الكرامة) تكشف الأبعاد الكارثية لإغلاقه بواسطة الميليشيا.. (خزان جبل أولياء) .. مخاطر الانهيار

(الكرامة) تكشف الأبعاد الكارثية لإغلاقه بواسطة الميليشيا..

(خزان جبل أولياء) .. مخاطر الانهيار المحتملة..

خبراء يحذرون من كارثة حقيقية في حال انهيار خزان جبل أولياء..

13 مليون سوداني في دائرة الخطر بسبب قرار الإغلاق ..

فيضانات النيل الأبيض تغمر أكثر من 30 منطقة وتُشرد الآلاف..

إغلاق بوابات السد يهدد الأمن المائي والزراعي في السودان..

مرض الكوليرا يتفشى في مناطق الفيضانات ووزارة الصحة تتدخل..

ارتفاع منسوب المياه خلف خزان الجبل يهدد العاصمة ومدن اخرى..

الفيضانات تدمر مساحات زراعية واسعة وتهدد الأمن الغذائي

تقرير :رحمة عبدالمنعم

تعيش ولاية النيل الأبيض على وقع مأساة جديدة، حيث أدى إغلاق خزان جبل أولياء إلى ارتفاع غير مسبوق في منسوب مياه النيل الأبيض، ما تسبب في فيضانات واسعة النطاق اجتاحت القرى والمنازل، وتركت الآلاف من الأسر بلا مأوى، وسط تحذيرات من تداعيات كارثية قد تتفاقم خلال الأيام المقبلة وتهدد المدن الأخرى.

خزان الجبل
ويُعد خزان جبل أولياء أحد أهم المنشآت المائية في السودان، أنشأته الحكومة المصرية عام 1933 بسعة تخزينية تصل إلى 3.5 مليار متر مكعب، ويُسهم بنحو 10% من إنتاج الكهرباء في البلاد ،يمتد على بعد 44 كيلومترًا جنوب العاصمة الخرطوم، وتغطي بحيرته مساحة واسعة تصل إلى 635 كيلومترًا جنوب السد، حيث تنتشر أكثر من 70 قرية ومدينة تعتمد على الزراعة، التجارة، والرعي ،كما يُعد الخزان شريان حياة لمشروع النيل الأبيض الزراعي، أحد أكبر المشاريع الزراعية في البلاد، والذي يهدد تضرره حياة نحو 13 مليون نسمة يسكنون المناطق المحيطة به.
وأدى إغلاق بوابات خزان جبل أولياء إلى ارتفاع منسوب المياه بشكل غير مسبوق، ما تسبب في فيضانات واسعة النطاق اجتاحت مناطق عديدة في ولاية النيل الأبيض، أبرزها الجزيرة أبا، مهادي، حمر، وأحياء أخرى، حيث غمرت المياه المنازل والأراضي الزراعية، وأجبرت مئات الأسر على النزوح، وأكد شهود عيان أن الأهالي لم يتمكنوا من إنقاذ ممتلكاتهم بسبب التدفق السريع للمياه.

القوانين الدولية

في حديثه مع “الكرامة”، أكد الصحفي المتخصص في الإعلام التنموي، إبراهيم شقلاوي، الناطق الرسمي السابق لوزارة الري والكهرباء والسدود، على ضرورة الحفاظ على أمن مناطق السدود خلال فترات الحرب لضمان قدرة فرق الصيانة على تشغيلها وإدارتها، محذرًا من العواقب الكارثية التي قد تنجم عن غياب الإشراف عليها. كما شدد على أهمية التزام مليشيا الدعم السريع بقواعد حماية المدنيين والمنشآت الحيوية .
وأشار شقلاوي إلى أن المعلومات حول الوضع الطارئ في حوض النيل الأبيض لا تزال غير مكتملة بسبب غياب البيان الرسمي، لكن المؤشرات الأولية تفيد بارتفاع غير مسبوق في مناسيب بحيرة فيكتوريا خلال السنوات الأربع الماضية، ما أدى إلى زيادة الإيراد السنوي من المياه في النيل الأبيض إلى نحو 58 مليار متر مكعب، مقارنة بالمتوسط المعتاد البالغ 28 مليار متر مكعب، وأوضح أن هذا الارتفاع يؤثر بشكل مباشر على المناطق الواقعة على ضفتي النيل الأبيض.
وأضاف أن وزارة الري كانت تدير مشروع “جسور النيل الأبيض” لحماية المواطنين والممتلكات على جانبي النيل، إلا أن ظروف الحرب عطلت عمل هذه الإدارة، وزادت المشاكل الفنية في خزان جبل أولياء، مما ساهم في تفاقم الأضرار
وفيما يتعلق بمليشيا الدعم السريع، قال شقلاوي إنها تسعى لاستخدام إغلاق بوابات الخزان كأداة ضغط على الحكومة من خلال تهديد مبطن بإغراق مناطق واسعة خلف الخزان أو أمامه في حال حدوث انهيار جزئي أو كلي. ودعا لتذكير المليشيا بالقوانين الدولية التي تحظر استهداف المنشآت الحيوية المدنية أثناء النزاعات المسلحة، مثل اتفاقية جنيف لعام 1949.

