تقرير (أفريكا كونفيدينشيال) يكشف تجاوز الدويلة لمرحلة الدعم بالوكالة
الامارات وحرب السودان.. التدخل المباشر..
الجيش يرفض عرضاً إماراتياً لإبقاء الدعم السريع تحت سلطته..
أبوظبي تصعّد دعمها للمليشيا بعد خسائرها الميدانية الكبرى..
مسؤول إماراتي ينتمي لأسرة (بن زايد) لقي مصرعه في قصف الجيش لمطار نيالا
الكشف عن استخدام ابوظبي أراضٍ في الصومال لضرب بورتسودان
تقارير استخباراتية : ضلوع طائرات وسفن إماراتية في قصف مدن سودانية
نيالا والحدود التشادية أبرز معابر الدعم العسكري الإماراتي (لآل دقلو)
محللون يعتبرون العرض الإماراتي اعترافاً بفشل مشروع الجنجويد
تقرير : رحمة عبدالمنعم
في تطور خطير ، نشرت مجلة أفريكا كونفيدينشيال تحقيقاً جديداً يكشف عن انتقال دولة الإمارات من مرحلة الحرب بالوكالة إلى التورط المباشر في العمليات العسكرية إلى جانب مليشيا الدعم السريع،ويأتي هذا التحول بعد فشل الرهان الإماراتي على المليشيا التي تلقت هزائم متتالية على يد الجيش ، ما دفع أبوظبي — بحسب المجلة — إلى عرض تسوية تفاوضية لإبقاء الدعم السريع كقوة هامشية تحت مظلة القوات المسلحة، وهو عرض قوبل بالرفض القاطع. التقرير يسلط الضوء على الكواليس السرية للدور الإماراتي، وشبكات الإمداد العسكري التي امتدت من الصومال إلى دارفور، في وقت باتت فيه المليشيا محصورة في أجزاء متفرقة من غرب كردفان وولايات دارفور، بعد أن فقدت مواقعها في معظم أنحاء البلاد.
:
أفريكا كونفيدينشيال
وكشفت مجلة أفريكا كونفيدينشيال البريطانية، في تقرير صدر امس الجمعة، عن تحول استراتيجي خطير في دور دولة الإمارات في الحرب الدائرة في السودان، مشيرة إلى أنها انتقلت من مرحلة الدعم غير المباشر لقوات الدعم السريع إلى التورط المباشر في العمليات العسكرية، في أعقاب رفض الجيش السوداني لمقترح تفاوضي قدمته أبوظبي بعد استعادة القوات المسلحة السيطرة على العاصمة الخرطوم في مارس الماضي.
وبحسب المجلة، فإن الإمارات عرضت على قيادة الجيش إجراء مفاوضات مباشرة تقضي بإبقاء قوات الدعم السريع ككيان ضعيف يخضع لسلطة القوات المسلحة ، إلا أن قيادة الجيش رفضت العرض بشكل قاطع، ما دفع أبوظبي إلى تغيير نهجها من محاولة لعب دور الوسيط إلى دعم تصعيد الدعم السريع عسكرياً واستخباراتياً.
ووفقا لدورية “افريكا كونفيدينشيال” الرقمية، لقي مسؤولون إماراتيون، أحدهم ينتمي إلى عائلة محمد بن زايد، مصرعهم في الهجوم الجوي الذي شنه الجيش السوداني على مطار نيالا في 3 مايو، كما أسفر الهجوم عن مقتل طيارين اثنين من شرق إفريقيا، وأضافت ، أن القصف استهدف تعطيل شبكة الإمداد اللوجستي لقوات الدعم السريع التي تعتمد على خطوط إماراتية. وأسفر الهجوم أيضاً، عن مقتل العشرات من مقاتلي الدعم السريع وإصابة عدد كبير منهم، بينهم أجانب كانوا ينتظرون الإجلاء
ضربة بورتسودان
ويشير التقرير إلى أن الهجوم الجوي الذي استهدف مدينة بورتسودان في أبريل كان بمثابة نقطة مفصلية في هذا التحول الإماراتي، إذ تسارعت وتيرة نقل الأسلحة والمعدات إلى قوات الدعم السريع، بالتزامن مع تقارير استخباراتية تتحدث عن استخدام الإمارات أراضي إقليم بونتلاند في الصومال كنقطة انطلاق لعمليات عسكرية.
ووفقًا للمصادر التي استندت إليها أفريكا كونفيدينشيال، فإن الطائرات المسيّرة التي ضربت بورتسودان يُعتقد أنها أُطلقت من مدينة بوصاصو، أو أن تحديد إحداثيات الأهداف والمعلومات الاستخباراتية جاء من طائرات استطلاع أو سفن حربية إماراتية في البحر الأحمر، فيما نُفذت الضربات بطائرات مسيّرة أقلعت من مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع في دارفور وكردفان.
تورط ابوظبي
ولم يكن هذا التورط المفترض وليد الساعة، إذ ظلت الإمارات، بحسب تقارير دولية عديدة، ضالعة في دعم مليشيا الدعم السريع منذ الأيام الأولى للحرب، عبر جسور جوية أقلّت أسلحة وعتاداً عسكرياً إلى مطار نيالا الدولي، الخاضع لسيطرة الجنجويد في ولاية جنوب دارفور، وكذلك عبر الطرق البرية عبر الحدود مع تشاد.
وقد وثّقت عدة منظمات وشهادات ميدانية وصول أسلحة متطورة – بينها طائرات بدون طيار وراجمات صواريخ ومدرعات – إلى مليشيا الدعم السريع خلال العامين الماضيين، وهو ما ساعدها على شن هجمات متكررة على مدن استراتيجية في ولايات بورتسودان ،نهر النيل،الأبيض والشمالية، والنيل الأبيض، ، وكسلا.
فشل الميليشيا
ويرى خبراء عسكريون أن التحركات الإماراتية الأخيرة تعكس شعوراً بالخذلان من الفشل الذريع لمليشيا الدعم السريع، التي كانت تراهن عليها لتحقيق مكاسب ميدانية وسياسية، قبل أن تنهار أمام ضربات الجيش ، وتفقد سيطرتها على الخرطوم، والجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض، وأجزاء من كردفان.
وباتت المليشيا، وفقًا للمراقبين، محاصرة في جيوب متفرقة بغرب كردفان وولايات دارفور، وتعاني من نقص حاد في الإمدادات والموارد البشرية، في ظل تنامي الرفض الشعبي لها، واستمرار الزحف العسكري المنظم من الجيش.
وفي ضوء هذه التطورات، يُرجح أن مساعي الإمارات للتفاوض مع الجيش السوداني جاءت بعد أن أدركت أن المليشيا التي دعمتها طوال عامين لم تعد ورقة رابحة، بل عبء سياسي وعسكري يتطلب مخرجاً تفاوضياً يحفظ لها ماء الوجه ويحد من خسائرها الاستراتيجية في السودان
المجتمع الدولي
ويأتي تقرير أفريكا كونفيدينشيال ليضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، في وقت ما تزال فيه بعض العواصم تغض الطرف عن التدخلات الخارجية التي تؤجج الحرب في السودان، وتطيل أمد معاناة ملايين المدنيين.
فهل آن الأوان لمساءلة أبوظبي عن دورها في تسليح ميليشيا تم دحرها ميدانياً بعد أن ارتكبت جرائم بشعة في حق السودانيين؟ وهل تتحرك القوى الإقليمية والدولية لوقف التورط الخارجي في هذا النزاع الذي يخوض فيه الشعب السوداني معركة استرداد سيادته ووحدة ترابه الوطني؟.