حاجب الدهشة علم الدين عمر محفظة السلع الإستراتيجية ..قوامة الدولة وتحدي المصارف (2-2)..

  • حاجب الدهشة
    علم الدين عمر
    محفظة السلع الإستراتيجية ..قوامة الدولة وتحدي المصارف (2-2)..
    ..أوردنا بالأمس بعض المعلومات حول محفظة السلع الإستراتيجية التي أقترحها بنك السودان المركزي ونفذها بشراكة مع بنك الخرطوم برأس مال تأسيسي بلغ مليار دولار فتوالت الإتصالات سحابة نهار الأمس وصباح اليوم من مشفقين وقادحين ومادحين للخطوة وقد لحظت أن أغلبهم وفيهم عدد من الصحفيين والكُتاب والسياسيين وبعض الإقتصاديين تعوزهم المعلومات الكافية لتفنيد قضية المحفظة وهوامشها ومآلاتها ..إذ يبدو أن الساحة السودانية الحافلة بالإستعجال والإستسهال للمشاريع الإستراتيجية في زمان الحرب هذا تفتقر لآليات التثبت من المعلومات قبل طرحها علي سابلة الأسافير التي باتت تفتي في كل أمر وشأن دون تدبر ولا روية ..وقد أدهشني أن جُل المتداخلين حول الأمر يعتقدون أن بنك الخرطوم قد أحتكر قضية إستيراد السلع الإستراتيجية عقب دخوله القوي في تمويل المحفظة بثلاثة أرباع رأس المال التأسيسي لها ..بل إن بعضهم يحتج بلائحة تأسيسها وربما لم يطلع عليها ..أو أستمع لوجهة نظر بعض المتضررين من قيامها ..
    أولاً لابد من توضيح نقطة في غاية الأهمية والوضوح في النظام الأساسي للمحفظة تتعلق بعدم إحتكار أي مصرف (حتي البنك المركزي) ناهيك عن بنك الخرطوم للمساهمة فيها بل وجهت اللائحة التظيمية لها دعوة مفتوحة لكل البنوك السودانية للمشاركة (وما يغلبك إلا جيبك) ..وفي ذلك قام بنك السودان بتحديد المسار التأسيسي للمحفظة بحيث يستوعب مشاركة الجميع ليبدأ الإنسحاب التدريجي له منها في إطار سياساته الرامية لتطوير عملها وإتاحة الفرصة للبنوك للمشاركة فيها وتوسيعها لتشمل التأسيس المبدئي لتركيز سعر صرف الجنيه السوداني لمواجهة تحديات السلع الإستراتيجية أثناء الحرب وبعدها إذ تعمل المحفظة علي تنظيم إستخدام الموارد النقدية خاصة الناتجة عن صادرات الذهب وبعض السلع الأخري لضمان توجيهها نحو إستيراد السلع الإستراتيجية التي تخدم الرؤية الإقتصادية للسودان خلال هذه الفترة العصيبة من تاريخه..
    ووضع الإطار العام للإستيراد بما يحقق معادلة المطلوبات وفق الحوجة ..
    ثانياً المحفظة ليست وسيلة تتيح لبنك الخرطوم أو غيره إحتكار تمويل أو شراء أو بيع أو تحديد أي سلعة صادر أو وارد فهذا شأن تختص به الدولة عبر آلية تنسيق واضحة تجعل من إستجابة البنك الحالية لمبادرة البنك المركزي مقدمة منطقية لما ينبغي أن تكون عليه آليات الدولة من مسؤولية وطنية قوامها اللوائح والقوانين والموجهات العامة دون إغفال لصلاحيات التدخل والمعالجة ..
    ثالثاً لا شك أن المحفظة معنية من الأساس بضبط عمليات الإستيراد حتي لا تنحرف عن مسارها وتتسبب في إنهيار قيمة الجنيه السوداني والحد من الميزات التفضيلية للموارد السودانية التي تواجه تحديات سياسية ومجتمعية وتآمرية كبيرة ..
    فالمحفظة في تقديري ربما تأخرت كثيراً عن موعدها المثالي عقب إستقرار سيادة الدولة بالعاصمة الإدارية ببورتسودان ولكنها علي أي حال أُعلنت في هذا التوقيت ولابد من التعامل معها بالجدية اللازمة لتقوم بدورها دون إتهام أو تخذيل ..ويُحمد لبنك الخرطوم إستجابته لها رغم التحديات والمخاطر كما نشد علي يد بنك السودان لطرحه هذه الرؤية الفنية المتقدمة ونتابع لنري ..ونراقب ..ونوجه ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top