فى تحقيق خطير لـ «رويترز»:
دعم الإمارات للمليشيا.. ادلة جديدة..
(86) رحلة جوية إماراتية إلى (أم جرس) نقلت أسلحة للمليشيا
الوكالة رصدت 170 رحلة جوية مشبوهة منذ بداية الحرب
شركات طيران متهمة سابقًا بنقل أسلحة إلى ليبيا شاركت في دعم الجنجويد
خبراء أمميون: صناديق معدنية تحمل ذخيرة وأسلحة وصلت من الإمارات لتشاد
الجيش يقدم أدلة على وجود أسلحة إماراتية في مواقع المليشيا المتمردة
مصدر أمني تشادي: طائرات ابوظبي نقلت صناديق أسلحة لمقاتلي الجنجويد
القوات التشادية شاركت في نقل صناديق أسلحة من (أم جرس)إلى (الحدود)
منظمات دولية تنفي علمها بوجود مستشفى ميداني إماراتي في تشاد
الصليب الأحمر : لم نرصد نشاطًا إنسانيًا إماراتيًا في أم جرس
تقرير أممي: طائرات إماراتية تحمل أسلحة توقفت في كينيا وأوغندا ووصلت تشاد
تقرير :رحمة عبدالمنعم
أثارت تحقيقات نشرتها وكالة “رويترز” أمس الجمعة جدلًا واسعًا حول الدور الذي تلعبه الإمارات في دعم مليشيات الدعم السريع خلال الحرب المستمرة منذ أبريل 2023. استند التقرير إلى صور أقمار صناعية، ووثائق رسمية، وشهادات خبراء ومصادر ميدانية، مما يقدم صورة مفصلة عن ما وصفه البعض بـ”الدور المزعزع للاستقرار” الذي تلعبه الإمارات في تغذية الحرب السودانية
تورط واضح
وكشف تحقيق “رويترز” عن رصد ما لا يقل عن 86 رحلة جوية انطلقت من مطارات إماراتية، من بينها العين وأبوظبي ورأس الخيمة، وهبطت في مهبط صغير للطائرات بمدينة أم جرس في شرق تشاد منذ اندلاع الحرب، اللافت أن جزءًا كبيرًا من هذه الرحلات تديرها شركات طيران سبق أن اتهمتها الأمم المتحدة بتسليم شحنات عسكرية من الإمارات إلى ليبيا لدعم الجنرال خليفة حفتر
وأظهرت صور الأقمار الصناعية ومقاطع فيديو تمت مراجعتها من قبل خبراء مستقلين منصات خشبية محملة بصناديق معدنية تحمل بعضها علم الإمارات، وبحسب خبراء عملوا كمحققين لدى الأمم المتحدة، فإن تصميم ولون هذه الصناديق يشير إلى أنها تحتوي على ذخيرة أو أسلحة خفيفة، مستبعدين أن تكون مساعدات إنسانية، التي عادة ما تكون معبأة في صناديق كرتونية ومغلفة بالبلاستيك
شهادات ميدانية
في شهادة مباشرة، قال أحد أفراد الأمن التشادي الذي تم نشره في أم جرس إنه شهد وصول طائرات تحمل صناديق تشبه تلك التي تستخدمها وحدات عسكرية لنقل الأسلحة، وأكد المصدر أن وحدته قامت بنقل هذه الصناديق إلى الحدود السودانية حيث تسلمتها مليشيات الدعم السريع
وعلى الجانب الآخر، أكد ثلاثة عمال إغاثة يعملون في شرق تشاد أن حجم المساعدات الإنسانية التي تزعم الإمارات أنها أرسلتها لا يتناسب مع حجم الرحلات الجوية المسجلة، وأشار أحدهم إلى أن عمليات الإغاثة المعلنة لا تظهر على أرض الواقع بالشكل الذي تروج له أبوظبي
رد الجيش
ونفت الإمارات الاتهامات الموجهة إليها والمعززة بالأدلة والوثائق، وذكرت في بيان تضليلي رسمي أن رحلاتها إلى أم جرس تهدف لتقديم مساعدات إنسانية فقط، مشيرة إلى إرسال 159 رحلة إغاثة تحمل أكثر من 10 آلاف طن من المساعدات الغذائية والطبية، إلى جانب إنشاء مستشفى ميداني عالج 18 ألف لاجئ سوداني
