اعترف بأن “الإطاري” سبب الحرب

المتمرد حميدتي .. التوهان.. وضياع البوصلة..

تقرير: هبة محمود

حمل الإسلاميين مسؤولية إشعال الحرب كالعادة…

رفض مقترح البرهان بالتراجع عن الاطاري وأصر على المضي في تنفيذه.

زعيم التمرد وجه رسائل ل(قيادة الجيش ، الإسلاميين ، الأحزاب السياسية).

قال إن سليمان صندل ابلغه بوجود مؤامرة تستهدفه من داخل المؤسسة العسكرية.

قائد المليشيا أراد بحديثه البحث عن برنامج جديد (يسع الجميع)..

أراد أن يقول بارتدائه الزي القومي انه رجل دولة قبل اي شئ..

كذب فى الحديث عن وفاة غير طبيعية للواء نصر الدين نائب مدير الشرطة..

في ثان خطاب له منذ ادائه القسم، رئيساً لما يعرف بحكومة تأسيس، ظهر قائد مليشيا الدعم السريع المتمرد محمد حمدان دقلو “حميدتي” أمس الأول في خطاب سياسي أمام جمع من القيادات المدنية والعسكرية بمدينة نيالا، إن صح التعبير أكثر من كونه (عسكرياً) حمل فيه الإسلاميين مسؤولية إشعال الحرب كالعادة.
وعلى الرغم من أن إتهامات قائد التمرد للإسلاميين وحزب المؤتمر الوطني بإشعال الحرب في السودان، ليست جديدة، إلا أن توقيت الخطاب نفسه، في ظل عدد من المتغيرات العسكرية على الأرض، يفتح معه عدد من التساؤلات إزاء الرسائل التي وجهها دقلو، سيما في ظل خلوه من اي وعود عسكرية من جانبه.
ولعل من المفارقات في الخطاب الذي ألقاه حميدتي ، هو اعترافه ضمنيا بأن السبب الأساسي وراء إندلاع الحرب، الإتفاق الإطاري، وذلك من خلال حديثه، عن اقتراح رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان التراجع عنه، الأمر الذي رفضه هو وأصر على المضي قدمًا في تنفيذه.

هل يريد أن يمد حميدتي يده للجيش مرة أخرى؟!

عدد من الرسائل في أكثر من بريد أراد قائد التمرد حميدتي وضعها وفق مراقبين، من خلال خطابه الذي ألقاه أمس الأول، تشمل بريد (قيادة القوات المسلحة السودانية ، الإسلاميين ، الأحزاب السياسية).
لكن قبل ذلك فإن حميدتي من خلال ظهوره مرتديا الزي القومي أراد إرسال رسالة (سياسية) في المقام الأول، بأنه رئيسا للحكومة الموازية، الأمر الذي اعتبره خبراء سياسيين رسالة خاصة.
وبحديثه عن الإسلاميين هذه المرة متهما أطرافا داخل الجيش برفض الإتفاق الإطاري، مقرونا ذلك بتصريحاته عن موافقة البرهان وبقية العسكريين على الاتفاق الإطاري، يذهب متابعون إلى أن حميدتي يفتح يده مرة أخرى للجيش.
واتهم حميدتي خلال خطابه أطرافًا داخل الجيش بالتواطؤ مع الإسلاميين، مستندًا في ذلك إلى معلومات قال إنه نقلها إليه سليمان صندل خلال لقاء جمعهما في مدينة الجنينة، أكد فيها وجود مؤامرة تستهدفه من داخل المؤسسة العسكرية.

