“سيد التلاتا”
صفحة اسبوعية يحررها أحمد دندش
////////
سوهندا…ملاك الرحمة.!
والقصة تبدأ بحملة أتهامات لها من (ضعاف نفوس)، وتشكيك في نشاطها الخيري…
وهي في ذلك التوقيت تحديداً كانت تعاني الامرين لتغطية عدد هائل من حوجات الناس…
اذاً…ماذا حدث.؟!
الطبيعي ان ماسيحدث هو ان يضع كل متبرع (يده على جيبه) حذراً بسبب تلك الحملة…
لكن ماحدث كان (عكسياً) وفوق كل احتمالات المنطق…
هل تعلم- اعزك الله- ان كل الحوجات التي كانت تقوم بعرضها قد تمت تغطيتها ، بل وتوفر لها مبلغ مالي اضافي..؟
وكأن الناس كانوا يردون على تلك الحملة بطريقتهم الخاصة وهي ان يضاعفوا ماكانوا يقومون بإرساله من مال ك(صك ثقة) مابينهم وبينها…
احد اصدقائي قال لي في ذلك الوقت: (انت عارف ياصاحبي انا لما شفت الحملة دي فتحت حسابي لقيت فيهو 50 الف…حولت منها طوالي 30 الف)، واضاف: (اقسم بالله بعد عملت الحركة دي ارتحت نفسياً وحسيت اني ساهمت في اني انصر الزولة دي).!
وتعود بي الذاكرة لسنوات مضت…
عندما التقيتها صدفة في نشاط خيري…
اخبرتها آنذاك انها تشبهنا ك(مريخاب)…
فضحكت وردت علي: (انا ملامحي ذاتها شايلاها من الهلال).!
ودعتها بعد اخبرتها ان تتوصى بنا ك(مريخاب) وان تكتب لنا شعراً اسوة بالهلال، فوعدتني خيراً.
وهانحن بعد هذه الحرب نتوحد…
المريخابي يشجع الهلال…
والهلالابي يشجع المريخ…
و…
كلنا نشجع المنتخب…و….خلاص
ونفس الحرب تؤكد اننا امام شخصية استثنائية…
كلنا هرولنا بحثاً عن الامان…
الا هي…
اختارت الامان في امدرمان…
لم ترضى ان تغادر وتحطم (عشم) الناس فيها…
ولأن (الطيبون للطيبات)…
فقد منحها الله (مصطفى)…
والذي انغمس في العمل الخيري اكثر منها…
منح وقته…وحياته…وحتى (مكتبه) لعمل الخير….
و…
هذه حكاية مختصرة عن سوهندا…
التي اقول دوماً انها (روح تسبح في ملكوت من الرحمة).!
عزيزتي سوهندا…حفظك الله انت واسرتك من كل شر…واثابك خيراً عن كل ماتقديمه من خير للناس.
///////
تداعيات رحيل (الجان) واخطر تشييع ل(جثمان).!
اجساد البشر تغطي شارع المطار…
الساعة الثامنة والنصف مساء…
الطائرة القادمة من الاردن تستقر بمطار الخرطوم…
والتدافع يبدأ…
ومن الخلف يتسلل (دفار) ابيض اللون…
وحاملي النعش يصرخون: (وين الاسعاف عشان نخت فيهو النعش دا)…؟
والجحافل تركض نحو عربة الاسعاف…
وبسرعة يحول المشيعين اتجاههم ليضعوا النعش داخل (الدفار)…
واحدهم يصرخ: (ياخ ليه شايلنو في الدفار)؟!
ويجيبه آخر: (الدفار عالي وصعب زول يطلع…الناس ديل مامصدقين محمود مات وحالفين الا يفتحوا النعش)…!!
وبصعوبة بالغة…
يغادر (الدفار) الابيض حاملاً صاحب (القلب الابيض)…
وفي مقابر الصبابي…الوضع كان يختلف…
والزحام يكاد يغطى المقابر…
(اسمعني حننزل الجثمان دا كيف مع الناس دي)..؟
سؤال اطلقه احدهم…وتبرع آخر بفكرة رفع النعش عالياً مع توفير جدار بشري حوله…
وبالفعل…
نجحت الخطة…
بالرغم من محاولة البعض اجهاضها بالصعود على اكتاف بعضهم في مشهد غريب وعجيب…
تم انزال (النعش) في القبر…
و….
(الناس ديل ممكن عادي ينبشوا القبر)..!؟
سؤال آخر…
والاجابة تأتي بسرعة…
(تسوير القبر بالكامل)…
وبالفعل…
تم التسوير…
وتم توفير حراسة حول القبر لمدة اسبوع كامل خوفاً من اي تصرف طائش ومجنون…
و….
