(الكرامة) تستعرض السيرة الذاتية لرئيس الوزراء الجديد..
(البروفيسور كامل إدريس).. رجل القانون والدبلوماسية والفلسفة..
ولد في قرية الزورات شمال دنقلا 1954، ونشأة في بيئة نوبية متجذرة
شهاداته الجامعية من الخرطوم والقاهرة وأوهايو وجنيف ..
سيرة أكاديمية حافلة تجمع بين الفلسفة والقانون والعلاقات الدولية
عمل بالسلك الدبلوماسي ونال عضوية لجنة القانون الدولي بالأمم المتحدة.
التحق ب (الويبو )عام 1982، وتوّج مديراً عاما لها عام 1997
ساهم في تطوير قوانين الملكية الفكرية عالمياً وقاد إصلاحات دولية
تكريمات من أربع قارات تؤكد مكانته في المجتمع الدولي..
شارك في الانتخابات الرئاسية 2010 وتداول كخيار لرئاسة الوزراء بعد الثورة.
استقلاله السياسي يعزز صورته بين النخب السودانية..
يتحدث أربع لغات ويكتب عن العدالة والتنمية والملكية الفكرية
الكرامة :رحمة عبدالمنعم
في خطوة لافتة تأتي في ظل ظرف وطني بالغ التعقيد، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، أمس الإثنين، مرسوماً دستورياً قضى بتعيين الدكتور كامل الطيب إدريس عبدالحفيظ رئيسًا لمجلس الوزراء. ويأتي هذا التعيين في مرحلة دقيقة من تاريخ البلاد، تتطلب قيادة تمتلك رصيداً من الخبرات الدولية والرؤية القانونية والسياسية. ويُعد الدكتور كامل إدريس من أبرز الشخصيات السودانية التي سطع نجمها في المحافل الدولية، لما له من سجل مهني وأكاديمي حافل، إذ شغل سابقًا منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو)، وعضوية لجنة القانون الدولي بالأمم المتحدة، كما نال اعترافًا عالمياً من خلال الأوسمة والتكريمات التي تقلدها من عدد من الدول والمنظمات. وبهذا التعيين، تعود شخصية قانونية ودبلوماسية مرموقة إلى واجهة العمل التنفيذي في السودان، وسط تحديات وطنية كبرى وتطلعات إلى استعادة الاستقرار وبناء الدولة على أسس العدالة والتنمية.
سيرة علمية
وُلد الدكتور كامل إدريس في 26 أغسطس 1945، بقرية الزورات شمال دنقلا، التابعة للولاية الشمالية، وينتمي إلى مجتمع النوبة. تلقى تعليمه الجامعي في أعرق الجامعات، فحصل على بكالوريوس الآداب في الفلسفة من جامعة القاهرة، وبكالوريوس في القانون من جامعة الخرطوم،واصل تحصيله الأكاديمي في الخارج، حيث نال ماجستير الشؤون الأفريقية من جامعة أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية، وتشير مصادر أخرى إلى أنه حصل على ماجستير في القانون والعلاقات الدولية. كما حصل على درجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة جنيف بسويسرا.
ويمتلك إدريس رصيداً أكاديمياً متميزاً، إذ حصل على الدكتوراه الفخرية من مجلس الدكاترة بجامعة الدولة لمولدوفا عام 1999، ومن مركز فرانكلين بيرس للدراسات القانونية في الولايات المتحدة، ومنحته جامعة بكين لقب أستاذ فخري في القانون في نفس العام. كما أصبح عضواً في الجمعية الدولية لتطوير التعليم والبحث في قانون الملكية الفكرية.
الملكية الفكرية
وبدأ الدكتور إدريس مسيرته المهنية في السلك الدبلوماسي السوداني، برتبة سفير، ما أتاح له التأسيس لعلاقات واسعة في المحافل الدولية،وانتُخب عضواً في لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة لفترتين: الأولى من 1992 إلى 1996، والثانية من 2000 إلى 2001. وخلال هذه الفترة، شغل دور المتحدث الرسمي والمنسق لمجموعة البلدان النامية، ما أكسبه تقديراً في الأوساط القانونية الدولية.
التحق في عام 1982 بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو)، ليصعد سلم القيادة حتى تعيينه مديراً عاماً للمنظمة في سبتمبر 1997، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 2008 بعد تجديد ولايته في 2003. ويُحسب له إدخال إصلاحات مؤسسية، وتعزيز مكانة المنظمة على الصعيدين التنموي والتقني، إلى جانب تنظيمه لعدد كبير من المؤتمرات وورش العمل المتخصصة حول العالم.
كما شغل منصب الأمين العام للاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة (الأوبوف)، وشارك في صياغة عدد من الوثائق المرجعية حول الجوانب التنموية للملكية الفكرية، ما جعله مرجعاً في هذا الحقل.
تكريمات دولية
ونال كامل إدريس عدداً من الأوسمة والميداليات الرفيعة، من بينها الميدالية الذهبية للعلماء والباحثين من رئيس جمهورية السودان عام 1983، وميدالية مماثلة من رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في مصر عام 1985، ووسام “Commandeur de l’Ordre National du Lion” من رئيس جمهورية السنغال عام 1998.
وعمل إدريس أستاذاً للفلسفة والقضاء بجامعة القاهرة، وأستاذاً في جامعة أوهايو، ودرّس القانون الدولي وقانون الملكية الفكرية بجامعة الخرطوم، فضلاً عن تدريسه في جامعة بكين التي منحته الأستاذية الفخرية.
وحافظ كامل إدريس على استقلاله السياسي طوال مسيرته المهنية، ورفض الانخراط في أي حزب أو تيار سياسي، وهو ما عزز صورته لدى قطاعات واسعة من النخبة السودانية. وفي عام 2010، ترشح إدريس مستقلاً في الانتخابات الرئاسية ضد الرئيس السابق عمر البشير، في خطوة جريئة تعكس قناعته بالإصلاح من داخل النظام الانتخابي.
كما طُرح اسمه بقوة في أعقاب الثورة عام 2019 كأحد المرشحين لرئاسة الحكومة الانتقالية، قبل أن يُستقر الرأي حينها على عبدالله حمدوك.
ويتقن الدكتور إدريس اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، وله معرفة جيدة باللغة الإسبانية،ويُعرف عنه انفتاحه الثقافي، وسعة اطلاعه في مجالات الفكر والسياسة والقانون، وهو ما يظهر جلياً في كتاباته ومحاضراته حول العدالة الدولية، والتنمية، والملكية الفكرية.
رئاسة الوزراء
ويواجه الدكتور كامل إدريس تحديات كبيرة، على رأسها الوضع الاقتصادي المنهك، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وإنهاء الحرب، وتحقيق التوافق السياسي، غير أن خلفيته الدولية، وتجربته التفاوضية، ومعرفته العميقة ببنية النظام العالمي، قد تمنحه أدوات فاعلة للتعامل مع الملفات الشائكة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ السودان.
ويمثل تعيين الدكتور كامل إدريس رئيساً للوزراء رهاناً على الكفاءة والخبرة الدولية، في سياق محلي يتطلب قيادة رصينة تجمع بين الحكمة السياسية والرؤية القانونية والدبلوماسية ،وبينما تتطلع الأنظار إلى مستقبل السودان، فإن كثيرين يرون أن الرجل المناسب قد وُضع في المكان المناسب، ولو متأخراً.