قرار تعيينه تأخر نحو أربع سنوات،، رئيس وزراء،، بوصلة العافية السياسية..

قرار تعيينه تأخر نحو أربع سنوات،،
رئيس وزراء،، بوصلة العافية السياسية..

خطوة إلى الأمام لاستعادة الشرعية السياسية داخلياً وخارجياً..

تفاؤل بانفتاح المنظمات وصناديق التمويل الدولي على السودان..

تحديات تنتظر الرجل، ونجاحه مرهون بتنفيذ مطلوبات مهمة..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..

وأخيراً وبعد نحو أربع سنوات حسوما، تمت تسمية رئيس مجلس وزراء سوداني، بتعيين السفير الدكتور كامل الطيب إدريس بمرسوم دستوري أصدره رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، منهياً بذلك فراغاً ضرب المنصب الرفيع منذ أن غادره دكتور عبد الله حمدوك مستقيلاً في يناير من العام 2022م، بعد إخفاقه في تشكيل حكومة مدنية، وفشله في إيجاد التوافق المطلوب لاستقرار المشهد السياسي عقب الإجراءات التي نفذها البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م والتي تم بموجبها فضّ الشراكة بين المكون العسكري والمكون المدني، وقد ترتب على خلو منصب رئيس الوزراء وعدم تشكيل حكومة مدنية، فراغٌ سياسي أدخل السودان في نفقٍ مظلم من المزالق السياسية والأمنية والاقتصادية.

تأثيرات غياب المدنية:
لقد أدى غياب السلطة المدنية إلى شلل كبير أصاب مفاصل الدولة، وأقعد مسيرة الانتقال الديمقراطي الذي كان يهدف إلى تأسيس دولة مدنية عبر صناديق الانتخابات، فتعطلت بالتالي مساعي وضع دستور دائم للبلاد، وفقد السودان عضويته في الاتحاد الأفريقي التي تم تجميدها وفقاً لميثاق المنظمة الإقليمية، وأصبح أمر تفعيل العضوية مشروطاً بالعودة إلى المسار المدني عبر تعيين رئيس وزراء، وتشكيل حكومة مدنية، ليفقد السودان تعاون الكثير من مؤسسات التمويل الدولية كالبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، هذا فضلاً عن تجميد المساعدات الدولية التي كانت مرهونة بوجود حكومة مدنية، فانعكس ذلك كله على تفاقم الأزمة الاقتصادية في ظل انهيار العملة المحلية، وانفلات العملات الأجنبية، وزيادة معلات الفقر والبطالة، لتأتي حرب الخامس عشر من أبريل 2023م، وتُيبِّس الحياة في عروق البلاد ونواحيها المختلفة.

دلالات ومترتبات:
وبعيداً عن التفاعل الكبير الذي انتظم التايم لاين منذ صدور قرار تعيين السفير دكتور كامل الطيب إدريس رئيساً لمجلس الوزراء، فإن الخطوة وبحسب مراقبين تمثل قفزةً مهمة للأمام لما تحمله من دلالات سياسية ومعاني دستورية مهمة، ولما لها من مترتبات على عدة مستويات، خاصة في ظل المعادلة السياسية الحرجة، والسياق التأريخي المعقَّد الذي ظل يلازم السودان منذ اندلاع ثورة ديسمبر 2018م، ذلك أن عودة الحكومة المدنية، والانتقال من الحكم العسكري، يُعتبر محاولة جادة لاستعادة الشرعية السياسية داخلياً وخارجياً، ما يُعطي انطباعاً إيجابياً عن السلطة الحاكمة من خلال إظهارها التزاماً بتكوين مؤسسات حكم انتقالية أو دائمة، بدايةً بتشكيل الحكومة التنفيذية، وفتح الباب واسعاً أمام عملية سياسية رحِبة تشمل إدارة الدولة، وتعمل على الارتقاء بالاقتصاد، ومعاش الناس، وتقديم الخدمات، وتثبيت أركان الأمن والاستقرار، وإرساء دعائم التنمية والازدهار، والانفتاح خارجياً باستعادة العلاقات مع المؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية وجذب المساعدات الدولية مالياً ولوجستياً وإنسانياً.

مهمة صعبة:
ويرى الباحث والكاتب الصحفي الركابي حسن يعقوب أن تعيين رئيس للوزراء بكامل الصلاحيات، خطوة ضرورية جداً رغم أنها جاءت متأخرة، حيث كان من المؤمل أن تتم قبل أكثر من عام، ولكن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي مطلقاً، وأشار الركابي في إفادته للكرامة إلى الغبار الكثيف الذي دار حول شخصية دكتور كامل إدريس عقب تعيينه رئيساً للوزراء، مبيناً أن المهم في هذه المرحلة ليس (من)، وإنما (كيف)، وزاد: “دعنا نلتزم الدقة فنقول كيف سيقود رئيس الوزراء الجديد الجهاز التنفيذي إلى بر الأمان والبلاد في (وضع) الحرب”، معتبراً مهمة دكتور إدريس ليست بالسهلة وتحتاج إلى تضافر جهود جميع القوى الوطنية التي اصطفت مع الجيش في معركة الكرامة، منوهاً إلى الحاجة الملحة إلى (توافق) هذه القوى حول برنامج وطني محدد يكون أساساََ ومنطلقاََ نحو تحقيق أهداف معركة الكرامة والإدارة الرشيدة للجهاز التنفيذي مع التركيز على الجانب الاقتصادي عموماً، ومعاش الناس على وجه الخصوص، بالإضافة إلى وضع خارطة طريق لكيفية إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وتطبيع الحياة العامة، وفوق هذا وذاك رسم ملامح مستقبل الحكم، وتهيئة الظروف لاستكمال متطلبات الفترة الانتقالية التي هي أصلاً آخر درج في سلم الارتقاء نحو الحكم الديمقراطي.

خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر يبقى تعيين السفير الدكتور كامل الطيب إدريس رئيساً لمجلس الوزراء في السودان خطوةً في الاتجاه الصحيح، وضرورةً لإعادة الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد، وأن نجاح “الخبير الأممي السابق” في مهمته الصعبة مرهون بمدى التعاون الذي سيجده من المؤسسة العسكرية، وما يمتلكه من كارزيما وقدرات على التعامل مع التحديات والعقيدات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجه البلاد، هذا فضلاً عن امتلاكه ناصية التواصل مع مختلف القوى السياسية والمكونات الاجتماعية والوطنية في الداخل والخارج من أجل بناء الدولة، وإعادة السودان سيرته الأولى.