مخاطر الانهيار
وفي تصريح خاص لـ “الكرامة”، حذر مهندس بوحدة تنفيذ السدود من أن استمرار الإغلاق القسري لبوابات خزان جبل أولياء من قبل مليشيا الدعم السريع يهدد بحدوث كارثة كبيرة، حيث إن الضغط المتزايد على جسم السد قد يؤدي إلى انهياره، مما سيُعرض مدن العاصمة المثلثة وضفاف النيل حتى سد مروي لخطر حقيقي.
وأوضح المهندس الذي فضل عدم الكشف عن هويته ، أن السد، الذي يبلغ طوله الإجمالي 6680 مترًا وارتفاعه 22 مترًا من القاع حتى القمة، يُعاني من تراكم المياه في ظل غياب “المفيض”، معتمداً على 40 بوابة تصريف و10 بوابات احتياطية.

انعكاسات خطيرة

وتسببت الفيضانات في تدمير مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، ما يهدد الأمن الغذائي في المنطقة وأوضح الدكتور علي عبد القادر، خبير المياه والبيئة، لـ الكرامة أن “لخزان يُعتبر ركيزة أساسية للمشاريع الزراعية الكبرى مثل مشروع النيل الأبيض، وأي ضرر يلحق به سيُعمق أزمة الغذاء في السودان، في وقت يواجه فيه البلد أزمات متعددة.
وأضاف أن القرى المحيطة بالسد تعتمد بشكل رئيسي على النشاط الزراعي والتجاري المرتبط بمياهه، ومع استمرار الفيضانات، تتفاقم معاناة السكان الذين يعيشون بالفعل في ظروف اقتصادية صعبة..حدقوله
ومع استمرار تدفق المياه، سجلت وزارة الصحة إصابات بمرض الكوليرا في المناطق المتضررة، مؤكدة أنها تمكنت من احتواء المرض جزئيًا، إلا أن استمرار الفيضانات قد يؤدي إلى تفشي أوبئة جديدة. وحذرت الوزارة من تفاقم الوضع الصحي في ظل تدهور البيئة المحيطة وانخفاض درجات الحرارة.

كارثة قادمة

وأكد خبراء السدود وأنظمة المياه أن تحويل خزان جبل أولياء إلى موقع صراع عسكري يُشكل تهديدًا وجوديًا للسد. وأوضح الدكتور حسن الطيب، خبير إدارة الموارد المائية، لـ الكرامة: “أي أضرار تلحق بجسم السد ستتسبب في كوارث تمتد آثارها من الخرطوم إلى سد مروي، ما يعني غمر مناطق واسعة، بما في ذلك العاصمة وضواحيها.
وكان والي ولاية النيل الأبيض، عمر الخليفة، قد أوضح خلال اجتماع لمتابعة الأزمة، أن السلطات المحلية تعمل على توفير حواجز ترابية لحماية المناطق التي لم تتعرض للغمر، مشيرًا إلى أن جهود الاستجابة لا تزال محدودة مقارنة بحجم الكارثة
واختتمت وزارة البنى التحتية بدعوة الجهات الرسمية والمنظمات الإنسانية إلى التحرك العاجل لتوفير الدعم اللازم، مؤكدة أن الوضع يتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية لتفادي كارثة أكبر.
وتمثل أزمة خزان جبل أولياء نقطة تحول خطيرة في السودان، حيث تهدد الفياضانات الناتجة عنه بتدمير البنية التحتية والاقتصاد المحلي. وفي ظل تزايد التحذيرات من انهيار السد، بات التحرك السريع ضرورة ملحة لإنقاذ الأرواح والممتلكات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top