خارج النص يوسف عبدالمنان قصة والي

خارج النص
يوسف عبدالمنان
قصة والي
عندما كانت أخبار حصار سلاح المدرعات تفيض بها القنوات الفضائية ، وتوجه مدفعية المليشيا نحو وادي سيدنا ويخرج الناس من أحياء ولاية الخرطوم يوميا إلى خارج الحدود والمدن الامنة في الشمال والشرق صمد أحمد عثمان حمزه والي الخرطوم في وجه العاصفة ولم ترعبه الدانات وانتقل بمكتب في غاية التواضع إلى شمال ام درمان، واكتشف أهل السودان ضابطا إداريا شجاعا جدا في مواجهة الموت ، يكفكف يوميا دموع ضحايا التدوين المدفعي ويمسح علي رؤوس أطفال فقدوا آباءهم وامهاتهم حتى خرجت الخرطوم من تحت الرماد وأعلن الأسبوع الماضي عن تحرير آخر قلعة بولاية الخرطوم كان يحتلها الجنجويد .
ومع ذلك تعالت في اليومين الماضيين أصوات في وسائل التواصل الاجتماعي، تطالب بإعفاء والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة من موقعه الحالي وتعيين اخر باعتبار حمزة رجل مرحلة انتهت بالتحرير لتبدأ خطوات التعمير .
ولكن آخرين يعتبرون ماكتب يعبر عن حملة منظمة تقف من ورائها جهات لها مصلحة في ذهاب الوالي الحالي ومصلحة في قدوم وال جديد
وبعيدا عن هؤلاء وأولئك هل للسلطة الحاكمة آليات لقياس أداء التنفيذيين في الدولة وكيف نحكم على وال بالفشل واخر بالنجاح وحكومات الولايات بلا موارد وبلا سلطات والولايات بلا دستور وبلا وزراء أو معتمدين وبلا مجلس وزراء حقيقي ومانشهده من مظاهر سلطة خجولة ماهم الا موظفي خدمة مدنية أكثر حرصا على رواتبهم الشهرية وحوافزهم الأسبوعية .
وأصبحت حكومات الولايات ومن بينها حكومة ولاية الخرطوم بلا عمق جماهيري وبلا حس سياسي ولا طموح يتعدى الاكل والشرب والسيارة والبيت واغلب قادة الخدمة المدنية في السودان من أصحاب الولاء المزدوج قلوبهم من حمدوك وجيوبهم من البرهان واقلية مع الدعامة سرا ومع الجيش تظاهرا.

والي الخرطوم مشي على الجمر سنوات الحرب حافيا وبشجاعة يحسد عليها ولكنه اليوم أمام معضلة كبيرة جدا الموارد صفرية والتخريب طال كل الولاية والحكومة المركزية كفت يدها عن دعم التنمية والخدمات لأنها لاتملك الا مايسد حاجة القوات المسلحة للدفاع عن الوجود؟
فهل دعاة تبديل الوالي الحالي بآخر يملكون إجابات لأسباب الأداء الكسيح في كل الولايات، وهل في ظل الظروف السياسية الراهنة وتعقيدات البحث عن وزراء وولاة لم يسبق لهم الارتباط بأي من الأحزاب السياسية وخاصة الأحزاب الإسلامية وفي مقدمتهم المؤتمر الوطني يمكنهم العثور على الكفاءة التي تقود التعمير في ولايه الخرطوم .
سأل أحد قادة الحكم الحالي الكبار جدا الأخ المهندس سعيد حبيب الله في يوما ما وهو أستاذ جامعي وشخصية مرموقة في السياسة عن ترشيح أسماء لأشخاص يمكن الاستفادة منهم كوزراء وولاة ولكن بشرط أن لا يكون أحدهم تولى في عهد الإنقاذ اي منصب حتى ولوكان رئيس لجنة في مدينة الجنينة
قال سعيد للمسؤول الكبير هل تريدهم من الأحياء ام الأموات
فقال له طبعا من الأحياء فقال له (زول الإنقاذ ثلاثين سنة لم تختاره في أي منصب أو تطرق بابه أن وجد فلا ينفعكم مطلقا).
أن حصر الوظائف في كبار الضباط المتقاعدين من القوات النظامية والضباط الإداريين وجعل السلطة حكرا على هؤلاء مما أدى لتدني الأداء في كل الدولة وليس ولاية الخرطوم وحدها التي حتما إذا ذهب أحمد عثمان حمزة اليوم غدا تبكيه الخرطوم بالدموع كما بكت الأبيض على أحمد هارون وبورتسوان على ايلا.
وكما قال إحسان عبدالقدوس فإن الماضي لايعود ولكن الحياة يجب أن تمضي إلى الأفضل ولانستبدل الحصان بالحمار الأجرب.