تحرير مناطق أعاد الأمل ورسم الفرح على وجوه القرى الصامدة…
الجزيرة .. سجدات الشكر و زغاريد الفرح
المناطق المحررة تودع الخراب وتحتفل بعودة الحياة
شبارقة تسجد شكراً لله وأم القرى ترفع راية الفرح ..
الجيش يعيد البسمة إلى القرى المنكوبة ويزرع الأمل في نفوس الأهالي
مشهد سجدات الشكر في شبارقة يتصدر “الترند” السوداني…
ود مدني تنتظر التحرير بعد إشراقة الفرح في جنوب وشرق المدينة
ود مدني المدينة المبتسمة تنتظر ميلادها الجديد..
زغاريد النساء تكتب أنشودة الحرية وتؤكد انتصار الإرادة الشعبية
الكرامة :رحمة عبدالمنعم
وسط مساحات الحقول الممتدة، بدأت الحياة تدب مجدداً في مناطق شرق وجنوب الجزيرة ، تلك المدن والقرى التي عانت طويلاً من الألم والخراب تحت وطأة الميليشيا العابثة، تحرير مناطق الحاج عبدالله، شبارقة، أم القرى، والعديد من القرى المحيطة، لم يكن مجرد حدث عسكري، بل ولادة جديدة لأمل ظلّ مكبوتاً في صدور أهالي هذه المناطق، الذين عانوا من ويلات الحرب وأهوال المجازر التي أدمت قلوبهم وتركت ندوباً في ذاكرتهم.
سجدات الشكر
من بين مشاهد الفرح، تصدّرت لقطة جماعية من قرية شبارقة الترند على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اجتمع أهالي القرية وسجدوا شكراً لله على دخول القوات المسلحة إلى منطقتهم. هذه الصورة لم تكن مجرد مشهد عابر، بل شهادة على معاناة طويلة وحلم متجدد بالأمان.
في شبارقة، تجلت أسمى لحظات الإيمان والشكر حين اجتمع الأهالي في ساحة القرية وسجدوا لله جماعةً في لحظةٍ أشبه بلوحة من نور، لوحة تصدّرت الميديا السودانية، لكنها كانت في عمقها أكثر من صورة؛ كانت شهادة على صبرٍ طويل وانتصارٍ منتظر، النساء أطلقن الزغاريد التي امتزجت بدموع الفرح، فيما علت الهتافات من الرجال، وكأن الحناجر التي خنقتها المعاناة وجدت أخيراً متنفساً للفرح.
دموع الانتصار وحكايات الألم
الفرح الذي عمَّ الحاج عبدالله وأم القرى وشبارقة، لم يكن مجرد تعبير عن انتصار؛ بل كان محاولة لمحو أشهر من الذل والانتهاكات، في كل زقاق وكل منزل، كانت هناك قصة معاناة وحكاية أمل. كبار السن الذين عاشوا أهوال المجازر، تحدّثوا بحناجر مرتجفة عن لحظات اختلط فيها الخوف بالأمل. أحدهم قال بصوت يملؤه التأثر: “رأينا الموت بأعيننا، ولكن الله لم يتركنا، عاد الجيش ومعه الكرامة التي كدنا نفقدها”.
وفي تلك القرى، كانت النساء أكثر من مجرد شاهدة على التحرير، بل كنّ رموزاً للصمود، حكاياتهن عن الاختباء وحماية الأطفال، عن ليالٍ مظلمة لم يكن فيها سوى الدعاء، كانت تروي وجهاً آخر للمعركة، معركة الإنسان ضد اليأس، حين علت الزغاريد في تلك القرى، كانت أكثر من مجرد إعلان فرح، بل كانت صرخة انتصار على الخوف والظلم
ود مدني.. انتظار المدينة المبتسمة
على بعد أميال قليلة، تنتظر مدينة ود مدني، العاصمة العريقة للجزيرة، لحظة الفرج الكبير. المدينة، التي عُرفت دوماً بابتسامتها، تحولت في ظل سيطرة الميليشيا إلى ركام من الأحزان والأنقاض ،البيوت التي كانت تزخر بالحياة تحوّلت إلى أطلال، والأسواق التي كانت ملتقى الجميع باتت شاهدة على جراح المدينة.
لكن رغم كل هذا الخراب، بقيت ود مدني مبتسمة في أرواح سكانها الذين ينتظرون تحريرها بفارغ الصبر ،هم الآن يرون في كل خبر عن اقتراب الجيش خطوة نحو استعادة مدينتهم، أحد شباب المدينة قال : “نحن نعيش على الأمل، ننتظر اللحظة التي تعود فيها ود مدني إلينا، لنحتفل في شوارعها كما كنا دائماً”.
القوات المسلحة، التي أحكمت حصارها على المدينة، تقترب شيئاً فشيئاً من دخولها، الجميع هنا مستعد للاحتفال الكبير، احتفال ليس فقط بتحرير مدينة، بل بإعادة الحياة إلى قلوب أهلها.
كتابة فصل الحرية
ما يحدث الآن في شرق و جنوب الجزيرة، وفي القرى المحررة التي تعانق الفرح بعد سنوات من الألم، هو أكثر من مجرد انتصار عسكري؛ إنه كتابة لفصل جديد في تاريخ السودان، فصل تروي فيه الأرض حكاية شعب تمسك بالأمل رغم كل شيء، وحافظ على إنسانيته رغم ما مر به.
سجدات الشكر التي أداها أهالي شبارقة، وزغاريد نساء الحاج عبدالله، وأهازيج الفرح في أم القرى، ليست سوى البداية، عودة ود مدني المنتظرة ستكون علامة فارقة في مسيرة التحرير، وسيظل السودان، بقوة جيشه وصمود شعبه، قادراً على اجتياز كل المحن والآلام.
إنها ليست مجرد حرب، إنها ملحمة صمود وكفاح، تُسطر اليوم في سهول الجزيرة، وغداً في كل شبر من هذا الوطن العظيم.