قفز في السودان إلى مستويات قياسية ..
ارتفاع التضخم..تفاقم أزمة المعيشة
التضخم السنوي يقفز إلى 198.22% في نوفمبر 2024
مجموعة الأغذية والمشروبات تسجل ارتفاعاً سنوياً بنسبة 187.98%
المناطق الريفية تتصدر معدلات التضخم بزيادة 225.91%
المناطق الحضرية تسجل تضخماً بنسبة 158.90% خلال عام
استمرار انهيار الجنيه السوداني يعمق أزمة التضخم..
ارتفاع الأسعار يفاقم معاناة الأسر السودانية ويزيد معدلات الفقر
الخبراء يطالبون بإصلاحات عاجلة وتحفيز الإنتاج المحلي
تقرير : رحمة عبدالمنعم
سجل الاقتصاد السوداني خلال شهر نوفمبر 2024م تضخماً قياسياً تجاوز 198.22% مقارنة بنظيره في العام السابق، وفقاً للإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء،وأظهرت البيانات ارتفاع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك إلى (358786.50) نقطة، مقارنة بـ(354521.70 )نقطة في أكتوبر 2024م، بمعدل تغير شهري بلغ 1.20%.
معدل التضخم
واصل معدل التضخم في السودان تسجيل مستويات قياسية غير مسبوقة، حيث أظهرت الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء ارتفاع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك لشهر نوفمبر 2024 بنسبة 198.22% مقارنة بنوفمبر 2023، وسجل المؤشر العام لأسعار المستهلك (358786.50) نقطة، مقارنة بـ(354521.70) نقطة في أكتوبر 2024، بزيادة بلغت( 4264.80) نقطة، ما يعكس تسارعاً واضحاً في الارتفاع الشهري للأسعار بنسبة بلغت 1.20%
ووفقاً للتقرير، كانت مجموعة الأغذية والمشروبات الأكثر تأثراً بالتضخم، حيث ارتفع الرقم القياسي لهذه المجموعة إلى (160230.80) نقطة في نوفمبر 2024 مقارنة بـ(158776.49) نقطة في أكتوبر من نفس العام، بمعدل تغير شهري بلغ 0.92%, وعلى المستوى السنوي، قفز معدل التغير في أسعار الأغذية والمشروبات إلى 187.98% مقارنة بشهر نوفمبر 2023، مما يعكس عمق الأزمة الاقتصادية التي تضغط على معيشة المواطن السوداني.
المناطق الحضرية
وأظهرت البيانات تبايناً ملحوظاً في معدلات التضخم بين المناطق الحضرية والريفية، حيث سجلت المناطق الحضرية معدل تضخم سنوي بلغ 158.90% مع ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلك إلى (249298.51) نقطة مقارنة بـ(96289.67) نقطة في نوفمبر 2023. في المقابل، كانت المناطق الريفية الأكثر تأثراً بمعدل تضخم سنوي بلغ 225.91%، مع ارتفاع الرقم القياسي إلى (473384.12) نقطة مقارنة بـ(145248.87) نقطة في نفس الفترة من العام السابق ، ويعود هذا التباين إلى الاعتماد الأكبر للريف على السلع المستوردة وانخفاض الإنتاج المحلي نتيجة استمرار الحرب واضطراب سلاسل الإمداد.
تداعيات الأزمة
التضخم في السودان يعكس أزمة اقتصادية مركبة، وفق ما أوضحه الصحفي الاقتصادي عبدالوهاب جمعة، الذي أرجع هذه الزيادة الكبيرة في معدلات الأسعار إلى انهيار قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، وهو ما أدى إلى ارتفاع تكلفة الواردات بشكل كبير، بالإضافة إلى شُح الموارد وضعف الإنتاج المحلي ،كما أكد أن استمرار الحرب وتدهور الأوضاع السياسية والأمنية أثّر بشكل مباشر على كافة قطاعات الاقتصاد، مما زاد من معاناة المواطن
من جانبه، أشار الدكتور هيثم عبدالرحمن، الخبير الاقتصادي، إلى أن ارتفاع معدلات التضخم في الريف بشكل أكبر من الحضر يعود إلى ضعف الإنتاج الزراعي نتيجة لنقص الموارد والتشريد القسري للسكان في كثير من المناطق الزراعية ،وأضاف “للكرامة” أن التضخم في السودان ليس مجرد أزمة اقتصادية بل مشكلة اجتماعية تنذر بعواقب وخيمة على استقرار البلاد.
انعكاسات التضخم
ارتفاع الأسعار بهذا الشكل الكبير أصبح يشكل ضغطاً غير مسبوق على حياة السودانيين، حيث لم يعد دخل الأسرة قادراً على تغطية الاحتياجات الأساسية، في ظل استمرار الارتفاع في أسعار السلع الغذائية والخدمات، وأدى ذلك إلى تراجع الاستهلاك اليومي للأسر وزيادة معدلات الفقر، ما يعكس تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد
ويرى الخبراء أن معالجة أزمة التضخم تتطلب اتخاذ حزمة من الإجراءات العاجلة على المستوى الاقتصادي والسياسي، يأتي في مقدمتها تعزيز الاستقرار السياسي من خلال إنهاء الحرب وإعادة بناء المؤسسات، إلى جانب تنفيذ إصلاحات هيكلية في السياسات النقدية والمالية، تشمل كبح جماح المضاربات في سوق العملات وضبط السيولة النقدية
كما يؤكد الخبراء على ضرورة دعم الإنتاج المحلي، خاصة في القطاعين الزراعي والصناعي، لتحفيز الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الواردات، وفي الوقت نفسه، يجب التركيز على حماية الفئات الأكثر ضعفاً من خلال تقديم دعم مباشر للأسر المتضررة عبر برامج الإعانات النقدية
والتضخم المتصاعد في السودان يمثل تحدياً كبيراً أمام الحكومة والشعب على حد سواء. وبينما تستمر أسعار السلع والخدمات في الارتفاع، تزداد الحاجة إلى إجراءات جريئة وشاملة لإنقاذ الاقتصاد ووقف التدهور المعيشي ،إن استعادة الاستقرار تتطلب رؤية واضحة وإرادة سياسية قوية لتحقيق تعافٍ اقتصادي شامل يعيد الأمل للسودانيين.