حرب السودان تفتح أبواب الجحيم على “بن زايد”
من جيبوتي الي بونتلاند وغينيا.. غضب تجاه الأمارات
الرئيس الجيبوتي :الإماراتيون يزعزعون إستقرار المنطقة
“بونتلاند” الأرض تهتز تحت أقدام الرئيس “ديني” بسبب ابوظبي
قاعدة بوصاصو..رشاوي لتمرير السلاح والمرتزقة
غينيا تسحب ترخيص شركة أبوظبي للتعدين ..
تقرير :أشرف إبراهيم
على نحو أكثر جرأة بدأت عدد من البلدان الإفريقية تحركات واسعة في مواجهة الأطماع الأماراتية و الأجندة التوسعية التي تنتهج التخريب في دول القارة عبر دعم المليشيات وتوزيع الرشاوي على قيادات في بعض الأنظمة الفاسدة.
أمس الأول هاجم الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر قيلة الأمارات بعنف بسبب تدخلها السالب في عدد من الدول.
ليعقبه المرشح الرئاسي في بونتلاند الصومالية صلاح بري كاشفاً عن التحركات المشبوهة للأمارات في بلاده.
وسبق ذلك تحركاً في دولة غينيا،ضد الشركات الاماراتية وإتخاذها قراراً بسحب ترخيص شركة مملوكة للأمارات تعمل في مجال التعدين بسبب ممارساتها الإستغلالية.
إنتفاضة عمر قيلة
وفي تصريحات أثارت جدلاً واسعًا ، وجّه الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر قيلة اتهامات مباشرة إلى دولة الإمارات باستخدام استثماراتها المالية الضخمة في إفريقيا كغطاء لتحقيق أهداف عسكرية واستراتيجية تهدد استقرار وسيادة دول القارة.
وفي مقابلة مع إذاعة “RFI” الفرنسية، أكد قيلة أن الإمارات ليست مجرد شريك اقتصادي في المنطقة، بل إنها تُنفذ استراتيجية توسعية مقلقة، تستخدم من خلالها واجهة الاستثمار لفرض نفوذها العسكري في مناطق حساسة، قائلاً: “الإماراتيون يُزعزعون استقرار المنطقة بشدة”.
وأشار الرئيس الجيبوتي إلى أن الاستثمارات الإماراتية في القارة، التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، لا تهدف فقط إلى الربح الاقتصادي، بل ترتبط بشكل وثيق بأجندات عسكرية خفية تهدف إلى السيطرة على الممرات الحيوية والطرق البحرية الاستراتيجية.
رفض القاعدة الأماراتية
وكشف الرئيس قيلة أن حكومته رفضت في وقت سابق طلباً رسمياً من الأمارات لإنشاء قاعدة عسكرية على الأراضي الجيبوتية، مؤكداً أن القرار جاء لحماية السيادة الوطنية ومنع التدخل الأجنبي المباشر في شؤون البلاد الأمنية والعسكرية.
وقال قيلة إن الإمارات، عقب الرفض الجيبوتي، اتجهت إلى دول مجاورة بهدف تأمين موطئ قدم استراتيجي على طول أهم الطرق البحرية، وهو ما يثير مخاوف عدة من تنامي النفوذ العسكري في مواقع حساسة قد تتحول إلى بؤر صراع إقليمي.
توسع عسكري
تعليق الرئيس الجيبوتي سلط الضوء على سياسة الإمارات العسكرية في إفريقيا، والتي تشمل بناء قواعد لوجستية وموانئ عسكرية تحت غطاء الشراكات الاقتصادية، في إطار ما يصفه مراقبون بأنه مشروع إماراتي لإعادة تشكيل النفوذ في البحر الأحمر وشرق إفريقيا.
ويتوقع مراقبون أن تثير تصريحات الرئيس قيلة ردود أفعال واسعة لدى عدد من الدول الإفريقية التي تحتضن مشاريع إماراتية مشابهة، وسط تساؤلات متزايدة حول طبيعة تلك الاستثمارات وحدود التداخل بين الاقتصاد والأمن في العلاقات الإماراتية الإفريقية.
رفض الإبتزاز الناعم
بموقفه الرافض للطلب الإماراتي، أكد الرئيس قيلة أن بلاده تقف بصلابة أمام محاولات الابتزاز الناعم عبر الأموال والمشاريع، مشدداً على أن جيبوتي حريصة على استقلال قرارها السياسي والعسكري، ولن تسمح بأن تكون منطلقاً لأي قوى أجنبية تستهدف دول الجوار أو الممرات المائية.
“بونتلاند” تورُّط الرئيس
وعلى مقربة من ساحل جيبوتي وفي بونتلاند الصومالية على البحر الأحمر برز إلى السطح إحتجاج قوي على الوجود الأماراتي في البلد الذي ينازع لتكوين دولة ذات سيادة، حيث عاد المرشح الرئاسي السابق لبونتلاند جوليد صلاح بري إلى غاروي بعد رحلة خارجية قاربت العام ،وفي استقبال حشد كبير من المؤيدين ، عقد بري مؤتمراً صحفياً وجه فيه اتهامات قوية ضد الرئيس سعيد عبد الله ديني.
