(الكرامة) تكشف اخر التطورات في جوبا جنوب السودان: أزمة سياسية وعسكرية متفاقمة

(الكرامة) تكشف اخر التطورات في جوبا

جنوب السودان: أزمة سياسية وعسكرية متفاقمة

تصاعد التوترات في جوبا رغم تأكيد سلفاكير “لن نعود للحرب”

هجوم مسلح في اعالي النيل يودي بحياة قائد عسكري بارز

الأمم المتحدة تدين استهداف مروحية تابعة لبعثتها في ناصر .

كير يحمل مشار مسؤولية هجوم الناصر.. وتحركات دولية لاحتواء الأزمة

اعتقالات في جوبا و مصير مجهول لشخصيات بارزة في المعارضة..

إيقاد” مدعوة للتدخل.. هل تنجح الوساطة في تهدئة التوترات بجوبا؟

سلفاكير يعين حاكماً جديداً لولاية جونقلي وسط تصاعد الأزمة

تقرير :رحمة عبدالمنعم

تشهد دولة جنوب السودان تطورات سياسية وعسكرية متسارعة تعكس عمق الأزمة التي تمر بها البلاد، رغم تأكيد الرئيس سلفا كير ميارديت، في خطابه الأخير على أن “لا عودة للحرب مرة أخرى”. غير أن الواقع الميداني في مدينة ناصر بولاية أعالي النيل، إضافة إلى التوترات المتزايدة بين الحكومة والحركة الشعبية في المعارضة، يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الدولة على تجنب الانزلاق إلى موجة جديدة من العنف.

خطاب الرئيس

في خطاب للشعب الجنوبي أمس الجمعة، شدد الرئيس سلفاكير مياردييت على أن حكومته ستعمل على معالجة الأزمة الراهنة، داعياً المواطنين إلى التزام الهدوء، إلا أن كلماته لم تبدد المخاوف، خاصة بعد اتهامه قوات الجيش الأبيض، المرتبطة بالحركة الشعبية في المعارضة، بتنفيذ هجوم على الثكنات العسكرية في ناصر، ما أدى إلى مقتل اللواء مجور داك، قائد قوات SSPDF في المنطقة.
كما أشار الرئيس إلى أن النائب الأول لرئيس الجمهورية، الدكتور ريك مشار، قدم ضمانات لحل الأزمة، إلا أن الهجوم وقع رغم ذلك، وهو ما اعتبره البعض رسالة غير مباشرة تُحمّل مشار مسؤولية الانفلات الأمني، وتزامن هذا الخطاب مع حملة اعتقالات واسعة في جوبا طالت شخصيات بارزة في المعارضة، إلى جانب فرض الإقامة الجبرية على مشار وزوجته وزيرة الداخلية، أنجلينا تينج، مما زاد من حدة التوترات.

هجوم ناصر
وفي واحدة من أخطر التطورات، قُتل اللواء مجور داك أثناء محاولته الصعود إلى طائرة أممية كانت متجهة إلى ملكال، الهجوم نفذه مسلحون من الجيش الأبيض، رغم أن العملية كانت جزءاً من جهود التهدئة التي يقودها مشار.
كما تعرضت مروحية تابعة لبعثة الأمم المتحدة (UNMISS) لإطلاق نار أثناء تنفيذها عملية إجلاء في ناصر، ما أدى إلى مقتل أحد أفراد الطاقم وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة، إضافة إلى مقتل عدد من عناصر SSPDF، بينهم جنرال مصاب.
ووصف نيكولاس هايسوم، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، الحادثة بأنها “عمل شنيع للغاية قد يشكل جريمة حرب”، مشدداً على ضرورة التحقيق في الهجوم ومحاسبة المسؤولين عنه.

