مجموعة داخل التنسبقية يتعتزم تشكيلها في مناطق المتمردين..
الحكومة الموازية.. بذرة تقسيم تقدم”..
الميليشيا تعلن تعاونها مع الحكومة المقرر تشكيلها في مناطق سيطرتها..
مجموعة من أبناء دارفور بتنسيقية تقدم يتبنون فكرة الحكومة الموازية..
” تقدم” تهدد بفك ارتباطها بالمكونات الساعية لتشكيل الحكومة الموازية..
” التنسيقية”: موقفنا لا يدعم تكوين حكومة بل تنفيذ الرؤية السياسية..
واشنطن تقلل من الحكومة الموازية ويحذر من مغبة تقسيم السودان..
أبناء دارفور في تنسيقية ” تقدم” يرتدون الكدمول..
(صندل والطاهر حجر والتعايشي والهادي ادريس) اطراف الحكومة الموازية
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
أعلنت ميليشيا الدعم السريع المتمردة أنها ستتعاون مع حكومة جديدة مقرر تشكيلها للإشراف على مناطق تخضع لسيطرتها من قبل مجموعة من السياسيين وزعماء جماعات مسلحة كانوا قد اتفقوا على تشكيل حكومة وصفوها ب”حكومة سلام”، بقيادة مدنية ومستقلة عن ميليشيا آل دقلو، مبينين أن الحكومة المرتقبة ستُشكل لتحل محل الحكومة في بورتسودان، وتأتي هذه الخطوة بعد مرور نحو 20 شهراً على اندلاع الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل 2023م، بدعم وإسناد محاور إقليمية ودولية.
تباين في الآراء:
وتبدو الآراء متباينة بين المراقبين بشأن الإقدام على تشكيل حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع، موازية للحكومة السودانية التي تدير البلاد من مدينة بورتسودان، حيث يتخوف بعض المراقبين من خطورة الخطوة وتأثيراتها على تقسيم السودان، فيما يرى آخرون أن الخطوة ليست سوى قشة تتمسك بها ميليشيا الدعم السريع لتفادي الغرق في ظل الهزائم المتلاحقة التي تتعرض لها من قبل القوات المسلحة السودانية والقوات المساندة لها في مختلف محاور وجبهات القتال التي تشهد تقدماً ملحوظاً للجيش وتحديداً في الخرطوم بحري، والجزيرة، وشمال كردفان، وفاشر السلطان، واقعٌ دفع ميليشيا آل دقلو للاستعانة بهذه الخطوة السياسية لتناسي الهزائم العسكرية، ومحاولة العودة من جديد إلى واجهة المشهد.
جينات فشل:
خطوة تشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع، تحمل بين طياتها جينات الفشل أكثر من النجاح عطفاً على النفور الذي تجده الميليشيا المتمردة من قبل المواطنين الذين لا يأمنون على أنفسهم وأموالهم وممتلكاتهم في أي منطقة تسيطر عليها ميليشيا آل دقلو المعروفة بارتكاب الجرائم والانتهاكات في حق الأبرياء والعزل، وهو الأمر الذي كان يدفع المواطنين إلى الهروب ومغادرة أي منطقة تطأها أقدام ميليشيا الدعم السريع، وحتى المناطق التي ظلت تسيطر عليها منذ بواكير الحرب في ولايات دارفور الأربع، ما انفكت تشهد فوضى وانتهاكات دفعت كثيراً من المواطنين إلى الابتعاد عن تلك المناطق بحثاً عن أماكن وجود القوات المسلحة، أو القوات المساندة لها كالقوة المشتركة في بعض المناطق لولاية شمال دارفور.
تقليل وتحذير:
وقلل المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان، توم بيريللو، من خطوة تشكيل حكومة منفى أو حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الدعم السريع، وحذر بيريللو من خطر أن يتحول السودان إلى “دولة فاشلة” أو أن يتفكك في ظل حربٍ قال إن دولاً أجنبية تدعمها وتعمق من أزمتها الإنسانية، معتبراً أن تشكيل أي إدارة جديدة من هذا القبيل ستكون بمثابة خطوة إلى الخلف، مشيراً إلى المخاوف من تقسيم البلاد في حال قامت ميليشيا الدعم السريع بإنشاء هياكل حكومية موازية، وأكد المبعوث الأمريكي الخاص خلال حديثه لصحفيين في لندن أن احتمالات السلام باتت ضعيفة في السودان بسبب ما اسماه ” استفادة الأطراف المتصارعة مالياً وسياسياً من استمرار النزاع” متهماً في هذا الصدد ميليشيا الدعم السريع بارتكاب جرائم تطهير عرقي وتدمير البنية التحتية.
