الموتى يُدفنون بلا أكفان بسبب انعدام الأقمشة.. مواطنو الفاشر .. النزوح القاسي أو البقاء المميت.. الكرامة: هبة محمود

الموتى يُدفنون بلا أكفان بسبب انعدام الأقمشة..

مواطنو الفاشر .. النزوح القاسي أو البقاء المميت..
الكرامة: هبة محمود
تفاصيل قاسية لرحلات فرار خاضتها عائلات بأكملها للهروب من الحصار

النازحون يرون تفاصيل لا تصدق، ومناشدات للمجتمع الدولي بالتدخل..

سكان الفاشر يعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء ومياه الشرب..

استشهاد 103 مدنيًا، من بينهم 13 طفلًا بالقصف فى يونيو المنصرم….

نزوح أكثر من (469,000) أسرة، بينهم نحو (80,000) فروا إلى تشاد..

الكرامة: هبة محمود

أزمة إنسانية حادة لامثيل لها، تعيشها مدينة الفاشر منذ أكثر من عام في ظل الحصار الذي تفرضه عليها مليشيا الدعم السريع.
فمع تزايد حدة الحصار يزداد تضييق ٩الخناق، ليصبح المواطن ن بين قطبي رحى، فإما البقاء وسط المدافع، أو الخروج في رحلات فرار قاسية عاشها المئات منهم، نجا منها من نجا، ولقي حتفه من لقى.
تفاصيل قاسية لرحلات فرار خاضتها عائلات بأكملها للهروب من الحصار المفروض على المدينة المنكوبة، فالنازحون يرون تفاصيل لا تصدق، والمسؤولون يناشدون المجتمع الدولي بضرورة التدخل، سيما بعد رفض مليشيا الدعم الاستجابة للهدنة، ولجؤها إلى تضييق الخناق بحفر الخنادق حول محيط الفاشر.
وازاء تلك الأزمة أطلق المدير التنفيذي للتأمين الصحي بشمال دارفور، د. كرم الدين أحمد كرم الدين، نداءً إنسانيًا لإنقاذ الأوضاع في مدينة الفاشر.
ونوه بحسب ما أورده راديو دبنقا الى  أن الموتى يُدفنون بلا أكفان بسبب انعدام الأقمشة، وقال إن ما يجري في الفاشر يعد “كارثة حقيقية لا مثيل لها في التاريخ الحديث”، مضيفًا أن غالبية السكان اضطروا إلى مغادرة المدينة فرارًا من الجوع والغلاء.

الوضع فاشل

هل الخروج من الفاشر أمن ؟! تساؤل يطرح نفسه في ظل الأزمة، التي اضطرت المواطنين للخروج، في رحلة طويلة.
فحسب مدير صحة شمال دارفور د.ابراهيم عبد الله خاطر لـ”الكرامةـ فإن الوضع في( الفاشر) (فاشل)بحد تعبيره، مؤكدا أن الأوضاع الإنسانية في غاية السوء في ظل استمرار المليشيا قصف المدنيين.
وجدد خاطر دعوته إلى ضرورة فك الحصار عن الفاشر في اقرب، إذ أن الأوضاع داخل وخارج المدينة سيئة.
وبحسب مراقبين فان المليشيا من خلال تضييق الحصار ورفضها الهدنة مقرونا ذلك باستهدافها المدنيين، تسعى لإفراغ المدينة.
واطلقت حركات موالية للمليشيا دعوتها للمواطنين بالخروج من الفاشر، وكان آخرها حركة الهادي إدريس التي أعلنت الفاشر منطقة عسكرية، داعية المواطنين للخروج إلى إماكن سيطرتها.
وفي ظل كل ذلك يتجدد السؤال، هل الخروج من الفاشر آمن وماهي الوسائل والسبل؟!
تفاصيل الفرار القاسي يرويها أحد النازحين نقلا عن ”دارفور24″ تبدأ بمغادرة الفاشر من خلف منطقة “السوبر كامب” شمال غرب المدينة، باستئجار عربات “كارو” مقابل نحو 120 ألف جنيه للوصول إلى “حلة الشيخ” شمالًا، حيث تخضع لتفتيش من قوات الجيش والقوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة.

