أفياء
أيمن كبوش
لم يعد في العمر متسع لهتاف: (امريكا لمي جدادك).. !
# قلت له: في ذكراتنا الجمعية السودانية، جرت العادة أنه عندما تحدث حالة وفاة، خاصة إن كان ذلك داخل المنزل، لا يتم الإعلان مباشرة عنها، أو ما يعرف، شعبياً، بعملية (فتح البكا).. بل يتم ارجأ الاعلان إلى حين الانتهاء من ترتيبات معينة وضرورية.. أهمها إعادة تنظيم الدار ومعرفة ما لدينا وما علينا.. ومن ثم الاتصال بالمقربين وهم أهل الدراية والدربة في مثل هذه الاشياء، وبعد اعداد كل ما يلزم تجاه هذا الأمر الجلل، يتم الإعلان والتحضير لمرحلة سودانية جديدة تُعرف بحالة (الميتة وخراب الديار)… ونادرا ما ينتهي العزاء عندنا بانتهاء مراسم الدفن لأن البعض يحسب ذلك عيبا..
# نحن الآن، مجازاً، كدولة محطمة، نعيش حالة وفاة اسمها (العقوبات الأمريكية) التي لا يمكن أن تحس باي صدى لها أو (جقلبة) في إيران أو كوبا أو افغانستان، لذا يلزمنا ترتيب البيت من الداخل اولا.. ومقابلة الحدث الجلل (العقوبات أو الوفاة) بما يليق بأمة تحتاج لأن تتحلى بالصبر والجلد والثبات.
# سؤال من الاسئلة التي في حياتنا.. هو ليه نحن دائما رد فعل.. ؟ متى نتحول إلى خانة الفاعل.. ؟ ولكن لن نصبح كذلك ايها السادة ما لم نراجع ونقارب ونجرح ونعدل ونشتغل على أنفسنا.. نحاسبها في الاول حساب حقل وبيدر.. ؟.
هل نحن دولة محترمة لها دستور دائم أو حتى مؤقت ؟ هل نحن دولة مؤسسات ؟ هل نحن دولة قانون ؟ هل نحن دولة الكفاية والعدل.. ؟ كل هذه الاسئلة إجاباتها صادمة لأننا كدولة.. لسنا بخير قبل الحرب وبعدها.. ! معناها شنو ؟ محتاجين نكون اولا دولة محترمة.. دولة لها مؤسسات ولها قوانين محترمة ومطبقة على الصغير والكبير… أما حكاية الحمية الجعلية.. والحمية الكاهلية والشجاعة النوباوية والحكامة الغرباوية و(دخلوها وصقيرا حام) الوسطية.. فكلها شعارات تنفيس للمجتمع المحلي ولكنها مجرد ناموسة في اذن فيل المجتمع الدولي.
# متى نصبح فاعل.. ؟ هذا هو أساس الأزمة.. لابد أن نغادر محطة نحن ونحن الشرف الباذخ عمال على بطال وان نبدأ في إعادة التفكير من جديد.. نجرد ما لدينا ونربط البطون إلى حين ميسرة لن تأتي إلا بالانتاج والعمل.. لا يكفي أن نتحول جميعا إلى افندية وجوكية وسماسرة.. علينا أن نتواضع بعد هذا كل هذا الخراب لكي نقيم وضعنا وندرك بأن الأهم لنا ولشعوبنا ولدولتنا أن ننغلق على ذواتنا وان نذيل كل الدمامل التي تعيق حتمية تقدمنا ونحن الأوفر مواردا والاعز نفرا… نبدا بغول الفساد لكي نحاربه لا أن نتصور معه أو نتصالح.. سواء كان هذا الفساد متغلغلا في المكاتب العليا أو المكاتب العليا، ثم نبدأ العمل في الاصلاح القانوني مثل الإصلاح الزراعي والتعدين والثروة الحيوانية والصمغ العربي.. لابد من محاربة عنقالة العلاقات البينية.. نحن عندنا بترول ؟ نعم عندنا.. نحن عندنا ثروة حيوانية ؟ نعم عندنا.. نحن عندنا ذهب ؟ نعم عندنا.. نحن عندنا صمغ عربي ؟ ايوه عندنا ووحدنا كمان و(من حقنا نفرح نطير زي الفراش لمكان بعيد ما زارو زولاً قبلنا) و… ! نحن عندنا مياه ونيل عظيم وانهار ؟ نعم عندنا.. وهل نحن عندنا أراض خصبة صالحة للزراعة.. ؟ نعم عندنا ! وكذلك عندنا عقول وسهول وعجول وارض خصبة.. إذن ماذا ينقصنا غير الإرادة الوثابة ومغادرة البقاء عند شعارات (امريكا لمي جدادك) لأن امريكا هذي ايها السادة لا ترى ولا تسمع.. ولكنها ترى ما يراه من يركعون لها بأموالهم.. طيب نحن شنو ؟ إذا عرفنا نحن شنو ؟ سوف ننهض ونغادر محطة ان نكون فاعل لا مفعول به في كل المرات.. والسنوات.
# اخيرا اقول.. حرام والله حرام أن نجتهد دائماً في استخدام نفس الوسائل الخاسرة ثم نجلس في انتظار نتائج مختلفة.. لا يجدي ان نقول لأمريكا لفي قراراتك هذه وضعيها في المكان الذي يريحك.. فالاصح أن نسألها: (انت عايزة شنو) ؟ بس مافي حد يغشنا ويقول لينا السبب الاسلام.. لانو حتى الناس العندهم (الحرمين الشريفين) قبلة الدين (راقدين).. ! نعم راقدين ولكن عشان رفاه شعبهم والحياة الكريمة وأعمارهم (ليست بعزقة).