قطع مهمته فى “الجوازات” ملبيا نداء الوطن .. البطل رائد شرطة غسان أحمد إبراهيم “للكرامة”: (…..) هذه قصة فقد ذراعي فى معركة “سقوط الاحتياطي” ..

قطع مهمته فى “الجوازات” ملبيا نداء الوطن .. البطل رائد شرطة غسان أحمد إبراهيم “للكرامة”:

(…..) هذه قصة فقد ذراعي
فى معركة “سقوط الاحتياطي” ..

فرد من المليشيا استولى على هاتفي وقال لوالدي ( ولدكم قتلناه)…

أمنت دخول اللواء ايوب للاحتياطي وربطته بالفريق خالد حسان..

*إستطعنا صد الهجمات على المعسكر والمليشيا حسمت الأمر بمسيرة .

*لولا السلاح الذي ارتديه لانقسمت الى نصفين..

*كان هناك أمل لإعادة ذراعي إلى موضعها ولكن ..

*لهذا السبب (…..) التحقت بالمرور ولم اعد للجوازات .

يعد الرائد شرطة غسان أحمد إبراهيم أحد رموز معركة”الكرامة”، الذين قدموا أنفسهم فداء للوطن، دون أن يتخاذل أو يقف في صفوف المتفرجين .
غسان وعند إندلاع الحرب كان في طريقه الى مدينة الجنينة ليتولى مهمته الجديدة بإدارة الجوازات، بعد أن تمت ترقيته، فأبى وقتها إلا أن يسلم نفسه لأقرب وحده فكانت شرطة الإحتياطي المركزي.
لم يتردد وقتها أو يتهيب الأمر بعد أن تم توزيعه في البوابة الرئيسية، وهو يقف في مواجهة المليشيا بلا ساتر أو حاجز في كل هجماتها التي نفذتها، والتي بلغ عددها منذ التحاقه وحتى سقوط المعسكر نحو 11 مرة.
أكد غسان في حديثه لـ”الكرامة” أنهم استطاعوا الدفاع عن المعسكر على الرغم من تنوع أسلحة المليشيا قبل أن تحسم الأمر مسيرة فقد على إثرها ذراعه.
تفاصيل كثيرة بدأت من إدارة الجوازات ثم الاحتياطي المركزي وانتهت بالإدارة العامة للمرور، تجدونها في السياق التالي..

حوار: هبة محمود

من إدارة الجوازات إلى الإحتياطي المركزي ملبيا نداء الوطن .. تفاصيل لرواية انتهت بفقد ذراعك اليمنى، فكيف كانت البداية؟

أنا كنت اتبع لإدارة الجوازات و أعمل في مطار الخرطوم بصالة المغادرة، وقبل الحرب بيومين وتحديداً يوم الخميس تمت ترقيتي إلى رتبة رائد ونقلي للعمل في جوازات الجنينة، وكان من المفترض يوم الأحد 16 ابريل أن أقوم بتسلم أمر التحرك لكن الحرب إندلعت السبت.
حينها أخرجت اسرتي ووالدي وذهبت بهم إلى منطقتنا (أبوقوتة) بولاية الجزيرة وعقب عيد الفطر عدت مرة أخرى إلى المنزل بطيبة الحسناب وظللت جالس به الى أن علمت من زملائي أنهم قاموا بالتبليغ إلى وحدة الإحتياطي المركزي، وفعلت مثلهم وتم توزيعي في البوابة الرئيسية في الجهة الغربية.

*ألم تتهيب المواجهة خاصة أن الإحتياطي كان وقتها يتعرض لهجوم كثيف وأنت القادم من إداراة الجوازات، وهي ذات طبيعة إدارية أكثر من كونها أي شيء آخر؟

بالفعل الإحتياطي كان يتعرض لهجوم كثيف والأسلحة متنوعة، فمنذ أن التحقت به إلى أن سقط تمت مهاجمته 11مرة، ولكن رغم ذلك لم اتهيب.