وقال بري، الذي خاض الانتخابات الرئاسية في بونتلاند في يناير من العام 2024 ، بأن الرئيس متورط في عمليات سرية تقوض سيادة بونتلاند.
واتهم الرئيس ديني بالسماح بدخول مرتزقة أجانب إلى المنطقة ومساعدة الإمارات العربية المتحدة في استخدام مطار بوساسو لدعم العمليات العسكرية في السودان ، بما في ذلك تزويد “مليشيا “الدعم السريع المتمردة في السودان بالأسلحة والأفراد.
إستغلال الموارد
بالإضافة إلى ذلك ، قال بري أن الرئيس ديني ، بالتعاون مع الإمارات ، سهل للشركات الخاصة استغلال الموارد المعدنية في بونتلاند دون شفافية أو استشارة مع مجلس الوزراء الإقليمي أو البرلمان أو الجمهور.
و من المرجح أن تثير هذه الادعاءات الخطيرة توتراً سياسياِ في بونتلاند ، حيث ينتظر المراقبون عن كثب الرد الرسمي من إدارة ديني .
سحب ترخيص وطرد
وفي سياق مشابه ومن غرب أفريقيا، قررت دولة غينيا سحب رخصة التعدين من شركة “الإمارات العالمية للألمنيوم” ، موجّهة بذلك ضربة قوية للاستثمارات الأماراتية في غرب إفريقيا.
وأعلنت غينيا أن القرار جاء في إطار مراجعة وطنية لعقود الاستثمار الأجنبي، خاصة في قطاع الموارد الطبيعية، وذلك لضمان التزام الشركات بمعايير الشفافية والتنمية المستدامة.
وأكدت السلطات الغينية أن سحب الرخصة يستند إلى مخالفات سجلتها السلطات، تتعلق بعدم احترام الشروط البيئية والتنموية المنصوص عليها في الاتفاق الأصلي المبرم مع الشركة الإماراتية.
واعتبرت غينيا أن هذا القرار يعكس توجهاً جديداً لدى الحكومة لإعادة هيكلة عقود الاستغلال بما يخدم مصالح البلاد، ويضع حداً لأي إستغلال لمواردها الطبيعية.
وتشغل الشركة المملوكة بالتساوي لصندوق الثروة السيادي مبادلة التابع لأبوظبي ومؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية، صندوق الثروة السيادية للإمارة، أحد أكبر مناجم “البوكسيت” في غينيا من خلال شركتها التابعة “غينيا ألومينا كوربوريشن”.
وكانت الشركة الإمارات العالمية للألمنيوم تخوض نزاعاً مع حكومة غينيا منذ أكتوبر من العام الماضي، عندما أوقفت السلطات صادراتها من البوكسيت وعمليات التعدين.
لترسل غينيا إشعاراً بسحب رخصة التعدين الممنوحة للشركة.
مخاطر وتحركات
ويري المحلل السياسي مكي المغربي في تعليقه ل(الكرامة)، بأن تصريحات الرئيس الجيبوتي تكشف بوضوح حجم التأمر الإماراتي في أفريقيا، ويشير المغربي إلى أن التحركات الإفريقية في جيبوتي وبونتلاند غيرها تأتي إستشعاراً للمخاطر من الوجود الإماراتي وأهدافه التوسعية التي تستغل الموارد والموانئ والمناطق الإستراتيجية وتحقق من خلالها أبوظبي أهدافها الإقتصادية والعسكرية.
ويمضي المغربي إلى أن الموقع الجيوسياسي لجيبوتي والصومال والسودان نفسه هدفاً لتحركات أبوظبي إضافة للموارد والموانئ والسيطرة على البحر الأحمر.
وقال المغربي إن حرب السودان ستفتح أبواب الجحيم على الأمارات وستتحرك ضدها الدول الإفريقية التي رأت ماحل بالسودان من خراب، ولفت إلى أن شراء الامارات لبعض الأنظمة الفاسدة في الدول الإفريقيةج لن يستمر طويلاً ومتوقع ان تتغير المواقف هذا إن لم تتغير الأنظمة ذاتها بالضغوط الداخلية.
وينوه المغربي إلى إن افريقيا باتت تتحرك حتى ضد نفود الإستعمار القديم الفرنسي والبريطاني وغيره ،بالتالي بمقدورها وضع حد لدولة حديثة التكوين وتعتبر وكيلة للإستعمار الغربي.
مخطط مكشوف
ووفقاً لإفادة الخبير السياسي والأكاديمي الدكتور شمس الدين الحسن ل(الكرامة)، فإن المخطط الإماراتي في أفريقيا بات مكشوفاً،من خلال شواهد عديدة ومن بينها التخريب الحادث في السودان الآن .
وقال بعض الدول ساعدت أبوظبي في تنفيذ مخططاتها، مثل تشاد وكينيا ويوغندا وستكتشف لاحقاً خطأ مغامرتها غير المحسوبة.
ويقول الحسن إن ارتفاع أصوات الإحتجاج والتحرك في بونتلاند وجيبوتي، والشكاوى التي دفع بها السودان للمحاكم والمنظمات الدولية كلها تؤكد عبث الأيادي الإماراتية في أفريقيا.
وتوقع الحسن إستمرار ردود الأفعال والتحركات الرافضة للأمارات في أفريقيا رسمياً وشعبياً.