خارج النص يوسف عبدالمنان أم درمان اليوم

خارج النص
يوسف عبدالمنان
أم درمان اليوم
بعد أن تنفست طبيعيا ونامت حرائرها ملء جفونها وغسلت من شوارعها الدماء ونفضت عن ثيابها غبار المدفعية وبدأت الحياة تعود رويدا رويدا إلى ماكان قبل حرب دقلو ورغم انقطاع التيار الكهربائي لمدة ست عشرة ساعة في اليوم وتمتع المواطنين بثمان ساعات وانحسار الاسهالات وتعافي المصابين بفضل جهود الأطباء في المستشفيات رغم فشل الحكومة في الوفاء برواتبهم الا ان ام درمان تفرح بالامسيات بالزيجات وتغني الشوارع بعد انقشاع الحرب
ماتبكي لو سابك قريب
أو يوم غدر بالريد حبيب
الدنيا لسه مليانة طيب
والبسمة للمجروح طبيب
ولكن ام درمان مقبلة على أعياد أضحى كانت مليانه فرحة وبسمة ولحمة وزهور وعطور ولكن الآن نقبل على عيد بدون زهور وفطور بلا طيب الطعام وقد أصبحت الأسر نفسها ضحية دع أن تستطيع شراء خروف الضحية منذ صباح أمس طفت مع أصدقاء على تجمعات الخراف التي دخلت ام درمان من البطانة ومن الشماليه التي أصبحت في السنوات الأخيرة منافسا لكردفان وسنار في تربية الماشية مع اختلاف المراعي الطبيعية مع المراعي المروية وبعد تحرير نصف كردفان عادت خراف ام سيالة ودار حامد والجوامعة كما غزت الأسواق خراف الصعيد من تلودي والليري والعباسية وهي خراف بيضاء تسر الناظرين مع بقعة سوداء في عنقها أو فمها ولكنها أقل جودة من انواع الخراف الحمرية والكباشية بيد أن أسعار الخراف اليوم في ام درمان تباعدت المسافات بينها وجيوب المواطنين الخاوية من الجنيهات وقد سكنها (ابو النوم) ومن لايعرفون ابو النوم هو قطع صغيرة من قطن الجلابية أو العراقي تتواجد في الجيوب الخاوية ورغم الفقر والقهر ارتفعت أسعار الخراف لأرقام قياسية وامس بالحارة 72 سألت عن سعر الخراف وقد تراوحت بين صغير مشكوك في بلوغه سن الضحية بنحو سبعمائة الف جنيه ومتوسط مابين 900 الف إلى مليون ومائة وحروف كبير مابين مليون وثلاثمائة الف إلى مليون ونصف المليون الشي الذي يجعل الضحية هذا العام مرفوعة عن أكثرية سكان ولايه الخرطوم وقد اختفت فجأة المنظمات الطوعية الاسلاميه التي كانت تقدم مساعداتها للفقراء والمساكين وتنحر الأضحية في مناطق الخرطوم الطرفية ولكنها ذهبت مع الحرب وفي منطقة سوق حلايب الواقع بين الحارة العاشرة والحضارة 21 الثورة غرقت الساحات بوارد الخراف من كل السودان طبعا باستثناء ولايه البحر الأحمر ولكن الأسعار تضاعفت خلال أسبوع بينما كان سعر الخروف الكبير خمسمائة ألف جنيه تضاعف سعره إلى مليون جنيه فكيف لمواطنين لايجدون ثمن رغيف الخبز الاستجابة لضغوط أطفالهم وهم يسألونهم متى َتأتي يا ابي بخروف الضحية ولايدري هؤلاء الصغار أن والدهم هو الضحية الأولى في عيد الضحية…