استبقت وصـول وزيـرها الجـديد، بنشاط إعـلامي كثيـف.. الخــارجية.. (أن تـأتي متـأخـراً خيـرٌ من ألا تـأتي مطلقاً)

استبقت وصـول وزيـرها الجـديد، بنشاط إعـلامي كثيـف..
الخــارجية.. (أن تـأتي متـأخـراً خيـرٌ من ألا تـأتي مطلقاً) ..

مؤتمرات وندوات صحفية تنتظم مقار العديد من سفارات السودان ..

الأنشطة الإعلامية ركزت على تعرية الميليشيا وداعميها وانتصارات الجيش ..

تحديات جسام نتنظر الوزير يوسف، وسط تفاؤل بإحداث نقلة في الخارجية..

هل سيكون لانتقادات العطا تأثيرات على مستقبل العمل الدبلوماسي ؟

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو.

استبقت وزارة الخارجية وصول وزيرها الجديد دكتور علي يوسف الشريف، بنشاط لافت، وزخم إعلامي كثيف، انتظم سفارات ومحطات السودان الخارجية التي فتحت خلال اليومين الماضيين قنوات تواصل مباشر مع المؤسسات والأجهزة الإعلامية كلٌّ في دولته المعنية، وذلك بعقد مؤتمرات وندوات صحفية في أوقات متقاربة، وبدا بعضها متزامناً، حيث حرصت كل سفارة أو محطة على تبصير الرأي العام المحلي والإقليمي بمجريات الأحداث على الساحة السودانية في ظل الحرب الجارية حالياً والتي تدخل شهرها العشرين، ولم يغب عن فطنة كل محطة أو سفارة خارجية، استغلال الوجود الإعلامي الكبير لاستعراض الجرائم والانتهاكات التي ما زالت تمارسها ميليشيا الدعم السريع المتمردة في حق المواطنين الأبرياء والعزل، في وقت يقف فيه المجتمع الدولي والإقليمي مكتوف الأيدي، مشيحاً بوجهه عن هذه الجرائم التي تخالف القانون الدولي والإنساني.

تنـويـر مبكر ولكن:
وكانت العديد من السفارات والمحطات الخارجية بادرت بعقد لقاءات صحفية في أوقات سابقة من العام الجاري، قدمت من خلالها تنويراً للمجتمع المحلي والإقليمي بشأن تطورات الأوضاع الأمنية والإنسانية في السودان عقب اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل 2023م، والتي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع المتمردة، ولكن يبدو أن معظم تلك الندوات الصحفية ذهبت أدراج الرياح فلم تُسمنْ أو تُغنِ من جوع، رغم فصاحة لسانها وقوة بيانها، عطفاً على التوقيت الذي طُرحت فيه، حيث كانت أسماع المجتمع الدولي والإقليمي وأبصاره وقتئذٍ غير مبصرة أو مصغية، بل تتجاهل مع سبق الإصرار والترصد إدانة ما يجري في السودان، وليس الأمر بمستغرب من المجتمع الدولي والإقليمي، فمعظم دوله ومنظماته كانت متعاطفة مع ميليشيا الدعم السريع المتمردة في بواكير الحرب، وتُسبِّح بحمد ميليشيا آل دقلو، وتتلبَّسها قناعة راسخة أن انتصار الميليشيا وحسمها للحرب لن يستغرق سوى سويعات معدودات ارتكازاً على الدعم والإسناد الذي تم توفيره لهذه الميليشيا من قبل هذه المحاور التي تعاونت مع المتمردين على الإثم والعدوان، فتحمّلت أوزارهم وأوزار ضلال مشاركتها في أتون المخطط التأمري الخبيث.

خطاب إعلامي موحّـد:
وتميزت المؤتمرات والندوات الصحفية التي عقدتها بعض السفارات والمحطات الخارجية خلال اليومين الماضيين، بتوحيد الخطاب الإعلامي، حيث كان التركيز واضحاً على تعرية ميليشيا الدعم السريع، وكشف عورتها أمام أعين العالم بفضح انتهاكاتها الفظيعة وجرائمها المريعة، ليتم تصنيفها جماعة إرهابية،، وانتقدت المؤتمرات والندوات الصحفية الصمت الدولي والإقليمي الغريب والمريب تجاه هذه الانتهاكات والجرائم الإنسانية، حيث شجّع هذه الصمت الدولي، الميليشيا المتمردة على ارتكاب المزيد من الجرائم دون حتى أن تتورّع من توثيقها ونشرها على الملأ،، وتناولت المؤتمرات والندوات الصحفية الدعم الذي تتلقاه ميليشيا آل دقلو بالسلاح والعتاد الحربي الذي يصلها عبر الحدود، معتبرة أن وقف النزاع المسلح في السودان يتطلب إيقاف تدفق المرتزقة إلى الميليشيا، ومنع إمدادها بالأسلحة،، وحذرت المؤتمرات والندوات الصحفية من مغبة تطاول أمد الحرب في السودان وانعكاسها مستقبلاً على التمدد والانتشار في مناطق القارة السمراء وسواحلها الأفريقية ذات الهشاشة الأمنية، وهو أمرٌ يهدد منظومة السلم والأمن الدوليين،، وبشَّرت المؤتمرات والندوات الإعلامية بالانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات المسلحة والتحولات التي أحدثتها في ميدان المعارك الذي باتت تمتلك فيه زمام المبادرة، وأبانت أن النصر الكبير سيكون قريباً وفقاً لمعدل التقدم الميداني الذي تمضي به خطى الجيش على الأرض، وبقي أن نشير إلى أن المؤتمرات والندوات الصحفية، لم تغفل طرح رؤى ثاقبة حول مستقبل تنمية وإعادة إعمار ما دمرته الحرب في السودان، عبر استقطاب دعم وتمويل صناديق التنمية على المستويين الإقليمي والدولي.

