قائد الجيش الأوغندي يهدد باجتياح السودان وتصريحاته تثير السخرية
- (الخرطوم) .. حصن لا يطاله (كاينروجابا)
تهديدات الجنرال الأوغندي بغزو السودان تعكس جهلاً بالتوازنات الإقليمية..
الخرطوم ليست ملعباً لمغامرات المبتدئين ورسالة السودان واضحة..
نجل موسفيني هدد من قبل بغزو كينيا واجتياح نيروبي ووالده اعتذر..
الجيش السوداني قادر على صد التهديدات رغم التحديات الداخلية
السودانيون يسخرون من (كاينروجابا) وأحلامه باجتياح الخرطوم
أوغندا تواجه الفساد الداخلي و(ابن رئيسها) يبحث عن دور خارجي
السودان يبقى عصياً على الأطماع الخارجية رغم الحرب
تقرير: رحمة عبدالمنعم
في مشهد يعكس خفة سياسية واستهتاراً بالتعقيدات الإقليمية، خرج قائد الجيش الأوغندي الجنرال موهوزي كاينروجابا، ابن الرئيس يوري موسيفيني، بتصريحات غريبة عبر منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، مهدداً باجتياح الخرطوم وإنهاء الحرب السودانية.
تصريحات الجنرال الشاب التي ربط فيها غزوه للسودان بعودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أثارت موجة واسعة من السخرية، وطرحت تساؤلات حول جدية أوغندا في التورط في أزمة بهذا الحجم، ودوافع مثل هذه التهديدات في هذا التوقيت الحرج.
اجتياح الخرطوم
وفي خطوة تعكس جهلاً سياسياً واستعراضاً يفتقر إلى الواقعية، أثار الجنرال موهوزي كاينروجابا، قائد الجيش الأوغندي ونجل الرئيس يوري موسيفيني، عاصفة من الجدل بعد تغريدات صادمة نشرها عبر منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، هدد الجنرال الشاب باجتياح الخرطوم، مدعياً أن دعم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سيمكنه من الاستيلاء على العاصمة السودانية.
جاءت التصريحات في وقت يخوض فيه السودان حرباً داخلية ضد مليشيا الدعم السريع، لكنه يظل قوياً في مواجهة التحديات الإقليمية، مما جعل هذه التهديدات محل سخرية واسعة، ليس فقط داخل السودان، بل أيضاً بين المحللين السياسيين والعسكريين، ورغم انشغاله بحرب داخلية شرسة ضد تمرد مليشيا الدعم السريع، يظل السودان دولة ذات سيادة قادرة على التصدي لأي تهديد خارجي.
يقول اللواء المتقاعد حسن الفاضل لـ”الكرامة”: “السودان يمر بمرحلة صعبة بلا شك، لكنه يمتلك إرثاً طويلاً في مقاومة العدوان الخارجي، أي محاولة لاجتياح الخرطوم ستتحطم أمام قوة الشعب السوداني وتاريخه العريق في الدفاع عن أرضه، سواء في مواجهة الاستعمار أو التحديات الإقليمية الحديثة.”
أزمة دبلوماسية
ولم تكن تصريحات الجنرال موهوزي حول السودان سابقة من نوعها، فقد سبق له أن أثار أزمة دبلوماسية مع كينيا في أكتوبر الماضي، عندما هدد عبر “إكس” بغزو الدولة المجاورة والاستيلاء على عاصمتها نيروبي في غضون أسبوعين، آنذاك، أقدم الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني على إصدار بيان اعتذار للشعب الكيني قائلاً: “أطلب من إخواننا وأخواتنا الكينيين أن يسامحونا على التغريدات التي أرسلها الجنرال موهوزي”، مشيراً إلى أن المسؤولين العموميين لا ينبغي أن يتدخلوا في شؤون البلدان الأخرى، وأضاف موسيفيني أن تصريحات ابنه كانت “على سبيل المزاح”، إلا أن المعارضين والمحللين في أوغندا رأوا في هذه الحادثة مؤشراً على أن الرئيس، الذي يحكم البلاد منذ عام 1986، يعد ابنه لخلافته.