إلا أن الجيش، وعلى لسان المتحدث باسمه العميد الركن نبيل عبد الله، أكد أن الإمارات متورطة بشكل مباشر في دعم مليشيات الدعم السريع ،وقال عبد الله لرويترز: تدفق الأسلحة والمعدات الإماراتية إلى المليشيا المتمردة لم ينقطع منذ بداية الحرب، لقد عثرنا على أسلحة وذخائر تحمل شعارات إماراتية في مواقع حررناها من سيطرة هذه المليشيا
دعم المليشيا
ويشير المحلل العسكري أحمد طه إلى أن الدعم الإماراتي إلى المليشيا لم يتوقف وقد ثبت تورط الإمارات في ذلك وفقاً لتقارير دولية وادلة عثر عليها الجيش بعد ان قام بتحرير بعض المناطق من سيطرة المليشيا
وأضاف: الإمارات تتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية عن إطالة أمد الحرب، التي أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين وأدت إلى نزوح الملايين
من جانبه، قال جاستن لينش، الباحث في مرصد الحرب في السودان لرويترز، إن الدعم اللوجستي المستمر من الإمارات قد يغير موازين القوى في الحرب السودانية وأضاف: “هذا الدعم يطيل أمد الحرب بشكل واضح، ويزيد من أعداد الضحايا، ويعقد أي جهود للتوصل إلى حل سياسي
التدخلات الإماراتية
هذه الاتهامات ليست الأولى من نوعها؛ فمنذ ثورات الربيع العربي في 2011، تورطت الإمارات في دعم أطراف مسلحة في صراعات متعددة، بدءًا من اليمن إلى ليبيا، ويعتبر مراقبون أن استراتيجيتها تعتمد على دعم القوى التي تضمن مصالحها السياسية والاقتصادية، مع التركيز على مواجهة الجماعات الإسلامية التي تراها تهديدًا لاستقرارها الداخلي
ويشير د. عبد الله سعيد، أستاذ العلوم السياسية “للكرامة”، إلى أن “التدخل الإماراتي في السودان يعكس نمطًا واضحًا من السياسات الخارجية التي تسعى لتوسيع نفوذها الإقليمي عبر دعم مليشيات مسلحة ، حتى لو كان ذلك على حساب استقرار الدول الأخرى
محل شكوك
على الرغم من تأكيد الإمارات أن أنشطتها في أم جرس تقتصر على الجانب الإنساني، أشار تقرير “رويترز” إلى أن المنظمات الدولية، بما في ذلك المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والاتحاد الدولي للصليب الأحمر، نفت علمها بوجود المستشفى الميداني الإماراتي أو مشاركتها في عملياته
كما ذكر أحد المسؤولين المحليين في أرض الصومال، التي تتوقف فيها بعض الرحلات القادمة من الإمارات، أن هذه الطائرات تحمل معدات عسكرية، استنادًا إلى طلبات الهبوط المقدمة للسلطات المحلية
تداعيات محتملة
وفي ظل تصاعد الأدلة والشهادات حول دور الإمارات في دعم مليشيات الدعم السريع، يزداد الضغط الدولي على أبوظبي لتوضيح موقفها، ومع استمرار الحرب في السودان، يرى مراقبون أن التدخلات الخارجية، بما في ذلك الدعم العسكري، تشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق السلام وإنهاء معاناة الشعب السوداني
ومع تزايد الأدلة التي تربط الإمارات بدعم مليشيات الدعم السريع، تتصاعد الأصوات المطالبة بتحقيق دولي شفاف لتحديد الأطراف المتورطة في تغذية هذا الحرب المدمرة،وبينما تواصل الإمارات نفي هذه الاتهامات، يبقى السؤال الأكبر: هل ستنجح الضغوط الدولية في وقف التدخلات الخارجية وإعادة الاستقرار إلى السودان؟.