هناك فرق
مني أبوزيد
– لا مجال للمقارنة ..!
*”الذين يبررون المجازر ليسوا حمقى ولا تم التغرير بهم، إنهم شركاء في تلك الدماء حتى آخر قطرة”.. الكاتبة..!*
المقاطع التي انتشرت في الأيام الماضية والتي تعود بعضها لحوارات أجرتها قناة العربية مع عبد العزيز الحلو، سليمان صندل، وعبد الواحد محمد نور، فضلاً عن اللقاء الذي جمع فيه أحمد طه على قناة الجزيرة بين أسامة عيدروس والوليد مادبو، لا يختلف المنطق الذي تحدث به بعض أعوان وأبواق المليشيا عبرها عن المنطق الذي تحدث به قائد مرتكبي مجزرة الصالحة..!
وهو أحد تمظهرات أسلوب المغالطات المنطقية الذي ظل المتورطون مادياً ومعنوياً في جرائم هذه المليشيا منذ اندلاع هذه الحرب يلجأون إليه لزعزعة الثقة بين الجيش والشعب والترويج للأكاذيب وللتغطية على بشاعة الجرائم التي تستهدف المدنيين الأبرياء مع سبق الإصرار والترصد باسم الديمقراطية..!
حتى إذا ما أفلس الواحد منهم وتقطعت به السبل في دروب الحيل لجأ إلى – أو إلى واحد من – ثلاثة مواضيع “كيف أن الإنقاذ هي التي أنشأت الدعم السريع، وكيف وكم أن الإسلاميين هم الذين أشعلوا هذه الحرب، وكيف أن الجيش أيضاً يقوم ارتكاب جرائم في حق المدنيين”..!
بالله عليك، إذا سألت إحدى السيدات اللاتي تم اغتصابهن وقتل آبائهن وأزواجهن وإخوانهن قبل وبعد نهب ممتلكاتهم، أو أحد الرجال الذين تم اغتصاب أخواتهم وزوجاتهم وأمهاتهم خلال هذه الحرب – إذا سألتها أو سألته – عن مدى أهمية السؤال عن من الذي أطلق الرصاصة الأولى في هذه الحرب، فبماذا تعتقد أنه سوف يجيبك..!
إذا قابلت أحد الناجين من الإعدام ذبحاً أو القتل حرقاً أو الدفن حياً خلال جرائم الإبادة الجماعية التي كانت مليشيا الدعم السريع ولا تزال تقوم بارتكابها في قبل وأثناء هذه الحرب، وسألته عن مدى أهمية السؤال عن من الذي أنشأ قوات الدعم السريع، فبماذا تعتقد أنه قد يجيبك..!
إذا سألتني أنا أو سألتك أنا عن مدى أهمية أو تأثير مثل هذا النوع من الأسئلة في عملية الحكم على طبيعة جرائم حرب وانتهاكات مليشيا الدعم السريع بحق المواطنين المدنيين العُزَّل من القتل إلى الحرابة إلى الاغتصاب إلى التعذيب.. إلخ.. فبماذا قد تجيبني أنت وبماذا سوف أجيبك أنا..!
لكن الأسئلة الواردة أعلاه تافهة وبلا جدوى، فضلاً عن كونها تتاخم الوقاحة وتقف بثبات على أعتاب التسفل والانحطاط إذا ما تمت مقارنة أهمية الإجابة عليها بهول وفظاعة الجرائم التي تقوم مليشيا الدعم السريع بارتكابها في حق المدنيين الأبرياء منذ اندلاع هذه الحرب..!
ما نراه اليوم من مثقفين وسياسيين يلوون أعناق الحقيقة، ويطوّعون الكلمات لتبرير أو تبرئة جرائم هذه المليشيا ليس سوى انحطاط أخلاقي صارخ. هؤلاء الذين يُفترض أن يكونوا ضمير المجتمع اختاروا أن يكونوا أبواقًا للكذب، يغسلون الدم بالمغالطات، ويدفنون جرائم الحرب تحت ركام التصريحات الفارغة..!
أمام مذابح المدنيين لا مكان للمواربة أو التبرير أو الاصطفاف الغبي خلف شعارات زائفة، ومن يبرر الجريمة فهو شريك أصيل فيها، ومن يصمت فهو شاهد زور يتقاضى أجر خيانته..!
وهكذا، تتهاوى نخبة كانت تدّعي قيادتنا نحو وطن أفضل، فإذا بها اليوم تهرول خلف مصالحها الضيقة، متنازلةً عن آخر ما تبقى لها من بقايا إنسانية!.
munaabuzaid2@gmail.com