرة نيرودا والأسبان قبيلة لوركا والفرنسيين شعب فاليري، أما السودانيون أهل صلاح أحمد إبراهيم والفيتوري ومصطفى سند وروضة الحاج ومحمد عبد الباري فيعتقد معظم رجالهم وبعض نسائهم أن الرومانسية من نواقض الرجولة..!
وهؤلاء هنالك دراسة تمثلهم قامت بها إحدى المؤسسات البحثية البريطانية التي تعنى بالتنقيب في سلوكيات البشر – وفقاً لإجاباتهم عن مجموعة أسئلة يضعها خبراء يعلمون ما يفعلون – أكدت نتائجها أن الرومانسية بين الأزواج تنتهي بعد مرور سنتين وستة أشهر وخمسة وعشرين يوماً..!
الدراسة التي أجريت على خمسة آلاف من الأزواج الذين مر على زواجهم أكثر من عشر سنوات أوضحت مسوحها الإحصائية أن أكثر من ثلث الخمسة آلاف إياهم قد توقفوا عن الاحتفال بعيد زواجهم بعد مرور ثلاث سنوات ..!
بينما اعترف أكثر من الثلثين من الرجال بأنهم يقذفون ملابسهم المتسخة على نحو فوضوي، دونما أدنى مراعاة لمشاعر زوجانهم، وأكدت معظم النساء على أنهن لا يبذلن أدنى مجهود ليبدون جميلات في عيون أزواجهن..!
لكن الجميل الذي يناسب جدًا طبيعة الزواج السوداني في نتائج تلك الدراسة هو تأكيدها في نهاية الأمر على أن معظم هؤلاء الأزواج لا يفكرون أبداً في تغيير شركائهم ..!
يإذن المشي بلا مبالاة على أطراف الروتين، والوقوع ببساطة في فخ الاعتياد، والإذعان لمسألة القسمة والنصيب ليست ماركة سودانية مسجلة!.
munaabuzaid2@gmail.com