رغبة عكس المخاوف:
ورغم كل المخاوف المترتبة على فكرة تشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع، إلا أن بعضاً من أعضاء تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” التي يقودها رئيس الوزراء المستقيل دكتور عبد الله حمدوك، يرحبون بالخطوة ، حيث تسعى هذه المجموعة بحسب “رويترز ” لتكون جزءً من الحكومة المرتقبة، وتبرز من هذه المجموعة اسماء لأعضاء سابقين في مجلس السيادة الانتقالي تمت إقالتهم على ذمة الإجراءات التصحيحية التي اتخذها القائد العام للجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م كمحمد حسن التعايشي، ومنهم من تمت إقالتهم على ضوء اتهامهم بالمشاركة مع ميليشيا الدعم السريع في اندلاع تمردها في الخامس عشر من أبريل 2023م مثل الهادي إدريس والطاهر حجر، بالإضافة إلى سليمان صندل رئيس الفصيل المنشق عن حركة العدل والمساواة السودانية التي يقودها وزير المالية والتخطيط الاقتصادي دكتور جبريل إبراهيم.
يرتدون كدمول:
ويبدو أن بعض أبناء دارفور في تنسيقية ” تقدم” يرتدون الكدمول الخاص بميليشيا الدعم السريع، فاللافت للانتباه أن المجموعة التي تجري سفينة رغباتهم مع رياح فكرة تشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع، تنحدر أصولهم من إقليم دارفور، ولا يحظون بقبول ولا تأييد شعبي حتى في مناطقهم بغرب السودان، وذلك عطفاً على مواقفهم السياسية الداعمة والمساندة لميليشيا الدعم السريع التي ارتكبت جرائم فظيعة، ومارست انتهاكات مريعة في حق الشعب السوداني عامة، ومواطني دارفور بصفة خاصة، حيث قامت ميليشيا آل دقلو الإرهابية بقتل المواطنين على أساس العِرق والنوع في مدينة الجنينة، ولم يسلم من ذلك حتى والي ولاية غرب دارفور الجنرال خميس عبد الله أبكر الذي اغتالته ميليشيا الدعم السريع ومثّلت بجثته، وذهبت الميليشيا الإرهابية أبعد من ذلك عندما قامت بدفن مواطنين وهم أحياء، واغتصبت ونهبت وسلبت وهجّرت مواطنين قسرياً إلى خارج إقليم دارفور.
تطور لافت:
وفي تطور لافت يهزم فكرة تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع هدد المتحدث الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” بكري الجاك، بفك “تقدم” الارتباط مع بعض مكوناتها التي تخطط لإعلان حكومة منفى في مناطق سيطرة الدعم السريع، دون إحداث شرخ في التنسيقية، وقال الجاك إن الجميع متفق في الأهداف والمبادئ واختلف في وسيلة واحدة وليس كل الوسائل، ونفى وجود مقترح لتكوين حكومة منفى، مشيراً إلى أن من يتحدثون عن تكوين حكومة يخططون إلى تكوينها في مناطق سيطرة الدعم السريع، مبيناً أن الموقف الرسمي لتنسيقية “تقدم ” عبر مؤسساتها لا يدعم تكوين حكومة بل يعمل على تنفيذ الرؤية السياسية، قاطعاً بأن ذهاب بعض الأفراد أو كيانات من مكونات ” تقدم” يعني أنهم فارقوا خط التنسيقية، منوهاً إلى أنه لا يمكن التنبؤ بالمستقبل و لا حتى ما إذا كانت الحكومة ستُشكل، و إذا شُكلت هل يمكن أن تعمل وتقوم بوظائف الحكومات في ظل استمرار الحرب؟، ولفت الجاك إلى أن مخاوف خطر التقسيم بحكم الأمر الواقع هي ماثلة طالما أن رحى الحرب يدور.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ يبدو أن الاتجاه لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع، يضع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” على شفا حفرة من التشظِّي والانقسام، باعتبار أن الموقف الرسمي ” لتقدم” لا يدعم تشكيل حكومة موازية، وهو ما يخالف رغبة المجموعة التي يسيل لعابها إلى كراسي السلطة والعودة إلى واجهة المشهد السياسي حتى لو فارقوا رؤية وخط “تقدم” وخرجوا عليها، وأقبلوا على بعضهم يتلاومون.