إسماعيل حسن يكتب :قم للمعلم والصحفي وفّهما التبجيلا

وكفى
إسماعيل حسن

قم للمعلم والصحفي وفّهما التبجيلا

** زمان في المرحلة المتوسطة طالب معانا اتسرقت (ساعتو) في الفصل.. أصلاً هو الوحيد الكان عندو ساعة.. أبوهو رسلها ليهو من السعودية.. المهم اشتكى لأستاذ محمود.. الأستاذ قرر يفتش الفصل كلو.. قال لينا : كلكم غمضوا عيونكم وقبّلوا على الحيطة.. قبلنا على الحيطة مغمضين..
** أستاذ محمود طلَّع الساعة من جيب زميلنا (ص).. وطوالي قال لينا: ارجعو محلاتكم.. وقال لصاحب الساعة: تعال أستلم ساعتك.. زميلنا استلم ساعتو وأستاذ محمود درَّسنا الحصة عادي وطلع..
** رغم إنو الأخ (ص) طول الحصة كان برجف ويقول هسه الأستاذ حيناديني ويجلدني ويقول لي ياحرامي وكده.. وبرضو كان متوقع أستاذ محمود يناديهو نهاية الحصة ويمشي يوديهو للمدير.. إلا إنو ده كله ماحصل.. وطبعاً ناس الفصل ماعرفوا مين السرق الساعة.. بس صاحب الساعة إستلم ساعتو من الأستاذ وخلاص..
** المهم (ص) تاني يوم جاء المدرسة برضو خايف.. لكن أستاذ محمود ما قال ليهو أي حاجة..
** ومرت الأيام والسنون.. وإتخرجنا من الجامعة.. و(ص) إشتغل في البنك ماشاء الله.. ثم السعودية ورجع السودان اشتغل أعمال حرة.. المهم (ص) بيحكي قال: يوم لقيت أستاذ محمود هنا في الخرطوم بيفطر في كافتريا
(وقد تقدمت به السن كثيرا)
فطلبت فطور زيادة ومشيت سلمت عليهو وقعدت معاهو وقلت ليه:
يا أستاذ محمود ماعرفتني؟
قال لي: لا والله يا ابني الزمن طال.. احتمال أكون درَّستك ولا حاجة؟؟ قلت ليهو: نعم درستني في المرحلة الوسطي، لكن أنا عندي معاك موقف مهم حصل لي معاك ما حا أنساه أبدا.. قال لي: والله ما متذكرو يا ابني.. قلت ليهو: يا أستاذ محمود أنا (ص) السرقت ساعة زميلي في أولى متوسطة وإنت طلَّعت الساعه من جيبي وأديتها ليهو ولكنك لم تعاقبني ولم تخبر ناس الفصل.. أستاذ محمود قال ليهو: (بالله ده إنت بتاع الساعة؟؟) قلت ليهو: نعم .. قال لي: والله يا ابني هسه لو ما كلامك ده ما كنت عرفتك، لأنو أنا لمن قلت ليكم غمضوا عيونكم أنا ذاتي غمضت عيوني وفتشتكم عشان ما أشوف وأعرف إنو في واحد من أولادي بيسرق، والله أنا هسه لغاية كلامك ده ما كنت عارف منو فيكم السرق الساعة!
** كذا كان المعلم وكانت التربيه ومنهم فلنعتبر ونرفع القبعات وننحني إجلالاً وإحتراماً لهم… لله درهم… كم كانوا رائعين..
** قصدت بهذه القصة التي نشرها زميلنا المعلق التلفزيوني المعروف سيف بركة في صفحته بالفيس بوك، وذيّلها ب(منقول) للدلالة على أنه قرأها وأعجبته..
** وهنا قصدت بإيرادها أن أؤكد على أن مهنة المعلم تشابه في بعض الجوانب مهنة الصحفي.. خاصة الجانبين الرسالي والتربوي،، فكلاهما يجب أن تتوفر فيه النزاهة والأمانة والخلق القويم والأخلاق الرفيعة قبل أن تتوفر لديه الشهادات الأكاديمية..
** وعندما قال أمير الشعراء أحمد شوقي “قم للمعلم وفّه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا، فلأنه يبلغ رسالة العلم والخير، وبالتأكيد لا يُقصد بالبيت إضفاء مكانة الرسول على المعلم، إنما هو إشادة بأهمية عمل المعلم في بناء المجتمع،، ولعلنا إذا تعمقنا في عمل الصحفي، نجد تشابها بينه وبين عمل المعلم، فهو كذلك يحارب بكتاباته الشر بكل أشكاله، ويدعو للخير،، ويعمل على ترقية المجتمع بجملة من القيم الرفيعة البعيدة عن الأنانية والتسلق على أكتاف الغير بممارسات لا يقرها الدين ولا ترضاها الأخلاق..
** بوضوح…. الصحفي مثله مثل المعلم إذا لم يكن على خلق، فليس جديرا بأن يمسك بالقلم الذي أقسم به المولى عز وجل.
** الخلاصة… الصحفي الحق هو الذي يراعي الجوانب التربوية في كل ما يكتب، فيعمل على توصيل رسالته بدون أن يفضح أو يبشّع أو يشهّر، تماما كما فعل ذلك المعلم مع طالبه.
** وكفى.