رحلة فرار قاسية
وأوضح النازح أن الفارين يتوقفون لاحقًا في نقطة تفتيش تابعة لقوات الدعم السريع، والتي تُجري تحقيقات فردية وتحتجز بعض الأشخاص، فيما يُسمح للآخرين بمواصلة طريقهم نحو منطقة “قرني”.
وذكر أن سكان المنطقة يستعينون بـ”الحمير” لنقل كبار السن والمقتنيات مقابل 40 ألف جنيه لكل رحلة، تستغرق أكثر من ثلاث ساعات عبر طرق غير ممهدة وخالية من الحماية الرسمية.
وأشار إلى أن قوات الدعم السريع موجودة فى المسافة بين حلة الشيخ وقرني مع استمرار حوادث السلب التي تطال الهواتف والمبالغ المالية للفارين.
وتنطلق رحلات إضافية من قرني نحو مدينة كورما بسعر 150 ألف جنيه للراكب، ومنها إلى منطقة طويلة غرب دارفور عبر سيارات هايلوكس ولاندكروزر تُدار بواسطة سماسرة محليين، مقابل نفس السعر.
ويُكمل الفارون رحلتهم وصولًا إلى مشارف طويلة، حيث يتم إنزالهم على بعد كيلومترين من البلدة، وتُستخدم عربات كارو مقابل 7 آلاف جنيه للفرد لإنهاء المرحلة الأخيرة من النزوح.
وأكد أن سكان الفاشر يعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء ومياه الشرب، إضافة إلى انعدام السيولة النقدية وارتفاع رسوم سحب الأموال عبر التطبيقات المصرفية، ما زاد من تعقيد الأوضاع المعيشية داخل المدينة المحاصرة.

ارقام صادمة في شهر

وفي غضون ذلك كشف مرصد مشاد -شباب من أجل دارفور- عن إنتهاكات جسيمة ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في حق المدنيين بمدينة الفاشر، خلال شهر يونيو الماضي فقط.
ففي تقرير حديث أجراه فريق المرصد، استند خلاله على مقابلات ميدانية مع الضحايا وشهادات حية من شهود عيان، فقد أدى القصف المدفعي العشوائي الذي استهدف الأحياء السكنية إلى مقتل ما لا يقل عن 103 مدنيًا، من بينهم 13 طفلًا، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 201 مدني بجروح متفاوتة، في انتهاك واضح لمبدأ التمييز وحماية المدنيين أثناء النزاعات، بحسب التقرير.
وفي ظل هذه الهجمات العنيفة، اضطرت أعداد هائلة من الأسر إلى الفرار من مناطقهم تحت القصف والنار.
وقد وثّق المرصد، استنادًا إلى روايات متطابقة من النازحين، نزوح أكثر من 469,000 أسرة، من بينهم نحو 80,000 فروا إلى دولة تشاد، وأكثر من 24,000 إلى دولة ليبيا، وسط ظروف إنسانية مأساوية تفتقر لأدنى مقومات السلامة والرعاية.
كما وثق المرصد، استنادًا إلى إفادات صادمة من الضحايا والناجين، وقوع 32 حالة اغتصاب بحق نساء وفتيات، من بينهن 6 طفلات دون سن الثامنة عشرة، خلال محاولتهن الهروب من مناطق الاشتباكات، ما يشكل انتهاكًا فادحًا للقانون الدولي ويعكس حجم العنف القائم ضد النساء والفتيات في هذه الأزمة.
وأكد شهود ميدانيون قيام قوات الدعم السريع باعتقال تعسفي لأكثر من 132 شابًا، لا يزال أغلبهم قيد الاحتجاز في مواقع سرية يتعرضون فيها للتعذيب وسوء المعاملة، دون أي شكل من أشكال الإجراءات القانونية، مما يمثل انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية وحرمة الجسد الإنساني.
وبحسب المعاينات الميدانية وصور الأقمار الصناعية، تم تسجيل تدمير متعمد لعشرات المنازل والمرافق الخدمية، بما في ذلك مدارس ومراكز صحية، ما تسبب في انهيار شبه تام للبنية التحتية والخدمات العامة.

نهج تكتيكي

ومن جانبه يؤكد الخبير السياسي الطاهر عبد اللطيف على أن الأوضاع في الفاشر لا يتم التعامل معها على مقدار حجم المشكلة والمعاناة التي يواجهها المدنيين.
وشدد في حديثه لـ ” الكرامة” على ضرورة فك الحصار عن الفاشر، لافتا إلى أنها تمثل علاقة فارقة في سير المعارك بالنسبة للمليشيا وتسعى جاهدة لاسقاطها وإعلان الإقليم دولة لها.
ورأى أن المليشيا تمارس انتقامها من المواطنين بسبب بقاءهم كما أنها تشكك في ولائهم للجيش .
وقال إن تطاول مدة الحصار من شأنه أن يخلق ازمات وهو ما نجحت فيه المليشيا.
وتابع: المليشيا انتهجت، خلال معاركها في الفاشر إلى إستخدام نهج الخناق ومن ثم نهج التفريغ وتهجير السكان وهو ما نراه الآن، لذلك يتطلب الأمر الإسراع في العمليات العسكرية لفك الخناق.