*هل عملت في إدارة أخرى غير إدارة الجوازات؟

أنا كل فترة عملي كانت في الجوازات والسجل المدني منذ العام 2013 ، إلا أنني رغم ذلك لم اتردد ولا لحظة، لأن البلد كانت في حالة خراب وفوضى وهذا واجبي …

* كم هي مدة التحاقك بالإحتياطي المركزي حتى لحظة سقوطه؟

شهر و نصف.. أنا التحقت يوم 15مايو و الإحتياطي سقط يوم 25 يونيو.

* قبل الحديث عن تفاصيل الهجوم الأخير الذي إنتهى بفقدك لذراعك، حدثنا عن قصة تأمين اللواء الراحل أيوب عبد القادر ودخوله الإحتياطي.. أنت كنت مكلف بالتأمين؟

نعم .. كان هناك حديث كثيف عن وصول اللواء أيوب إلى منطقة طيبة وقتها فقمت بالتواصل معه وسألته عن حقيقة ذلك فأكد لي أنه لم يدخل بعد لكن ينوي دخول الاحتياطي المركزي فاخبرته انني في الاحتياطي، فطلب مني اعطاءه الفريق خالد حسان مدير عام قوات الشرطة عبر الهاتف وبالفعل تم ذلك، وتم التنسيق بينهم وتم تكليفي بسرية التأمين..

*العملية كانت بسيطة أم إعترتها تعقيدات؟

الدخول كان عبر تامين الجهة الشرقية من الاحتياطي المركزي، والعملية بدأت منذ صلاة الفجر حتى استطاع اللواء أيوب الدخول في الساعة التاسعة مساءً .. كنا نتعامل مع العربات القريبة، اما البعيدة يتعامل معها الطيران.

*احكي لي كيف ومتى تمت إصابتك؟

أنا اصبت في الهجوم الأخير الذي سقط فيه الإحتياطي المركزي، وعلى الرغم من الهجوم المكثف إلا أننا كنا قادرين على صده لكن الذي حسم الأمر هو مسيرة، وقتها أصبت تحت منطقة الكوع في يدي اليمين وشعرت بتنميل وفصل في العظم واكتشفت بعدها أن اليد أصبحت معلقة على اللحم فقط، عندها تم إسعافي من قبل إثنين من الزملاء إلى المستشفى التركي، وانا اعتقد أنه لولا السلاح الذي كنت ارتديه لكنت قسمت إلى نصفين ولكنه لطف الله .

*كيف ذلك؟

السلاح الذي نرتديه لديه طريقة معينة لرداءه، وعندما تم ضربنا بالمسيرة، السلاح في منطقة الوسط حماني، لكن اصبت في يدي تحت منطقة الكوع.

*هل علمت أسرتك على الفور؟

قام أحد أفراد المليشيا الذي استولى على هاتفي بالاتصال بوالدي، قائلاً له ( ولدكم قتلناه) فبدأ الناس حينها يأتون إلى أسرتي على أساس أنني توفيت، بعدها عاد واتصل مجدداً ووقتها لم يكن على هاتفي رمز، فأخبرهم أنني في المستشفى التركي..

كيف علم بذلك؟

من خلال قروبات الدفعة..كان يدخل عليها ويعلم ماذا حدث
ويتصل على والدي، فقال له والدي ( نحن ناس مؤمنين لو مات ورينا عشان نعمل الفراش).