الإسلاميين و حميدتي .. أمر واقع

وعلى الرغم من الإتهامات التي كالها حميدتي للفريق البرهان في سياق حديثه، عن إتفاقه مع الجيش بدمج قوات الدعم السريع خلال فترة زمنية تمتد لعشر سنوات، قبل أن يمضي البرهان في مناقشة تفاصيل الاتفاق الإطاري، بحسب ما افاد، الا أن مراقبين يرون أن حميدتي أراد من حديثه البحث عن برنامج جديد (يسع الجميع).
ويرى استاذ العلوم السياسية د. الفاتح محجوب مدير مركز الراصد للدراسات الإستراتيجية أن قائد التمرد يريد أن يمهد لعملية صلح سياسي ينهي من خلالها الحرب، من خلال حديثه أمس الاول على الرغم من الإتهامات التي دفع بها للبرهان.
ويستند محجوب في تحليله لـ ” الكرامة” إلى أن حميدتي خلص الى أن سبب الحرب كان بدافع التخلص من الإسلاميين، غير أن ذلك لم يحدث، ما جعله يبحث عن طريقة لإنهاء الحرب عبر صلح عسكري مع الجيش في إطار صفقة سياسية جديدة تشمل الجميع.
وقال ان حميدتي لأول مرة في خطابه يجعل مسافة بين وبين شركائه في تحالف صمود في حديثه.
وأوضح بأن أولى رسائل حميدتي السياسة كانت من خلال ارتدائه الزي القومي، التي أراد أن يقول بها بأنه رجل دولة قبل اي شئ.
وتابع: حديث حميدتي يمثل رغبته في صفقة سياسية وعسكرية.
وحول مقبوليته في المشهد السياسي مرة أخرى بالنسبة للشعب السوداني يرى محجوب، أن الأمر يتعلق بظروف ما بعد الحرب وليس الان.

ارباك المشهد ام صفقة سياسية قادمة ؟!
ويقرن متابعون تصريحات حميدتي بتسريبات عن وجود صفقة سياسية قادمة في الطريق. وامس كشف رئيس تحرير صحيفة السوداني عطاف محمد مختار عن وجود إتصالات ولقاءات عديدة بين أعضاء بمجلس السيادة وقيادات في تأسيس وصمود.
واعتبر متابعون الحديث عن وجود أي صفة أو عودة للمليشيا أو مناصريها إلى المشهد أمر مرفوض في ظل الانتهاكات التي مورست تجاه الشعب السوداني.
لكن في مقابل ذلك اعتبر المحلل السياسي د. محي الدين محمد محي الدين حديث حميدتي أمام قياداته المدينة والعسكرية بنيالا أمر لا جديد فيه، وأنه من حيث توقيت الحديث أراد إرباك المشهد ليس إلا.
وقال في حديثه لـ”الكرامة أن حميدتي حاول أن ينفي عنه تهمة إندلاع الحرب في السودان متجاهلا الحديث عن أنهم في يوم 13 ابريل قاموا بتحريك قواتهم إلى مروي.
وأوضح أن ما يكشف كذب حميدتي في محاوله نفيه التهمة عن نفسه، هو حديثه عن نصب مضادات للطيران في مطار الأبيض.
وامس الأول قال حميدتي أن قواته كانت تمتلك مضادات للطيران في بداية الحرب، لكنها لم تلجأ لاستخدامها، نظرًا لنجاحها في تنفيذ عملية استباقية تمثلت في اقتحام المطار والسيطرة عليه.

رويات كاذبة

ويرى د محي الدين محمد محي الدين الذي واصل حديثه لـ “الكرامة” أن حميدتي أراد زعزعة ثقة الداعمين للجيش من خلال وارباك المشهد من خلال حديثه ومحاولة تقديم سردية لعناصره بعدم وجود ما يتحدث عنه غير الحديث عن الماضي لأنه لا يستطيع الحديث عن الواقع الميداني أو الواقع داخل صفوف المليشيا.
ولفت إلى أن حميدتي قدم رواية كاذبة عن تصفية الجيش
لنائب مدير الشرطة الفريق نصر الدين عبد الرحيم، الذي توفي في مايو 2023 ، وهو الأمر الذي قام بنفيه نجل الراحل عبر تغريدة في موقع اكس نافيا تصريحات حميدتي وموكدا أن والده توفي نتيجة السكتة القلبية.
و في تصريحاته قال حميدتي أن وفاة نصر الدين لم تكن طبيعية كما ورد في الرواية الرسمية، بل جاءت نتيجة موقفه الرافض للزج بقوات الشرطة في النزاع العسكري الدائر في البلاد.
واعتبر محي الدين أن المليشيا من خلال تصريحات قائدها تسعى إلى التشويش وصبغ الحكومة بارتكاب جرائم في مقابل الجرائم التي ترتكبها، وهو تكتيك تعمل به عبر غرفها الإعلامية.
وتابع: إجمالا هذا الحديث كان في غبر صالح المليشيا وسيعمق حالة الرفض داخلها، لأن حميدتي بدلا من الرد على عناصره والاستجابة لمطالبهم تحدث عن قضايا أخرى، الأمر الذي ينبئ بمزيد من التشرذم.