هذه حكاية (التشييع) لجسد محمود عبد العزيز …
حكاية لابد ان يتوارثها الاجيال حتى يدركوا عظمة هذا الفنان….
/////////
احمد الصادق…اين كنتم عندما كان..؟
عند إندلاع الثورة السودانية، كان اول فنان يخرج للعلن معلناً عن دعمه ل(خيار الشعب)…
لم يخشى ان تخبو نيران الثورة، فيجد نفسه في مواجهة النظام الحاكم، ولم يتوجس من انهيار صمود الثوار، فيصبح به المقام داخل احد السجون بتهمة (الخروج على الحاكم).!
وتمر السنوات، وتندلع حرب السودان، فيخرج هو ايضاً منذ الطلقة الاولى داعماً لجيش بلاده ضد المليشيا…
لم يختار الانتظار و(الحياد) حتى يخف وقع حوافر (الجياد)، ولم يخشى (الاستهداف الرخيص) من (زبانيه المليشيا) والذين كانوا يتجولون في ذلك التوقيت يبحثون عن كل شخص مشهور للمتاجرة به في (سوق نخاستهم) الكاسد…
نعم…انا اتحدث عن احمد الصادق…والذى لايحبه جمهوره فقط من اجل (الغناء)…. وانما (المواقف) كذلك.!
////////
يالخرطوم…(كل الجروح بتروح…الا التي في الروح).!
اشتقنا والله للخرطوم…
لكل تفاصيلنا (العجيبة) هناك…
ياخ اشتقنا للزحمة والناس و(المعافرة) في طلمبات البنزين… وصفوف العيش…
اشتقنا للمطره (البتدق) الساعة 3 صباحاً ديك…….. تتذكروها…؟
اشتقنا لشارع المطار…والسوق العربي…وريحة الجبنه (الساموطية) وانت عابر الديم…ياخ خلوها ريحة الجبنه…انا شخصياً اشتقت ل(ريحة السمك)…
وانت عابر الموردة…
اشتقنا لقعدات شارع النيل وبرج الاتصالات ومراسي الشوق والزلابية ديك (المجلوخة) بالكريمة البيضاء والترمس وعيش الريف و(فول الحاجات)…
(اشتقنا ياخ للتسالي الجنب اتحاد الفنانين ذاتو)…
(اشتقنا لبحري الحنينه)…
للمزاد وانت عابر بشارع النص وبيت محمود عبد العزيز…و(دافوري الخماسيات جنب ميدان التحرير)…
(اشتقنا لبيرقر استيلا…وليمون السنوسي…وعرديب علي ابراهيم)…
اشتقنا لشارع الستين واستوب الخيمه والشرقي بالجوطة الفيهو و(قرصات) سواقين الحافلات ابو القدح…
اشتقنا لقاعة الصداقة و(القعدات القصادها) على البحر…
توتي ياخ…ياااااااللللله….
زحمة الكلاكلات…و(زقاقات) الامتداد….
اشتقنا لريحة الخرطوم…ياخ دي ريحة اقسم بالله العظيم مفروض تتعبى في فتايل وتتوزع للنازحين في كل مكان…
(اقسم بالله بترد فيهم الروح وتصبرهم على الحاصل دا…
ياخرطوم)…
فعلاً….(كل الجروح بتروح الا التي في الروح)…
/////////
صلاح ولي…تفاصيل آخر (ظهور).!
كتبت من قبل انني لم اتفاجأ عندما سمعت خبر اعتزاله الغناء، فالشاب الذي اعرفه عن قرب تتنازعه (ارواح صوفية) منذ طفولته، حتى (النطيط) الذي يمارسه على المسارح ماهو الا حالة من (التمرد الحركي) على (ثوابت المهنة) التي يمارسها.
وقبل اعتزاله بقليل، يختتم صلاح احدى حفلاته بدعوات للحضور ان يقتربوا من الله، وذهب آخرون الى ان ولي ماهو الا فنان يبحث عن (ترند)، ولم يعلموا ان الفتى في ذلك التوقيت تحديداً طغت عليه وتملكته (نزعاته الداخلية الايمانية) حتى انه لم يتمكن من التفرقه مابين المسرح و(المنبر).!
وبالامس…
تستوقفني صورة حديثة لصلاح وقد اطلق لحيته وبدت على ملامحه علامات الراحة الداخلية…
تلك التي تظهر على الملامح قبل الدواخل…
وهاانا ذا اعود لاكرر دعمي ومساندتي لصلاح مرة اخرى وهو يختار طريقه بقناعة…
وفقك الله الحبيب صلاح وادام عليك نعمة (الارتياح).!