مساعدات من إدارة الكوارث.. وتغريدة مثيرة لسفير انقرة.. تركيا.. إخماد نيران السودان..

مساعدات من إدارة الكوارث.. وتغريدة مثيرة لسفير انقرة..

تركيا.. إخماد نيران السودان..

السفير التركي: “في السودان من اختار إشعال النار”..

تساؤلات حول إمكانية التحالف الاستراتيجي بين الخرطوم و”أنقرة”

البلدان يشتركان فى الأهمية من حيث الموقع الاستراتيجي والجيوسياسى..

تغريدة السفير التركي تحمل رسائل رمزية وسياسية واضحة..

تقرير_ محمد جمال قندول

كشف سفير تركيا لدى السودان السيد فاتح يلد عن مساعدات مقدمة من بلده عبر إدارة الكوارث والطوارئ التركية (AFAD)، بالتعاون مع مديرية الغابات، تحمل كميات كبيرة من رغوة ومعدات مكافحة الحرائق الأخرى للمساعدة في إخماد الحرائق الأخيرة ببورتسودان.

وكان السفير التركي قد غرد على منصة إكس -تويتر سابقا- قائلا: “في السودان من اختار إشعال النار، بينما الأتراك عازمون على المساعدة في إخمادها”.

تدوينة الدبلوماسي التركي قوبلت بتفاعل كبير من السودانيين وإن كانوا يتساءلون عن الدور التركي في حرب الخامس عشر من أبريل؟ وهل يمكن أن تكون”أنقرة”حليفا استراتيجيا؟!

الموقع الاستراتيجي

ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي رئيس تحرير صحيفة “براون لاند” محمد سعد كامل،
أنه ليس غريبا أن تقف تركيا بجانب السودان في محنة الحرب المدمرة التي يقودها مرتزقة الدعم السريع بالإنابة عن دويلة الإمارات. وسابقا حتى قبل الحرب، تقف مساعدات الحكومة التركية شاهدة على حجم التعاون والصداقة بين البلدين عبر الكثير من المستشفيات الخيرية والمناطق الصناعية والمساعدات المباشرة.

ويستشهد سعد بجذور التاريخ القديم بين البلدين والتي تعود للعام 1555م عندما دخلت المنطقة تحت السيادة العثمانية وكان للأتراك تأثير واضح في العديد من مجالات الحياة بالسودان لا تزال آثارها باقية إلى اليوم مثل: الزراعة، والحرف والمهن الصناعية، والخدمات الصحية والطبية، والنقل، والقوات النظامية وحتى الثقافة الغذائية، بل إن تأثير الأتراك على لغة أهل السودان لا يزال قائماً حتى اليوم.

 كما أن البلدان يشتركان في أهمية كل منهما من حيث الموقع الاستراتيجي والجيوسياسى، والدور الذي يلعبه كل بلد في محيطه الإقليمي. وقد شهدت الآونة الأخيرة تنامياً لهذا الدور بالنسبة لتركيا، خاصة في قضايا الشرق الأوسط، والقضايا الإسلامية، لا سيما القضية الفلسطينية، فضلا عن أدوار أنقرة المقدرة في حوار الحضارات  والتقارب مع الغرب.

ويواصل الكاتب الصحفي محمد سعد في تطوافه ويقول إن هناك عوامل ثقافية مشتركة تربط البلدين وتظهر بشكل واضح في الثقافة الغذائية وبعض القضايا الاجتماعية الأخرى، كما أن هناك تداخل لغوي بين البلدين.

إن التأثير الكبير للانخراط التركي في السودان هو أيضًا أكثر وضوحًا في الزراعة والحرف والمهن الصناعية والخدمات الصحية والطبية أيضًا في قطاع النقل. كما تمتلك الدولتين الشقيقتين موارد طبيعية وبشرية ضخمة من شأنها أن تساعد في تعزيز بناء الدولة كقوة اقتصادية وسياسية إقليمية.

ويشير سعد إلى أن أنقرة تعتبر السودان بوابة لأفريقيا. ومن هذا المنظور، فإن كلا البلدين حريصان على بناء علاقة بناءة تخدم مصالح الشعبين الشقيقين.

وفي ضوء ذلك، يعمل السودان وتركيا كعضوين في منظمة التعاون الإسلامي (OIC) على إيجاد تعاون ثنائي قوي من خلال الآليات المشتركة، وكذلك المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى التي يتمتع الجانبين بعضويتها.
 
التموضع

ويقول الخبير والمحلل الاستراتيجي د. عمار العركي إن تغريدة السفير التركي بأن “في السودان من اختار إشعال النار، بينما الأتراك عازمون على إخمادها”، تحمل رسائل رمزية وسياسية واضحة.

وتابع محدّثي في معرض الطرح: استخدام تعبير “إشعال النار” هو مجاز واضح عن الحرب أو الفتنة، ويشير إلى أن أطرافًا سودانية تتحمل مسؤولية مباشرة في تفجير الوضع الداخلي.

في المقابل، يصف الدور التركي بأنه إيجابي وإنساني – “عازمون على المساعدة في إخمادها”، وهو تعبير يعطي صورة لتركيا كوسيط أو طرف يسعى للسلام، لا للمصالح.

ويشير العركي إلى أن أنقرة تقدم نفسها كطرف محايد يسعى للسلام، في محاولة لتحسين صورتها وسط صراع النفوذ الإقليمي، كما تحمل التغريدة رسالة تركية مزدوجة بدعمها الاستقرار في السودان، وأنها – تركيا – ليست طرفًا في تغذية الحرب.

فضلا عن أنها تظهر تركيا وكأنها تسعى للتموضع كوسيط مقبول في أي تسوية مقبلة، دون استفزاز علني لأي من الأطراف.

لكن السؤال المحوري حول توقيتها سيما وأن كل المعطيات لا تشير إلى أي بوادر وساطات أو تفاوض، وهو ما يثير التسآولات حول وجود تفاهمات ومناقشات على مستوى القوى النافذة في إطار التوازنات الاستراتيجية سيما وأن التهديد وصل إلى سواحل البحر الأحمر وأمنه، والذي تتقاطع فيه كل المصالح الدولية وباعتبار أن البحر الأحمر نقطة توازن استراتيجي محورية وحاكمة.