دعوة “إيقاد”

في ظل التصعيد الأمني، طالب وزير الإعلام مايكل مكوي لويث الهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد) بالتدخل لاحتواء الأزمة، خلال لقاء جمعه بوفد رفيع من الاتحاد الأفريقي ،وأكد ممثل الاتحاد، البروفيسور جيروم بيسوارو، على أهمية عقد لقاء عاجل بين الرئيس كير ونائبه مشار لخفض التوترات، مشددداً على أن ظهور الرجلين معاً في مؤتمر صحفي مشترك قد يسهم في تهدئة الأوضاع.
إلا أن غياب أي تواصل مباشر بين الطرفين حتى الآن، إضافة إلى استمرار احتجاز شخصيات معارضة بارزة، يزيد من تعقيد المشهد، حيث بات واضحاً أن الأزمة لم تعد فقط عسكرية، بل أصبحت أزمة سياسية تهدد استقرار البلاد ومستقبل اتفاق السلام المعاد تنشيطه.

تعيينات سياسية
وسط هذه التوترات، أصدر الرئيس سلفاكير مرسومًا بتعيين الدكتور ريك قاي كوك حاكماً لولاية جونقلي، خلفاً لمحجوب بيل تروك، ورغم عدم توضيح الرئاسة لأسباب الإقالة، فإن التغيير جاء في وقت حساس، حيث تواجه جونقلي تحديات أمنية ونزاعات قبلية متصاعدة.
ويعد الدكتور قاي كوك من الشخصيات السياسية البارزة في جنوب السودان، حيث شغل عدة مناصب قيادية، ما يجعله في موقع محوري لقيادة الولاية خلال المرحلة المقبلة، غير أن التحديات أمامه ستكون كبيرة، في ظل أجواء سياسية وأمنية متوترة على المستوى الوطني.

احتواء الأزمة؟

الكاتب الصحفي الجنوبي (شوكير ياد) يرى أن البلاد تمر بمرحلة حرجة منذ اندلاع أزمة ناصر، خاصة مع تصاعد الخلافات حول أدوار القيادات العسكرية، مما أدى إلى الاشتباكات بين القوات الحكومية والشباب المسلحين، كما يشير إلى أن حصار إقامة النائب الأول واعتقال وزراء معارضين يعكس خللًا جوهريًا في الشراكة السياسية.
ويضيف أن خطاب الرئيس كير لم يقدم رؤية واضحة لحل الأزمة، بل زاد من الغموض، خاصة مع غياب وزراء الحركة الشعبية في المعارضة عن المؤتمر الصحفي، ما عزز الشكوك حول نوايا الحكومة تجاه اتفاق السلام.
كما يرى أن تجاهل الرئيس لمصير الدكتور مشار، وعدم تطرقه لمستقبل الشراكة السياسية، يعكس عدم وجود خطة واضحة للخروج من الأزمة، محذراً من أن استمرار التوترات قد يؤدي إلى تصعيد خطير يهدد وحدة البلاد.

سيناريوهات المرحلة

في ظل هذه التطورات، تبقى عدة سيناريوهات قائمة ومنها احتواء الأزمة عبر الحوا وذلك إذا استجابت الحكومة لدعوات الاتحاد الأفريقي وإيقاد، وتم عقد لقاء بين كير ومشار، فقد يكون هناك أمل في خفض التوترات وإعادة العملية السياسية إلى مسارها الطبيعي.
وهناك خيار تصعيد عسكري محتمل في ظل استمرار المواجهات في ناصر وفرض الإقامة الجبرية على مشار قد يدفع قوات المعارضة إلى الرد، ما قد يعيد البلاد إلى سيناريو الحرب المفتوحة.
كما ان ضغط دولي متزايد مع تصاعد العنف، قد تتدخل الأمم المتحدة والقوى الإقليمية بشكل أكبر لفرض حل سياسي يجبر الأطراف المتنازعة على تقديم تنازلات.

مستقبل الجنوب

بين خطاب التهدئة من الرئيس كير، وتصاعد العنف في ناصر، واستمرار الانقسامات السياسية، يبقى مستقبل جنوب السودان معلقاً على قدرة قادته على تقديم تنازلات حقيقية للحفاظ على السلام، وفي ظل استمرار اعتقال شخصيات بارزة في المعارضة، وعدم وضوح موقف الحكومة من اتفاق السلام، فإن المخاوف من العودة إلى الحرب لا تزال قائمة، رغم تأكيدات الرئيس كير بعكس ذلك.
فهل تستطيع جنوب السودان تجنب الانزلاق إلى العنف مجدداً؟ أم أن الأزمة ستتفاقم لتعيد البلاد إلى دوامة الحرب؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف الإجابة.