تحدوهم آمال التعافي.. وتواجههم تحديات الاستقرار بعد انتصارات الجيش : عودة النازحين بالارقام

تحدوهم آمال التعافي.. وتواجههم تحديات الاستقرار

بعد انتصارات الجيش : عودة النازحين بالارقام

عودة المواطنين تتسارع إلى المناطق المحررة من قبل الجيش

منظمة الهجرة : 396,738 نازحاً يعودون إلى مناطقهم في السودان

بعد تحريرها من المتمردين.. ود مدني وسنجة تستقبلان آلاف العائدين

الجزيرة تستقبل 66% من العائدين.. وسنار 29% والخرطوم 5%

القضارف المصدر الأكبر للعائدين إلى الجزيرة بنسبة 44%

%38 من العائدين إلى الخرطوم قدموا من نهر النيل و34% من البحر الأحمر

15 مليون نازح بسبب الحرب في السودان.. و3 ملايين فى دول الجوار

تقرير :رحمة عبدالمنعم
مع استعادة القوات المسلحةالسيطرة على مناطق واسعة في ولايات الجزيرة وسنار والخرطوم، بدأت موجات العودة الطوعية للنازحين تتزايد، وسط مشهد إنساني يعكس ملامح التغيير التي طرأت على خريطة النزوح في البلاد منذ اندلاع الحرب.

منظمة الهجرة
ووفقًا لأحدث تقارير المنظمة الدولية للهجرة، فإن نحو 396,738 نازحا داخلياً عادوا إلى مناطقهم، حيث استقبلت ولاية الجزيرة النسبة الأكبر من العائدين (66%)، تلتها سنار (29%)، ثم الخرطوم (5%). وتظهر هذه الأرقام حجم التحولات التي شهدتها المناطق المحررة حديثاً، والتي شكلت وجهات رئيسية لعودة النازحين الباحثين عن إعادة بناء حياتهم بعد شهور من التشرد.
وتعرف مصفوفة تتبع النزوح السودانية العائد على أنه الشخص الذي نزح داخليًا وعاد طواعية إلى منطقته المعتادة، سواء إلى مسكنه السابق أو إلى نوع آخر من المأوى. ومع ذلك، قد لا يكون جميع العائدين قد استقروا في مواقعهم الأصلية، حيث يظل بعضهم في حالة نزوح داخل محلياتهم أو ولاياتهم الأصلية.

محطات جديدة
وشهدت ولاية الجزيرة أكبر نسبة من العائدين، لا سيما بعد تحرير القوات المسلحة لعاصمتها، ود مدني، ومدن أخرى كانت تحت سيطرة المتمردين، الأمر الذي شجع أعداداً كبيرة من النازحين على العودة، خاصة من ولايات القضارف (44%)، وسنار (21%)، وكسلا (11%).
وفي ولاية سنار، التي استعاد الجيش عاصمتها سنجة والمناطق المحيطة بها، جاءت غالبية العائدين من القضارف (38%)، والبحر الأحمر (19%)، والنيل الأزرق (18%). بينما شهدت الخرطوم، حيث يواصل الجيش تقدمه في أحياء واسعة، عودة نازحين من نهر النيل (38%)، والبحر الأحمر (34%)، والنيل الأبيض (18%).
وتعتمد المنظمة الدولية للهجرة في إحصاءاتها على فرق ميدانية تعمل عبر مصفوفة تتبع النزوح، والتي تقوم برصد تدفقات العودة عند نقاط الخروج والدخول بين الولايات، مما يوفر بيانات دقيقة عن حركة النازحين. ومع ذلك، تشير المنظمة إلى أن هذه البيانات قد لا تشمل النازحين العائدين داخل الولاية نفسها، وهو ما يعني أن الأعداد الفعلية قد تكون أعلى مما تم توثيقه.

تحديات الخدمات
ويرى دكتور محمد الطيب، الخبير في الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار، أن عودة النازحين إلى مناطقهم بعد استعادتها من قبل القوات المسلحة تمثل تطوراً مهماً في مسار الحرب الدائرة، لكنه يشير إلى أن تحديات كبيرة ما زالت تواجه هؤلاء العائدين.
ويقول الطيب في حديثه لـ(الكرامة): “عودة النازحين ليست مجرد انتقال جسدي من أماكن النزوح إلى المناطق المحررة، بل هي عملية تحتاج إلى استقرار أمني، وتوفير الخدمات الأساسية، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، كثير من العائدين لم يجدوا منازلهم كما كانت، وبعضهم يعيش في ظروف صعبة نظراً لانهيار البنية التحتية أو انقطاع الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء.”
وأضاف: الحكومة والمنظمات الإنسانية أمام مسؤولية كبيرة لتأمين الاحتياجات الأساسية للعائدين، لا سيما في ظل استمرار الحرب في مناطق أخرى، مما قد يؤدي إلى موجات نزوح جديدة.

قرار العودة
ورغم التحديات، يحرص كثير من العائدين على إعادة بناء حياتهم وسط الركام، حيث بدأ بعضهم في ترميم منازلهم، بينما يحاول آخرون استئناف أنشطتهم الاقتصادية في الأسواق المحلية التي بدأت تستعيد حركتها تدريجياً.
يقول عبدالله حسن، أحد العائدين إلى مدينة ود مدني: نزحنا إلى القضارف لعدة أشهر، ولكن بمجرد أن استعاد الجيش المدينة قررنا العودة، صحيح أن الدمار كبير، لكننا نفضل أن نكون في أرضنا بدلًا من حياة النزوح والمعاناة.”
وفي سنجة، يؤكد علي الطيب، وهو مزارع عاد إلى قريته، أن الأمن الذي وفره الجيش ساعدهم في العودة واستئناف أعمالهم الزراعية، مضيفاً: “بدأنا زراعة أراضينا من جديد، لكننا نحتاج إلى دعم لإصلاح القنوات والمعدات التي تضررت خلال الحرب.”

احتياجات العائدين
وعلى الرغم من موجات العودة، لا تزال بعض المناطق تعاني من نقص في الخدمات، مما يدفع بعض العائدين إلى الإقامة في تجمعات مؤقتة داخل محلياتهم، بدلًا من العودة إلى منازلهم الأصلية التي تعرضت للدمار.
كما أن استمرار الحرب في مناطق أخرى يزيد من الضغوط على الولايات التي تستقبل العائدين، حيث يحتاج هؤلاء إلى مساعدات إنسانية عاجلة، تشمل المأوى، والغذاء، والرعاية الصحية، فضلًا عن إعادة تأهيل المدارس والمرافق الخدمية.
ويظل السؤال الأبرز في هذه المرحلة: هل تتمكن السلطات ، بالتعاون مع المنظمات الإنسانية، من ضمان استدامة هذه العودة وتحويلها إلى استقرار دائم؟ الإجابة ستعتمد إلى حد كبير على قدرة الحكومة على إعادة الخدمات وتأهيل المناطق المحررة، لتمكين العائدين من بدء حياة جديدة بعد سنوات من النزوح والمعاناة.