إختيار تاريخه للإحتفال بذكراها ليس مجرد صدفة أو توارد خواطر …
الإستقلال …وقصة* *الثورة الموؤودة ..
الدعوة لأسقاط دولة* *56* *..حين يغالط الجهل التاريخ والمنطق…
تكسرت نصال المحاولة اليائسة حلطمس هوية السودانيين بإشعال الحرب
مبنى برلمان الإستقلال تحول لمقر لجنة إبتزاز وسرقة السودانيين..
قراءة وتحليل / علم الدين عمر..
..وعلي هوامش التاريخ ..وحادثاته العظام وشواهد مجده الموثق أبتدر الشعب السوداني قصة الكفاح التراكمي في القارة السمراء حيث أعلنت القوي الوطنية الموحدة وراء شعاراتها الباذخة علي أنقاض الحرب العالمية الثانية وبفعل التراكم النضالي في التاسع عشر من ديسمبر من العام خمسة وخمسين وتسعمائة وألف عن إستقلال السودان من داخل البرلمان ..
المشكل يومها من قوي متباينة في وسائلها مجتمعة علي غاياتها …وبذلك أصبح 19 ديسمبر هو التاريخ الفعلي لإعلان الإستقلال من داخل البرلمان أيذاناً بميلاد دولة ستة وخمسين التي أتخذتها المؤامرة علي السودان أيقونة لتدمير الدولة السودانية وتاريخها إستناداً لديسمبر آخر..
دولة ستة وخمسين ..
..أجتمعت أطياف المجتمع السوداني بتشكيلاتها السياسية والأهلية وتحالفاتها الدولية والإقليمية للإصطفاف وراء دعوة الزعيم إسماعيل الأزهري حيث أنعقدت جلسة البرلمان السوداني رقم (43) يوم الإثنين التاسع عشر من ديسمبر من العام خمسة وخمسين وتسعمائة وألف ميلادية في تمام الساعة العاشرة صباحاً ومضي لتبني مقترح العضو عبدالرحمن محمد إبراهيم دبكة نائب دائرة نيالا الغربية (البقارة) الذي تمت تنثيته من قبل نائب دائرة دار حامد غرب (شمال كردفان) مشاور جمعة سهل بإعلان الإستقلال من داخل البرلمان حيث طلب النائب عبدالرحمن دبكة فرصة لمخاطبة المجلس قائلاً: سيدي الرئيس أرجو أن أقترح الآتي / تقديم خطاب لمعالي الحاكم العام ينص علي قرار أعضاء مجلس النواب بالإجماع بإسم الشعب السوداني بأن السودان قد أصبح دولة مستقلة كاملة السيادة ونرجو منكم أن تطلبوا من دولتي الحكم الثنائي الإعتراف بهذا الإعلان فوراً.
ثم تحدث نائب دائرة دار حامد غرب مشاور سهل ليقول: أقدر مدي الشرف الذي يناله مقترح هذا الأمر ومثنيه في جلسة كهذه سوف يسجلها في سجل الشرف تاريخ هذه البلاد المجيدة وسوف تكون حداً فاصلاً بين عهد الإستعمار وعهد الحرية الكاملة والسيادة التامة والإنعتاق ..أثني المقترح وأهنئ زملائي النواب والشعب السوداني بهذا التوفيق وبفجر الحرية الذي يطل اليوم من هذه القاعة .
ثم خاطب الجلسة الزعيم إسماعيل الأزهري مردداً قولته الشهيرة: اليوم نعلنها داوية ومن داخل هذا البرلمان ..إن السودان حر مستقل بكل حدوده الجغرافية ..
وبذلك أُعلن اليوم الأول من يناير يوماً للإحتفال بتتويج إعلان 19 ديسمبر كيوم لإستقلال السودان .. وبدأت مسيرة دولة ستة وخمسين ..التي حولتها القوي التي سرقت ثورة الشعب السوداني العظيم في التاسع عشر من ديسمبر من العام ثمانية عشر وألفين لدولة مستهدفة من داخل قبة البرلمان نفسه الذي أعلن من الأجداد إنتصارهم العظيم وريادتهم لثورة الأستقلال في أفريقيا .
