تفشي الأوبئة وسط عجز دولي وتمويل متراجع.. المنظومة الصحية بالسودان .. انهيار وواقع مأساوي

تفشي الأوبئة وسط عجز دولي وتمويل متراجع..

المنظومة الصحية بالسودان .. انهيار وواقع مأساوي

السودان يواجه أزمة صحية غير مسبوقة وسط تجاهل دولي

كامل إدريس يدعو الصحة العالمية لمساعدة السودان فى مكافحة الكوليرا

770 ألف طفل يواجهون خطر الموت جراء سوء التغذية الحاد الوخيم..

تسجيل 2,729 إصابة بالكوليرا خلال أسبوع واحد..و 172 حالة وفاة

90% من الحالات في ولاية الخرطوم، خاصة بمحليات كرري..

العدد التراكمي لإصابات حمى الضنك بلغ 12,886 حالة..

54 إصابة تراكمية بالحصبة في ست ولايات و134 بالسحائي

91% من إصابات التهاب الكبد الوبائي (E) سجلت بولاية كسلا

تقرير: رحمة عبدالمنعم
يعيش السودان واحدة من أشد أزماته الصحية والإنسانية منذ عقود، في ظل استمرار الحرب وتدهور الأوضاع المعيشية، وتفاقم الأوبئة، وعجز النظام الصحي عن الاستجابة لاحتياجات ملايين المتضررين. وبينما تكافح الأطقم الطبية والمؤسسات الصحية لتقديم الحد الأدنى من الخدمات، تتوالى المؤشرات على أن الأزمة باتت تمثل تهديداً وجودياً لحياة الملايين، وسط نداءات متكررة من منظمة الصحة العالمية لتقديم دعم عاجل ومستدام.

الصحة العالمية
وصفت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، الدكتورة حنان بلخي،
في مؤتمر صحفي عقدته اول امس الاثنين، الوضع الصحي في السودان بأنه “مدمر وغير مسبوق”، مؤكدة أن الأزمة لا تحظى بالاهتمام الدولي الذي تستحقه، وأشارت إلى أن نحو 770 ألف طفل يواجهون خطر الموت جراء سوء التغذية الحاد الوخيم خلال العام الجاري وحده.
وبحسب بلخي، فإن تفشي الأمراض المعدية، على رأسها الكوليرا وشلل الأطفال والحصبة وحمى الضنك والملاريا، يشكل ضغطاً هائلاً على قطاع صحي منهك أصلاً من آثار الحرب، ويكافح وسط ظروف بالغة التعقيد، لا سيما في ظل انخفاض معدلات التحصين إلى أقل من 50%، واستمرار الهجمات على المنشآت الصحية والبنية التحتية الحيوية.
وكشفت منظمة الصحة العالمية عن 167 هجمة موثقة على مرافق وسيارات إسعاف وعاملين صحيين، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 1120 شخصاً. كما أشارت بلخي إلى أن الهجمات الأخيرة بالطائرات المسيّرة طالت ميناء بورتسودان ونقاط دخول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى تعطيل عمليات الإمداد الحيوية.
ورغم الحاجة الملحة، تعاني خطة الاستجابة الصحية من فجوة تمويلية حادة، إذ لم يتم تمويل ركيزة الصحة سوى بنسبة 9.7%، بينما تواجه منظمة الصحة العالمية نفسها عجزاً بنسبة 67% في تمويل أنشطتها داخل السودان ،وفي هذا السياق، طالبت بلخي بتأمين وصول المساعدات دون عوائق، وتسهيل العمليات عبر الحدود، إلى جانب وقف فوري للهجمات على المدنيين والمنشآت الطبية.

