احفظوا اغنياته بعيداً عن متناول (صبيه الغناء)…
زيدان….والمحبة الفيها لو ماانت ماكانت محبة
هزتني صورته وهو يخضع لتلقي العلاج قبيل وفاته بأيام…كانت نظراته تتجول في فراغات تلك الغرفة التي يتمدد فيها جسده النحيل…قبل أن تنساب دمعة من عينيه وتسقط على جلبابه الانيق.. فتتمدد على ثنايا خيوطه وترسم لوحة تضج بالألم..يحاول برفق أن يداري تلك الدموع ويرسم ابتسامة حزينة على شفتيه…فالرجل طوال حياته لم ينكسر لأي شخص..ولم تعرف دموعه الانكسار كذلك إلا عند فقده لوالدته التي جمعته بها علاقة صداقة قبل أن تكون علاقة ابن بأمه..تعلو الغرفة صوت طرقات خفيفة..قبل أن يدلف اليها بعض اصدقائه ومعارفه..يسأله احدهم بلهفة: (اها..الليلة كيف.؟)…فيبتسم رغم آلامه ويجيبه بثبات الجبال: (تمام الحمد لله)..رغم أنه لم يكن كذلك.
(1)
وانا اذ أتحدث عن شخصية مثل تلك..فبكل تأكيد أعنى بها (زيدان ابراهيم)..ذلك الفنان الذي شغل الناس..وضمد مشاعر العشاق..وألهم ألسنة المحبين فصارت تردد اغنيات الحب والطمأنينة والسلام..ذلك الفنان الحقيقي الذي رحل بهدوء..بعد صبر جميل على ابتلاءات المرض وعلى آلام الجسد..رحل (زيدان) وعلى شفتيه ابتسامة قلَ أن ترتسم في ظروف مثل تلك..رحل (فراش القاش)..وتيتمت من بعده أزهار الابداع..اقتطع زيدان تذكرة الرحيل على متن قطار الفجيعة..ولوح بمنديل الوداع لأحبته..الذين بكوه بدموع من دم..وودعوه بمناحات الفقد والجلل والاحزان.
(2)
وتمر الاعوام على الرحيل المرير، وحتى اليوم لازالت تعاود صور وذكريات زيدان ابراهيم وتغزو الاسافير من جديد وهي تقف في محطة الذكرى لرحيل ذلك الاسمر النحيل صاحب الصوت الاستثنائي والبصمة الفنية التي لن تتكرر، و(ثبات) نجومية زيدان- في حياته وحتى بعد مماته- هو درس مجاني يجب ان يستفيد منه كل الفنانين، خصوصا اولئك الذين لن يفتقدهم الجمهور حتى وان سافروا للخليج، ناهيك من الرحيل الابدي.
(3)
لعل آخر ما تبقى من رائحة زيدان ابراهيم لدينا هي تلك الاغنيات التي تركها لنا..والتي يجب أن نحافظ عليها بعيداً عن متناول بعض (صبية الغناء)، والذين لا قبل لهم بأدائها..ومسؤولية هذا الامر ينبغي أن تتولاها الجهات الثقافية والابداعية في البلاد..واتحاد المهن الموسيقية على وجه الخصوص..فنحن يمكن أن نصبر على قضاء الله برحيل زيدان..ولكننا لن نصبر على من يشوهون اغنياته ولن نرحمهم على الاطلاق.
خروج:
انت مابرضك حبيبنا…والحنان الفي قلوبنا…اصلو نابع من عيونك..