المليشيا ارتكبت جرائم “تطهير عرقي “وإبادة جماعية
“الحاج يوسف “.. تفاصيل مجزرة الجنجويد
عشرات القتلى بينهم نساء وأطفال..وإصابة آخرين بجروح متفاوتة
قصف عشوائي يهدم منازل المايقوما على رؤوس ساكنيها..
حملة تهجير قسري واسعة تطال سكان حلة كوكو والامتداد
اغتيالات ميدانية وجثث ملقاة في شوارع الحاج يوسف
اختطافات ممنهجة للنساء وطلب فدية مقابل إطلاق سراحهن
لجان مقاومة الحاج يوسف تطالب الجيش بالتدخل العاجل
نزوح جماعي للسكان بسبب العنف المتصاعد
قناصة الجنجويد يزرعون الرعب في أحياء المايقوما وحلة كوكو
الكرامة: رحمة عبدالمنعم
لم تتوقف الحرب المستعرة عن إظهار أقسى وجوهها، وآخر فصولها الدامية كان في منطقة الحاج يوسف شرق النيل، حيث تتعرض أحياء مثل المايقوما، حلة كوكو، الامتداد، والصقعي لحملة عنف ممنهجة تشنها مليشيا الدعم السريع ضد المدنيين العزل. تحول هذه الأحياء إلى مسرح لجرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي يثير تساؤلات مريرة عن دور المجتمع الدولي وصمته المستمر إزاء مأساة إنسانية بهذا الحجم.
تصعيد دموي
وأصدرت لجان مقاومة شارع واحد بالحاج يوسف بياناً يوم أمس الأربعاء، وصفت فيه الوضع في المنطقة بأنه “تصعيد مروع للعنف”، خصوصاً في حي المايقوما الذي شهد للمرة الثانية خلال أسبوع هجوماً دامياً نفذته مليشيا الدعم السريع باستخدام الأسلحة الثقيلة والخفيفة، الهجوم أسفر عن مقتل عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، بالإضافة إلى إصابة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
الهجوم لم يتوقف عند حدود القتل فقط، بل كان مصحوباً بعمليات قصف عشوائي استهدف المنازل، مما أدى إلى تدميرها بالكامل فوق رؤوس ساكنيها ،وتحولت شوارع الحي إلى ساحات مليئة بالجثث والركام، فيما حاول من تبقى على قيد الحياة البحث عن ملاذ آمن في مناطق قريبة أقل عرضة للقصف.
تهجير قسري
وشهدت أحياء حلة كوكو والامتداد حالات تهجير قسري واسعة النطاق، حيث أُجبرت العائلات على مغادرة منازلها تحت تهديد السلاح أو نتيجة للقصف المتواصل الذي دمر بنيتها التحتية تماماً ،لجأ النازحون إلى مربعات أكثر أمناً داخل الحاج يوسف، إلا أن هذه الملاذات باتت مكتظة ومفتقرة إلى أبسط مقومات الحياة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في المواد الغذائية والماء والرعاية الطبية.
وقال بيان لجان المقاومة:العديد من الأسر نزحت تاركة خلفها كل شيء، فقط لإنقاذ حياتها وحياة أطفالها، لا تزال أصوات القصف والقناصة تلاحقهم حتى داخل أماكن نزوحهم، مما يزيد من رعبهم ومعاناتهم اليومية.
مشاهد مروعة
لم تقتصر الجرائم على التهجير والنزوح، بل تضمنت اغتيالات ميدانية ارتكبتها المليشيا بحق المدنيين الذين لم يتمكنوا من الهرب.،وأفاد شهود عيان بأن الجثث تُركت في الشوارع والميادين العامة دون أن يُسمح بدفنها، في محاولة لإرهاب السكان وبث الذعر في نفوسهم.
كما انتشرت القناصة على أسطح المباني وفي مناطق مختلفة من الأحياء المستهدفة، مما جعل التنقل داخل المنطقة خطراً كبيراً، وأضاف بيان لجان المقاومة: “المدنيون يعيشون تحت تهديد دائم، حيث تحول الخروج من المنازل أو حتى البقاء فيها إلى معركة حياة أو موت”.
استهداف النساء
في تطور آخر، شنت مليشيا الدعم السريع حملة اختطاف واسعة استهدفت النساء بشكل خاص، وسط تقارير تؤكد مطالبة الخاطفين بفديات مالية مقابل إطلاق سراحهن، ووصفت لجان المقاومة هذه الجرائم بأنها “انتهاكات مروعة لكرامة الإنسان”، مشيرة إلى أن بعض الأسر اضطرت لدفع مبالغ باهظة للإفراج عن ذويها، بينما لا يزال العديد من المختطفين والمختطفات في قبضة المليشيا.
وأضاف البيان: ما يحدث في المايقوما وحلة كوكو والامتداد ليس مجرد أعمال عنف أو قتال عشوائي، بل هو إبادة جماعية وتطهير عرقي يُمارس أمام أنظار العالم، الذي يبدو أنه اختار أن يتجاهل هذه الكارثة الإنسانية.
مناشدات عاجلة
وسط هذه الفوضى الدامية، ناشدت لجان مقاومة الحاج يوسف القوات المسلحة السودانية بالتدخل الفوري لحماية المدنيين وطرد مليشيا الدعم السريع من المنطقة، ودعت أيضاً المنظمات الإنسانية المحلية والدولية إلى التحرك العاجل لإنقاذ ما تبقى من السكان قبل أن تتفاقم الكارثة أكثر.
وقالت لجان المقاومة: “الوضع في الحاج يوسف كارثي بكل المقاييس، السكان الذين نجوا من القتل يعيشون تحت التهديد المستمر من المليشيا، ويواجهون يوميًا خطر الجوع والعطش والأمراض”.
ورغم هذا الواقع المأساوي، تمكنت القوات المسلحة خلال الأسبوع الأخير من تحقيق تقدم عسكري في منطقة الحاج يوسف ومناطق أخرى بشرق النيل، حيث نجحت في تكبيد مليشيا الدعم السريع خسائر فادحة، وأجبرتها على التراجع من عدة مواقع كانت تحت سيطرتها.
لكن هذا التقدم العسكري، رغم أهميته، لم يغير بشكل جوهري الوضع الإنساني في المنطقة، حيث لا يزال المدنيون يعانون من آثار الحرب ومن غياب الاستجابة الإنسانية اللازمة.
جرح ينزف
الحاج يوسف اليوم ليست مجرد منطقة منكوبة، بل هي شهادة حية على المدى الذي يمكن أن تصل إليه الكارثة الإنسانية في ظل غياب الضمير العالمي، ففي كل شارع من شوارعها، وكل حي من أحيائها، توجد قصة مروعة عن حياة أُزهقت، وأسرة شُردت، ومدينة تئن تحت وطأة الحرب.
إن هذه المجازر ليست مجرد أرقام تُضاف إلى إحصائيات القتل والنزوح، بل هي حياة بشرية تُفقد، وذاكرة وطنية تُمزق أمام أعين الجميع.،وما لم يتحرك العالم لإنقاذ هذه الأرواح بفرضه عقوبات على قادة وعناصر المليشيا، ستبقى الحاج يوسف عنوانًا للفاجعة الإنسانية التي تجاهلها الجميع.