خارج النص
نقاط في سطور
يوسف عبد المنان
الوعي الذي ساد في الشارع السوداني، وتجارب الحكومات السابقة ـ الفاشلة منها والناجحة ـ جعلت الانقسام عميقًا تجاه رئيس الوزراء الجديد الدكتور كامل إدريس، الذي تم تعيينه بصلاحيات كاملة كما أُعلن، وترك له تشكيل حكومته حسب رؤيته، وبما يراه مناسبًا من الكفاءات.
وبغض النظر عن صحة الحيثيات التي ساقها المعارضون لتعيينه، أو المؤيدون دون تحفظ، فإن الحكم على الرجل يجب أن يكون من خلال أدائه الفعلي، لا عبر الأحكام المسبقة أو التفاؤل غير المحسوب.
وأمام الدكتور كامل إدريس أشهر قليلة ليثبت صحة رأي الفريقين، أو يخذل تطلعاتهما لكن من حيث الكفاءة، فالرجل لا تنقصه الخبرة ولا العلاقات الواسعة، كما أنه يتمتع بـ”حياد إيجابي” تجاه القوى السياسية.
وقد لقي ترحيبًا من قوى الوسط وبعض قوى الثورة، بل ومن حزب المؤتمر الوطني على لسان أحمد هارون.
لكن حتى الآن، لم تبدِ القوى الشريكة للعسكريين، خاصة الحركات المسلحة، موقفًا واضحًا من قرار التعيين أو من شخصية كمال إدريس، وإن كانت ستحتفظ بمقاعدها في الحكومة المقبلة ضمن توازن القوى داخل الحكومة الانتقالية التي تدخل الآن مرحلة جديدة، قد تطول أو تقصر، تبعًا لتطورات المشهد العسكري، الذي بات هو رمانة الاستقرار في البلاد.
في كردفان، بدّد العقيد حسن يونس البلاع مخاوف المتعاونين والمتعاونات مع المليشيات، من خلال الجهود التي بذلها بعد دخول قوات “الصياد” إلى أوائل نقاط مداخل ولاية جنوب كردفان (جبال النوبة).
وقبل دخول “الصياد الحمادي”، بدأت حملة مضلِّلة ومشحونة بالكذب، تتحدث عن استهداف الجيش لأكبر مكوّن اجتماعي في المنطقة، أي الحوازمة.
إلا أن العقيد حسن يونس، وهو مجاهد صادق من أبناء المنطقة، اجتمع مع الفعاليات الاجتماعية في الحمادي، ومع النساء، وتم فتح الأسواق وتأمين الطريق إلى الأبيض، وانسياب حركة النقل، فعادت البسمة إلى وجوه أهل الحمادي وقرى كازقيل والابنوية، وارتاح المواطنون من نهب اللصوص وطغيان المليشيات.
ويترقّب الناس دخول الدبيبات وفتح طريق الأبيض – الدلنج قبل حلول موسم الأمطار القريب جدًا، في حين تعيش الدبيبات أوضاعًا مأساوية، من جوع وفقدان أمن وسلب ونهب وصل حد تفكيك أسقف منازل المواطنين وترحيلها إلى جنوب كردفان، حيث تتمركز المليشيا في وادي أبو حبل.
ورغم أن للقوات المسلحة تقديراتها، إلا أن المواطنين في مناطق الدبيبات يواجهون الموت يوميًا بسلاح الجنجويد، وقد يموت الناس جوعًا وعطشًا في الأيام القادمة بعد توقف الطواحين ومحطات المياه.
أما ولاية الخرطوم، فلا تزال ترزح تحت الظلام التام، وشُح المياه، ونقص الخدمات، في ظل ارتفاع شديد لدرجات الحرارة بلغت يوم أمس (48) درجة مئوية.
ارتفع سعر برميل المياه إلى (10,000) جنيه، وسعر لوح الثلج إلى (20,000) جنيه، وقفز سعر كيلو الطماطم إلى (4,000) جنيه.
وبات الناس في حالة من الضيق والضجر، محرومين حتى من فرحة النصر في “صالحة”، وإعلان الخرطوم خالية من الجنجويد.
وإذا قدّر لوالي الخرطوم أن يزور مقر المؤسسة العسكرية الاقتصادية، التي تقدم خدمات مجانية للمواطنين ـ مثل شحن بطاريات الهواتف ـ لوقف على حجم المأساة التي يعيشها الناس في عاصمة يُفترض أن يبدأ مواطنوها في العودة إليها من الخارج.
لكن كيف يعودون؟
والحال أسوأ من أيام الحرب، والانفلات الأمني بلغ ذروته، وسط فوضى حمل السلاح، والنهب، والسرقة، وغياب الشرطة، وعجزها عن التصدي لعصابات ترتدي زيًا عسكريًا، وتحمل أسلحة متطورة، وتمتطي دراجات نارية سبق أن صدر قرارٌ بحظرها.
إلا أن عجز الولاية وشرطتها عن تنفيذ قرارات لجنة أمن الولاية حوّل القرار إلى مجرد حبر على ورق.