*ماذا بعد أن تم إسعافك للمستشفى التركي؟

داخل المستشفى التركي بدأ إسعافي بتجبيص اليد أولا لثبيتها لأن العضم تهشم ومن ثم إجراء اللازم، وأثناء عملية الإسعاف بدأ الحديث عن أن الدعم السريع في طريقه للهجوم على المستشفى التركي، فوجه اللواء ايوب رحمه الله بسحبي إلى سلاح المدرعات ومنها إلى السلاح الطبي بواسطة لنش، وبالفعل تحركنا لكن عندما وصلنا عند منطقة قسم (الكلاكلة اللفة) كانت هناك اشتباكات فكان من الصعوبة بمكان الذهاب بالطريق، فتم إرجاعي وقمنا بالمبيت في حي الصفا وفي الصباح تم تأجير مركب وعبرنا به الضفة الأخرى غرب خزان جبل أولياء في الجهة المقابلة لمنطقة ود العقلي، ومرة أخرى عبرنا الضفة الثانية حتى الملتقى وبعدها إلى منطقة الشيخ الصديق.

* هل كان وضعك الصحي يسمح بهذه الرحلة الطويلة وكيف كنت تتلقى العلاج؟

أنا كنت أفقد الوعي بشكل متقطع وبدأت أفقد الرؤية بسبب النزيف، فنسبة الدم وصلت 27، ولم تتوقف الرحلة عند هذا الحد فعند الوصول إلى منطقة الشيخ الصديق، قمنا مرة أخرى بقطع البحر في الجهة مقابل منطقة القطينة، ومنها تم الاتصال بأسرتي، وتم إسعافي إلى منطقة ابو قوتة ومنها إلى مستشفى مدني وفي اليوم الثاني من عيد الأضحى المبارك تمت عملية البتر.

*الم تكن هنالك فرصة للاحتفاظ باليد؟

كان يمكن الإحتفاظ بها خلال الساعات الأولى من الإصابة وتم تجبيصها لتثبيتها في مكانها ومن ثم يقوم أخصائي الأنسجة باللازم لكن بسبب ما ذكرت لك وهجوم الدعم على المستشفى التركي هو ما أدى إلى ذلك.

*مرحلة جديدة عقب البتر، كيف تعاملت معها؟

تعودت.. أي نعم أنا فاقد ليدي اليمنى لكن تملكني اليقين فأنا فقدت زملاء أعزاء علي، على الرغم من أن الهواجس تملكتني وقتها في كيفية قضاء أبسط إحتياحاتي خاصة أنها يدي اليمين، لكن تعودت أن أكتب بيدي اليسرى وأن أستخدم جهاز الكمبيوتر وكذا قيادة السيارة.

*سافرت لمصر وقمت بتركيب طرف صناعي بحسب ما علمت، فكيف تتعامل به؟

نعم قمت بعمل طرف صناعي ولكنه طرف (منظر)..لا اتعامل به.

*عقب الإصابة لماذا لم تعد للعمل في إدارة الجوازات مرة و اخترت الإدارة العامة للمرور؟

اللواء سراج منصور المدير العام للإدارة العامة للمرور كان معنا في في الإحتياطي المركزي، وعند إصابتي طلب مني أن التحق معهم في مدينة بورسودان في نافذة ترخيص الخرطوم بعدها تم نقلي إلى عطبرة..

*هو طلب منك الالتحاق معه في المرور والإنسان بطبيعته يحن لمكانه القديم فلماذا لم تقم بالاعتذار وتعود إلى الجوازات؟

لسبيين أن اللواء سراج الدين منصور طلب مني أن أكون معه، وثانيا لأنني عملت مافيه الكفاية في إدارة الجوازات، على الرغم من أنه تم الإتصال بي للالتحاق بمصنع الجوازات لكن أرى أنه كفاية.

*كيف العمل الان داخل إدارة المرور، هل استطعت التأقلم؟

العمل مريح وعلى جهاز كمبيوتر وليس هناك تعامل مع الجمهور.

*الان وانت تبدأ حياة جديدة بعد أن اديت واجبك تجاه الوطن كيف تنظر إلى ما قدمت؟

أنظر إليه بعين الرضا..أنا راض تمام الرضا والحمد لله على نعمة الحياة وهناك من يولد بلا إياد.