تصاعد إرتكاب جرائم الحرب بجنوب دارفور ..
إنتهاكات الجنجويد .. تجنيد قسري واغتصاب جماعي
المليشيا تعتقل 178 شخصاً في الضعين ضمن حملة تجنيد قسري
اعتقال كادر تمريض وتهديد أسرته بدفع الفدية أو إرسال ابنها إلى القتال
659 ناجية من العنف الجنسي تلقين الرعاية في جنوب دارفور خلال 15 شهراً
ناجية تبلغ 17 عامًا: “اغتصبني 7 من عناصر المليشيا على الطريق..
94% من ضحايا العنف الجنسي في دارفور هن نساء وفتيات
. 31% من الضحايا دون سن 18.. و7% دون العاشرة.. و2.6% دون الخامسة
94 ضحية عنف جنسي خلال 3 أشهر، بينهم 81 دون سن 18 ..
تقرير: رحمة عبدالمنعم
في مشهد يعكس حجم الانتهاكات المروعة التي يتعرض لها المدنيون في إقليم دارفور، كشفت تقارير طبية وحقوقية عن تصاعد خطير في جرائم ميليشيا الدعم السريع، شملت عمليات اعتقال تعسفي وتجنيد قسري واستخدام العنف الجنسي كسلاح حرب ضد النساء والفتيات، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الإنسانية والدولية.
تجنيد قسري
وأفادت شبكة أطباء السودان، في بيان صدر امس الأربعاء ، بأن قوة تتبع للمليشيا الدعم السريع نفذت حملة اعتقالات طالت 178 شخصاً في مدينة الضعين بولاية شرق دارفور، من بينهم كادر طبي، وذلك ضمن حملة منظمة للتجنيد القسري للمدنيين،وأوضحت الشبكة أن المعتقلين خُيّروا بين الانضمام للقتال في صفوف الميليشيا أو دفع فدية مالية مقابل إطلاق سراحهم، في ممارسة تنتهك أبسط الحقوق الإنسانية وتتنافى مع كل القوانين الدولية.
وأعربت الشبكة عن أسفها العميق لاعتقال كادر التمريض حمدان عبدالله موسى، مشيرة إلى أن أسرته وُضعت أمام خيارين أحلاهما مر: دفع فدية أو القبول بانضمامه القسري للقتال، ووصفت ما يجري في مدينة الضعين بـ”الجريمة المكتملة الأركان ضد المدنيين العزل”، داعية المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري وممارسة الضغط اللازم لوقف هذه الممارسات غير القانونية.
الاغتصاب الجماعي
وفي تقرير صادم صدر حديثاً، عن منظمة أطباء بلا حدود، تم توثيق مئات الحالات من العنف الجنسي في دارفور، وُصفت بأنها من “أبشع الفصول في تاريخ الإقليم الدموي”، وكشفت المنظمة عن تقديمها للرعاية الطبية والنفسية لـ659 ناجية من العنف الجنسي في ولاية جنوب دارفور فقط، خلال الفترة من يناير 2024 حتى مارس 2025. وتبين أن 86% من الضحايا تعرضن للاغتصاب، فيما كانت 94% من النساء والفتيات، و31% منهن دون سن الثامنة عشرة، و7% دون سن العاشرة، و2.6% دون الخامسة.
وروت منسقة الطوارئ في المنظمة، كلير سان فيليبو، شهادات مروعة جمعتها الفرق الميدانية، بعضها يشير إلى تنفيذ عمليات اغتصاب جماعي في الشوارع وأمام المارة، على يد عناصر من الدعم السريع.،وقالت سان فيليبو: “لا تشعر النساء والفتيات بالأمان في أي مكان، يتعرضن للهجوم في منازلهن، أثناء فرارهن، أو حتى خلال جلب الطعام والعمل في الحقول”.،وأضافت: “هذه الهجمات شنيعة وقاسية، وغالباً ما يشارك فيها عدد كبير من الجناة”.
ومن بين الشهادات، تحدثت فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً عن تعرضها للاغتصاب الجماعي من قبل سبعة من عناصر مليشيا الدعم السريع على قارعة الطريق.،وقالت: “تمنيت لو أفقد ذاكرتي بعد ذلك”. وفي حالة أخرى، استهدفت امرأة لمجرد حيازتها شهادة في الإسعافات الأولية، حيث وُصفت بأنها داعمة للجيش، وتعرضت لاحقاً للاغتصاب.
شرق تشاد
وامتدت آثار العنف الجنسي إلى ما وراء الحدود، حيث عالجت منظمة أطباء بلا حدود عشرات الحالات المشابهة في شرق تشاد، خاصة في مدينتي أدري ووادي فيرا، اللتين تستضيفان أعدادًا كبيرة من اللاجئين السودانيين.،وأفادت المنظمة أن نصف الضحايا في أدري كانوا دون سن 18 عامًا، بينما عولج 94 ضحية في وادي فيرا خلال أول ثلاثة أشهر من عام 2025، منهم 81 طفلاً.
وأكدت روث كوفمان، مديرة قسم الطوارئ الطبية في المنظمة، أن “الناجين – ومعظمهم من النساء والفتيات – بحاجة ماسة إلى رعاية طبية فورية، تشمل الدعم النفسي وخدمات الحماية”، وشددت على ضرورة أن تكون تلك الرعاية مصممة لتذليل العقبات التي تواجه الضحايا، مثل وصمة العار، وغياب الخدمات، وصعوبة التنقل.
وفي محاولة للحد من هذه الكارثة الإنسانية، بدأت المنظمة منذ أواخر 2024 تدريب القابلات والعاملين الصحيين المجتمعيين في جنوب دارفور على تقديم الإسعافات النفسية والرعاية الأولية، ما أسهم في ارتفاع عدد المتقدمات بطلب المساعدة الطبية والنفسية.
مطالبات بالمحاسبة
وأمام هذا المشهد المروّع، طالبت كل من شبكة أطباء السودان ومنظمة أطباء بلا حدود بوقف فوري للانتهاكات ومحاسبة الجناة، وتوفير حماية عاجلة للمدنيين، لا سيما النساء والفتيات في دارفور وشرق تشاد،وأكدتا أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، ويجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات جادة لملاحقة المسؤولين عنها وتقديمهم للعدالة.
وبينما يتواصل الصمت الدولي، يرزح مئات الآلاف من المدنيين السودانيين تحت وطأة الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها ميليشيا الدعم السريع. ومع تزايد الأدلة والتقارير، تصبح الحاجة ملحة لتحرك دولي عاجل، ليس فقط لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، بل أيضاً لوضع حد لدوامة الإفلات من العقاب التي طالما غذّت الحرب في دارفور.