إكتشاف مقبرة جماعية تضم أكثر من 500 ضحية شمال الخرطوم
(الغارديان البريطانية ) ..فضخ جرائم الجنجويد
الجيش يستعيد قاعدة عسكرية ويكتشف مقبرة جماعية سرية
المقبرة تضم أكثر من 500 ضحية شمال الخرطوم
صور الأقمار الصناعية تكشف مواقع دفن سرية لتنظيم (دقلو ) الإرهابي
شهادات مروعة عن التعذيب والتجويع داخل سجون الدعم السريع
ناجون من احتجاز الجنجويد يروون تفاصيل التعذيب والموت جوعًا..
هيومن رايتس ووتش تطالب بتحقيق دولي في جرائم المليشيا
أطباء يؤكدون آثار تعذيب وحالات سوء تغذية حادة على الناجين
المقبرة الجماعية تكشف واحدة من أبشع جرائم الحرب..
الكرامة : رحمة عبدالمنعم
في تطور صادم، كشفت أدلة ميدانية موثوقة عن واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع خلال الحرب الدائرة في السودان، حيث تم العثور على مقبرة جماعية سرية شمال الخرطوم تضم أكثر من 500 ضحية، تعرض كثير منهم للتعذيب والموت جوعاً داخل مركز احتجاز سري، وأكدت شهادات الناجين وتقارير الأطباء العسكريين أن المحتجزين كانوا يعانون من سوء تغذية حاد، إضافة إلى آثار تعذيب مروعة، بينما أظهرت صور الأقمار الصناعية عدم وجود أي قبور في الموقع قبل بدء الحرب، مما يعزز الأدلة على وقوع عمليات دفن ممنهجة خلال سيطرة المليشيا على القاعدة ،هذه الاكتشافات تفتح الباب أمام مطالب دولية بفتح تحقيق عاجل في جرائم الحرب التي ارتُكبت بحق المدنيين المحتجزين.
قاعدة عسكرية
وكشفت “صحيفة الغارديان” البريطانية أمس الجمعة، استناداً إلى أدلة ميدانية، عن اكتشاف مركز احتجاز غير معروف سابقاً داخل قاعدة عسكرية شمال الخرطوم، كانت تحت سيطرة مليشيا الدعم السريع قبل أن يستعيدها الجيش السوداني في أواخر يناير الماضي، وقد أظهرت المعاينة الميدانية للموقع وجود أغلال معلقة على الأبواب، وغرف عقاب، إضافة إلى بقع دماء متناثرة على الأرض، ما يشير إلى تعرض المحتجزين داخله لمعاملة قاسية.
ووفقاً لروايات الناجين، فقد تعرضوا للتعذيب الممنهج على أيدي عناصر مليشيا الدعم السريع، حيث كانوا يُضربون بشكل يومي، ويُجبرون على البقاء في أوضاع مؤلمة لفترات طويلة، ووصف أحد الناجين تعرضه للضرب المتكرر صباحاً ومساءً، حتى اضطر للجلوس بوضعية الجنين لفترة طويلة لحماية نفسه، وهو ما أدى لاحقاً إلى فقدانه القدرة على فرد ساقيه والمشي بشكل طبيعي.
إلى جانب التعذيب الجسدي، أفاد الناجون بأنهم حُرموا من الطعام لفترات طويلة، ما أدى إلى إصابتهم بسوء تغذية حاد. وأكد الأطباء الذين عاينوا 135 ناجياً أن معظمهم كانوا يعانون من إنهاك شديد ونقص حاد في الوزن، فضلًا عن وجود آثار تعذيب واضحة، تتنوع بين ندوب ناتجة عن الضرب بالعصي والآلات الحادة، وإصابات بطلقات نارية في الأرجل.
مقبرة جماعية
وبالقرب من مركز الاحتجاز، تم العثور على مقبرة جماعية تضم ما لا يقل عن 550 قبراً بلا علامات، بعضها يبدو أنه يحتوي على أكثر من جثة، ووفقاً للتقرير، فإن العديد من هذه القبور حديثة الحفر، ما يشير إلى أن عمليات الدفن استمرت على مدى الأشهر الماضية، ويُعد هذا الموقع أكبر مقبرة جماعية يتم اكتشافها في السودان منذ اندلاع الحرب، ما يجعله من بين أسوأ جرائم الحرب التي تم توثيقها حتى الآن.
وأكد الناجون أن عدداً كبيراً من المحتجزين لقوا حتفهم داخل المركز، بسبب التعذيب وسوء التغذية، ويُعتقد أن جثثهم قد دُفنت في هذه المقبرة، وأفاد الدكتور هشام الشيخ، أحد الأطباء الذين فحصوا الناجين، بأن الإصابات التي وُجدت على أجسادهم كانت شديدة، مشيراً إلى أن العديد منهم كانوا على وشك الموت عندما تم العثور عليهم، وبعضهم لم يكن قادراً على المشي أو التحدث بسبب تدهور حالته الصحية.
الأقمار الصناعية
وكشفت صور الأقمار الصناعية التي راجعتها الصحيفة البريطانية أن الموقع لم يكن يحتوي على أي قبور قبل اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، وأوضحت الصور، التي التُقطت بعد أسابيع من بدء الحرب، أن المنطقة لم تكن تضم أي تلال ترابية أو علامات تشير إلى وجود موقع دفن، إلا أن صورة أخرى، التُقطت بعد عام في 25 مايو 2024، أظهرت انتشار عدد كبير من القبور على امتداد 200 متر، ما يعزز الأدلة على عمليات دفن جرت خلال الحرب.
وأكد ضباط سودانيون ممن خدموا في القاعدة قبل الحرب أن موقع الدفن لم يكن موجوداً في السابق ،وأوضح الكابتن جلال أبكر، الذي خدم في القاعدة حتى رمضان 2023 (مارس-أبريل)، أنه لم يكن هناك أي مقبرة في تلك الفترة، مشيراً إلى أن عمليات الدفن بدأت بعد سيطرة مليشيا الدعم السريع على الموقع، كما أضاف الرقيب محمد أمين، المتمركز حالياً في القاعدة، أن جميع الجثث المدفونة هناك تعود لأشخاص لقوا حتفهم أثناء احتجازهم في الموقع.
وقال العقيد بشير تاميل، وهو أحد الضباط المشاركين في استعادة القاعدة، إن المعتقلين الذين عُثر عليهم داخل مركز الاحتجاز كانوا مقيدين وفي حالة مزرية، وأجسادهم تحمل آثار تعذيب وإصابات واضحة.
تحقيق دولي
وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش الموقع بأنه قد يكون “أحد أكبر مسارح الجرائم الفظيعة التي تم اكتشافها في السودان منذ بدء الحرب”، داعية إلى السماح لمحققي جرائم الحرب التابعين للأمم المتحدة بالوصول إليه ،وأكد جان بابتيست جالوبين، من قسم الأزمات والصراعات بالمنظمة، على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الموقع، وجمع الأدلة لضمان تقديم المسؤولين عن هذه الانتهاكات إلى العدالة.
وأفادت الغارديان بأن الجيش السوداني فرض إجراءات مشددة لحماية الموقع، ومنع أي محاولات للتلاعب بالأدلة، ويأمل خبراء المقابر الجماعية أن يُسمح للمحللين المستقلين بالوصول إلى الموقع لإجراء مزيد من الفحوصات، وتوثيق الأدلة لضمان تحقيق العدالة للضحايا وكشف الحقيقة بشأن هذه الجرائم.