ويرى مراقبون سياسيون أن هذه الحادثة تعكس تخبطاً في التعامل مع القضايا الإقليمية،وأن اعتذار الرئيس موسيفيني قد يعكس محاولة لتجنب عواقب دبلوماسية خطيرة، خاصة وأنه يأتي في ظل أزمات داخلية عميقة تعاني منها أوغندا، مثل الفساد والاحتجاجات الشعبية
صرف الأنظار
السودانيون، برغم معاناتهم اليومية مع تداعيات الحرب الداخلية، لم يتأثروا بمثل هذه التصريحات الاستعراضية، قوبلت تهديدات كاينروجابا بموجة من السخرية الشعبية، حيث كتب أحد المغردين: “إذا أراد موهوزي أن يتعلم دروس الحرب، فالخرطوم ستكون الفصل الأخير في أحلامه العسكرية.”
وفيما يحاول كاينروجابا لعب دور الزعيم الإقليمي القوي، تشير الحقائق إلى أن أوغندا تواجه أزمات داخلية عميقة، منها تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد حكم والده الممتد لعقود، بالإضافة إلى تحديات اقتصادية خانقة، يقول المحلل السياسي الدكتور بدرالدين حسان لـ”الكرامة”: “هذه التصريحات ليست سوى محاولة بائسة لصرف الأنظار عن الفساد والانهيار الداخلي في أوغندا. السودان اليوم يواجه حرباً داخلية معقدة، لكنه يظل أقوى وأكثر تماسكا من أن يتم تهديده بهذه الطريقة العبثية.”
أحلام يقظة
ربط (كاينروجابا) بين اجتياح الخرطوم وعودة دونالد ترامب إلى الحكم يعكس، بحسب مراقبين، فهماً محدوداً للديناميكيات الدولية والإقليمية ،يقول الخبير العسكري اللواء المتقاعد عادل حسن لـ”الكرامة”: “تصريحات الجنرال الأوغندي تعبر عن جهل كامل بالتوازنات العسكرية والسياسية في المنطقة. السودان ليس دولة يمكن اجتياحها بتصريحات أو بدعم سياسي من زعيم دولي ،الجيش السوداني، رغم مشاكله الداخلية، يمتلك من الخبرة والقدرات ما يكفي لصد أي تهديد.”
وقد أعادت تصريحات كاينروجابا إلى الأذهان محاولات سابقة من دول أخرى للتدخل في الشؤون السودانية، لكنها جميعها انتهت بالفشل. السودانيون الذين اكتسبوا خبرة طويلة في مواجهة التحديات يرون أن مثل هذه التصريحات الاستعراضية تعكس ضعف صاحبها أكثر مما تمثل تهديداً حقيقياً.
رسالة السودان
ويقول الصحفي أحمد الطيب لـ”الكرامة”: “كاينروجابا ربما يبحث عن دور إقليمي أو عن إثارة إعلامية، لكن رسالتنا له واضحة: السودان ليس ملعباً لمغامرات المبتدئين ،من الأفضل له أن يركز على إصلاح وضعه الداخلي بدلاً من التحدث عن اجتياح الخرطوم، المدينة التي علمت الأجيال معنى الصمود.”
لذلك، مهما تعاظمت التحديات الداخلية أو الخارجية، يبقى السودان صامداً أمام أطماع الآخرين، تهديدات كاينروجابا ليست سوى صدى لمحاولات يائسة لتصدير أزمات أوغندا الداخلية، الخرطوم، التي وقفت في وجه قوى استعمارية كبرى، لن تكون يوماً ساحة لمغامرات جنرال يبحث عن شهرة في غير موضعها.