عمليات الطوارئ
ووفقاً لتقرير مركز عمليات الطوارئ الصحية الاتحادي امس الثلاثاء، فقد شهد السودان خلال أسبوع واحد 2,729 إصابة بالكوليرا، بينها 172 حالة وفاة. وتُعد ولاية الخرطوم بؤرة التفشي الأكبر بنسبة 90% من الحالات الجديدة، خاصة في كرري وأم درمان وأمبدة، تليها ولايات شمال كردفان، سنار، الجزيرة، النيل الأبيض ونهر النيل.
وفي محاولة لاحتواء الوضع، أطلقت السلطات الصحية حملة تطعيم ضد الكوليرا بدأت في منطقة البجا عبد الهادي بمحلية جبل أولياء، على أن تشمل لاحقاً بقية المحليات ،كما باشرت الجهات المعنية تشغيل محطة المياه في أم درمان، وهو ما دفع حكومة الولاية لتوقع انخفاضاً في معدلات الإصابة، لا سيما بعد تسجيل ارتفاع نسبة التعافي إلى 60% بحسب بيانات وزارة الصحة.
إلا أن البيئة الملوثة لا تزال تمثل تحدياً كبيراً، حيث تم رصد 328 مصدر مياه غير مطابق للمواصفات، من بين أكثر من 1,400 مصدر جرى فحصها، وقد أعلنت ولاية الخرطوم إغلاق جميع الآبار في منطقة جبل أولياء بعد الاشتباه في تلوثها، خاصة بعد تسجيل وفيات وسط محتجزين سابقين في معتقلات مليشيا الدعم السريع بمنطقة الصالحة وجنوب أم درمان.

انتشار الأوبئة
ولم تقتصر الأزمة على الكوليرا، إذ سجل تقرير مركز عمليات الطوارئ 12,886 إصابة بحمى الضنك و20 حالة وفاة، إضافة إلى 54 إصابة تراكمية بالحصبة (منها حالتا وفاة)، و134 حالة إصابة بالسحائي أودت بحياة 12 شخصاً، غالبيتهم في ولاية الجزيرة. كما تم تسجيل 91% من إصابات التهاب الكبد الوبائي (E) في ولاية كسلا.
وتزامناً مع تصاعد الوضع الصحي، واصلت فرق وزارة الصحة الاتحادية إرسال الإمدادات، حيث جرى نقل 150 طناً من الأدوية والمستهلكات الطبية إلى الخرطوم، تسلمت منها الولاية 120 طناً حتى الآن، كما تم تسيير عيادات متنقلة إلى مراكز الإيواء في كسلا، واستمرار برامج الرعاية الصحية للأمهات والأطفال، إلى جانب تدريب الكوادر الصحية على الاستجابة للأوبئة.

دعم السودان
من جانبه ،دعا رئيس الوزراء المعين حديثًا، كامل الطيب إدريس، منظمة الصحة العالمية إلى دعم السودان لمكافحة وباء الكوليرا، والعمل على توحيد الجهود وتقديم الحلول العاجلة.
وقالت وكالة السودان للأنباء، الثلاثاء ، إن رئيس الوزراء كامل الطيب إدريس أجرى محادثة هاتفية مع مدير منظمة الصحة العالمية، تادرس أدهانوم وتطرق إلى الكوليرا في السودان.وخلال المحادثة الهاتفية تناول إدريس مع مدير منظمة الصحة العالمية الجهود المبذولة، وقال إن الجهود المبذولة لم تؤد إلى تحقيق الأهداف المتوقعة.
وأكد رئيس الوزراء على أهمية منظمة الصحة العالمية في مكافحة وباء الكوليرا ومساعدة المرضى والوقاية من الوباء، وشدد على ضرورة تجاوز الأطر التقليدية وتصميم حلول ناجعة
وطالب كامل إدريس بتوفير الأدوات ودعم القدرات والمساعدة العاجلة اللازمة، وتطوير الخطة الوطنية لمكافحة الكوليرا وتنفيذها بفعالية، بما في ذلك الدعم والمساعدة الفنية، والشراكة على المستويين المحلي والعالمي..