*بداية المؤامرة ورمزية التاريخ..*
بينما يستعد السودانيون كما هي العادة في كل عام للإحتفال بذكري إعلان الإستقلال من داخل البرلمان في التاسع عشر من ديسمبر في العام عشرين وألفين فوجئت الأوساط ومؤسسات الدولة وعقب صدور بيان رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان بهذه المناسبة العظيمة بإصدار رئيس مجلس الوزراء لبيان إحتفال بثورة ديسمبر تسعة عشر وألفين مهنئا السودانيين بها متجاوزا ذكري إستقلال السودان ..
فعل ذلك متعللاً بوهج الثورة التي سرقتها القوي المتأمرة علي تاريخ ومستقبل البلاد ..منتشياً بألتفاف جماهير الشعب حولها ..متباهياً بتحقيق وعد الإستعمار القديم بأدواته الجديدة مفتخراً بصرف المملكة المتحدة عليه وعلي مكتبه وحكومته ..محولاً المبني التاريخي لبرلمان الإستقلال لمقر لجنة إبتزاز وسرقة أموال السودانيين ..
*ثورة 2018م .*
في السادس من ديسمبر من العام 2018م أنطلقت شرارة الثورة الشعبية من بلدة مايرنو في ولاية سنار ..وسط السودان بالتزامن مع إحتجاجات محدودة بمدينة الدمازين بإقليم النيل الأزرق قبل أن تنتقل لمدينة عطبرة شمال البلاد ثم إلي العاصمة الخرطوم ومدن البلاد الأخري حتي أستلم المجلس العسكري الإنتقالي السلطة في الحادي عشر من أبريل من العام تسعة عشر وألفين ..لتستمر الإحتجاجات حتي مرحلة وصول أحزاب أئتلاف قوي الحرية والتغيير لتشكيل حكومة برئاسة الدكتور عبدالله حمدوك في التاسع عشر من ديسمبر ..التاريخ الذي يبدو أن الإعداد له قد تم بعناية كبيرة في سبيل محو تاريخ الدولة السودانية الحديثة وإعتباره تاريخاً جديداً لها علي أنقاض ما عُرف لاحقاً بدولة ستة وخمسين.
*التاريخ يفند الإدعاءات…*
مقدم مقترح إعلان الإستقلال من داخل البرلمان (أول برلمان سوداني) في جلسته التاريخية يوم 19 ديسمبر 1955م هو النائب عبدالرحمن محمد إبراهيم دبكة نائب دائرة (البقارة غرب) إحدي دوائر إقليم دارفور (التي تدعي مليشيا الدعم السريع وجناحها السياسي بقيادة عبدالله حمدوك) إنطلاقاً منها ومن مكونها المجتمعي أنها تحارب دولة ستة وخمسين.
والده هو الناظر إبراهيم دبكة ناظر عموم قبيلة البني هلبة ومقر النظارة بمنطقة عد الفرسان بجنوب دارفور وليس الخرطوم أو الشمالية أو نهر النيل والجزيرة .
*.* مثني هذا المقترح هو السيد مشاور جمعة سهل إبن الزعيم القبلي الكبير جمعة سهل وهو نائب دائرة دار حامد غرب بشمال كردفان ..
تلك هي دولة ستة وخمسين التي أسسها الآباء من كل بقاع السودان بقوميتهم الباذخة ورؤيتهم الثاقبة لما ينبغي أن تكون عليه الدولة السودانية والمجتمع السوداني..
أسسوا هذه الدولة علي هدي واضح من القومية والتراث والممسكات لوحدة وطنية حقيقية تحمل جينات الثبات والتقدم والتنوع.
لتتكشف من بعد خيوط المؤامرة علي هذه البلاد وموروثاتها وتاريخها ومستقبلها .
التاسع عشر من ديسمبر هو ذكري إعلان الإستقلال من داخل البرلمان ولن يكون إختيار هذا التاريخ للإحتفال بذكري الثورة اللاحقة مجرد صدفة أو توارد خواطر تاريخية .
وقد تكسرت نصال هذه المحاولة اليائسة لطمس تاريخ وهوية الشعب السوداني بإشعال هذه الحرب علي صخرة الجيش والشعب السوداني الصلدة العصية علي الهزيمة.