طرق إعلامي بلا خوف:
ويبدو أن الزخم الكثيف الذي انتهجته وزارة الخارجية سيستمر بطرق إعلامي متزايد من خلال تنفيذ عدة مؤتمرات وندوات صحفية في العديد من محطات وسفارات السودان الخارجية، لتبصير الرأي العام العالمي بما يجري في البلاد، وتعرية الميليشيا المتمردة وداعميها، فضلاً عن التبشير بالانتصارات التي حققتها القوات المسلحة والقوات المساندة لها من القوات الأمنية والنظامية والمستنفرين والمجاهدين، وأتوقع أن تشمل خارطة هذه المؤتمرات والندوات الصحفية حتى البلاد التي تساند وتدعم ميليشيا آل دقلو المتمردة، مثل دولة الإمارات العربية، وتشاد، ويوغندا، خاصة بعد نجاح المؤتمر الصحفي المحضور في مقر سفارة السودان بنيروبي وفقاً لمصدر مأذون في وزارة الخارجية، والذي أكد للكرامة أنه ليس هنالك ما يمنع من قيام مؤتمرات صحفية في أي سفارة سودانية لأن السفارة سواءً كانت مملوكة أو مستأجرة، تعتبر بحكم اتفاقية فينا أرضاً سودانية، فلا خوف إذن، وما أقوى صوت الإدانة عندما يخرج من قلب دولة تدعم وتأجج نار الحرب في بلادنا.

محاولة تغيير الواقع:
حسناً فعلت وزارة الخارجية وهي تشغل بال الرأي العام العالمي والإقليمي بعقد هذه المؤتمرات الندوات الصحفية، وأن تأتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي مطلقاً، ذلك أن وزارة الخارجية ظلت ومنذ اندلاع الحرب في مرمى نيران الانتقادات بضعف أدائها الدبلوماسي، وعدم مواكبته لمجريات الأحداث والأوضاع الخطيرة التي يشهدها السودان، وصُوبت الكثير من سهام النقد إلى وزيرها الأسبق السفير علي الصادق الذي يُتهم بالتماهي مع القحاتة، وعدم التعاطي الإيجابي مع المؤسسة العسكرية الممسكة بزمام السلطة وحكم البلاد، وهو الأمر الذي قاد إلى إعفاء الصادق من منصبه، ومع ظل ضعف أدائه غصةً مريرة في حلق المؤسسة العسكرية، وقد عبّر عن ذلك مساعد القائد العام للقوات المسلحة عضو مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن ياسر العطا الذي شنّ الأسبوع الماضي هجوماً لاذعاً على وزارة الخارجية وأدائها خلال فترة الحرب، منتقداً سفراء البلاد بالخارج عدا رئيس بعثة السودان في نيويورك، ومندوبه الدائم في الأمم المتحدة (السفير الحارث إدريس الحارث)، وقال العطا إن الحارث ما شاء الله يقوم بأدوار عظيمة وكبيرة تجاه وطنه بينما يحارب سفراء آخرون الدولة حرباً مباشرة ويتعاملون مع أعداء السودان من الجنجويد والقحاتة والدول الداعمة للتمرد في السودان مثل دولة الإمارات العربية المتحدة.

خاتمة مهمة:
على كلٍّ تبدو وزارة الخارجية مواجهة خلال ولاية وزيرها الجديد دكتور علي يوسف الشريف بالعديد من التحديات في ظل عدم الرضا المبذول من قبل قيادة الدولة، وحتى من بعض العاملين في الخارجية نفسها، وهو أمر يضع على عاتق الوزير الجديد مسؤولية جسيمة تأبى عن حملها الجبال وتشفق منها، ومع ذلك نثق في قدرة ( الوزير البلدوزر) على إحداث النقلة المرجوة سياسياً ودبلوماسياً ومالياً، وليت الوزير يبدأ بنظافة الوزارة من أعوان الجنجويد والقحاتة، ويعيد النظر في بعض السفارات والمحطات المهمة بإجراء عمليات إحلال وإبدال بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وثمة سؤال مهم يلحُّ على الحضور كلما جاء الحديث عن وزارة الخارجية يتعلق بسبب الوجود الكبير للمسمى الوظيفي ( قائم بالأعمال، وقائم بالأعمال بالإنابة في عدد من سفارات ومحطات السودان الخارجية!) هل مردُّ ذلك هو ضعف في القدرات أم قلة في الكوادر؟ يوسف أيها الشريف أعانك الله وسدد خطاك..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top