توقف المساعدات الغذائية والصحية المقدمة من المفوضية وبرنامج الغذاء العالمي اللاجئون السودانيون بأوغندا..أوضاع مأساوية

توقف المساعدات الغذائية والصحية المقدمة من المفوضية وبرنامج الغذاء العالمي

اللاجئون السودانيون بأوغندا..أوضاع مأساوية

توقف المساعدات يهدد حياة أكثر من 50 ألف سوداني في (معسكر كرماندانقو)

اللاجئون يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء والدواء والرعاية الصحية

اتهامات للمنظمات الدولية بالتقاعس عن أداء واجبها الإنساني

شبكة أطباء السودان تحذر من أوضاع مأساوية للاجئين السودانيين

بيان مشترك يؤكد أن تمويل قطاع اللاجئين في أوغندا لم يتجاوز 17 ٪

آلاف السودانيين يعيشون أوضاعاً صعبة خارج المعسكرات في كمبالا وعينتبي

تقرير : رحمة عبد المنعم
في ظل استمرار الحرب في السودان ودخولها عامها الثالث، تتكشف أبعاد جديدة لمعاناة مئات الآلاف من اللاجئين الفارين إلى دول الجوار، وعلى رأسها أوغندا، التي تستضيف قرابة مئة ألف لاجئ سوداني، بحسب بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، هؤلاء اللاجئون يعيشون أوضاعاً إنسانية وصفتها شبكة أطباء السودان بـ”المأساوية”، وسط تدهور الخدمات الصحية وتوقف المساعدات الغذائية بسبب نقص التمويل الدولي.

مأساة “كرماندانقو”
ويواجه أكثر من 50 ألف لاجئ سوداني في معسكر “كرماندانقو” للاجئين شمال أوغندا، ظروفاً إنسانية مزرية، بعد أن توقفت المساعدات الغذائية والصحية التي كانت تقدمها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي. وبحسب تعميم صادر عن شبكة أطباء السودان، أمس السبت، فإن اللاجئين يعانون من انعدام الرعاية الصحية، ونقص الدواء، وغياب الاهتمام بالفئات الأكثر ضعفًا كالأطفال والنساء الحوامل وكبار السن.
الشبكة وصفت الوضع في المخيم بـ”الكارثي”، مشيرة إلى أن العديد من اللاجئين باتوا يواجهون خطر الجوع والمرض، في ظل تجاهل واضح من المجتمع الدولي، وعجز المنظمات الأممية عن الإيفاء بالتزاماتها الأساسية تجاههم.
وناشدت شبكة أطباء السودان المنظمات الأممية والإنسانية ضرورة التدخل العاجل لإنقاذ اللاجئين السودانيين، ودعت إلى توفير الغذاء والدواء والدعم النفسي، إلى جانب التعليم للأطفال الفارين من أتون الحرب،كما أعربت عن أسفها الشديد لما وصفته بـ”التجاهل المتعمد” من قبل بعض المنظمات الدولية للأزمة الإنسانية التي يعيشها اللاجئون السودانيون، ليس فقط في أوغندا، بل كذلك في تشاد ودول الجوار الأخرى.
واتهمت الشبكة تلك المنظمات بـ”عدم الالتزام بما يمليه عليها الضمير الإنساني”، محذرة من تفاقم الأوضاع إذا ما استمر الصمت الدولي تجاه ما يحدث في المخيمات.

اعتراف رسمي
وفي تأكيد على عمق الأزمة، أصدرت الحكومة الأوغندية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بيانًا مشتركاً يوم الجمعة 30 مايو 2025، أقرّتا فيه بعجز الدعم الدولي الموجه لقطاع اللاجئين، والذي لم يتجاوز نسبة 17% هذا العام.
ووقّع البيان وزير الإغاثة والتأهب للكوارث وشؤون اللاجئين الأوغندي هيلاري أونيك، والعضو القطري للمفوضية الأممية ماثيو كرنتيسل، وأشارا فيه إلى أن بيئة التمويل العالمية الصعبة دفعت إلى اتخاذ قرارات قاسية، منها تقليص عدد الموظفين وتقليص الخدمات، وهي خطوات اتُّخذت بالتشاور بين المفوضية والحكومة الأوغندية.
وجاء في البيان أن “هذه التدابير تعكس استجابة عالمية أوسع للقيود الشديدة على الميزانيات”، معربين عن أسفهما لتأثير هذه الخطوات على اللاجئين والموظفين العاملين في المجال الإنساني.

استمرار التوافد
وتستضيف أوغندا حالياً نحو 1.9 مليون لاجئ من دول متعددة، وقد استقبلت أكثر من 110 آلاف لاجئ جديد منذ بداية العام الحالي، بينهم مئات السودانيين الذين يفرون يومياً من مناطق الحرب بين الجيش وميليشيا الدعم السريع. وتُعد أوغندا واحدة من الدول القليلة في أفريقيا التي تتبنى سياسة “الباب المفتوح” تجاه اللاجئين، إلا أن ضآلة التمويل تهدد هذه السياسة النموذجية.
وقال البيان المشترك إن الشراكة بين الحكومة الأوغندية والمفوضية السامية ستستمر في العمل لضمان الشفافية وتقديم الخدمات الأساسية، داعياً المجتمع الدولي إلى مضاعفة دعمه لضمان استمرار الحماية الإنسانية.

خارج المخيمات
إلى جانب من يعيشون في معسكرات اللجوء، يقيم آلاف اللاجئين السودانيين في مدن أوغندية كالعاصمة كمبالا ومدينة عينتبي، هرباً من مشاق الحياة في المخيمات. هؤلاء اللاجئون يعيشون أوضاعاً غير مستقرة، حيث تنعدم فرص العمل وتقل الخدمات الصحية والتعليمية، ما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية.
وكان أحد مسؤولي مجتمع اللاجئين السودانيين في مخيم “كرماندانقو” قد كشف في منتصف شهر مايو عن توقف المساعدات التي كانت تقدمها المفوضية وبرنامج الغذاء العالمي، مؤكداً أن معظم العائلات لم تعد تتلقى أي دعم منذ شهور.
وفي ظل هذا الواقع، ترتفع الأصوات المنادية بتحرك عاجل من قبل المجتمع الدولي والدول المانحة، فاللاجئون السودانيون الذين هربوا من آلة الحرب إلى دول الجوار، يواجهون الآن معركة أخرى للبقاء وسط النسيان العالمي وتراجع الاهتمام بقضيتهم.
ويؤكد مراقبون أن تجاهل هذه الأزمة قد يؤدي إلى كوارث إنسانية أشد فتكاً من تلك التي يفرّ منها اللاجئون، مطالبين بإعادة ترتيب أولويات الدعم الدولي وتوجيه جزء أكبر من الموارد نحو الدول التي تستضيف أعدادًا كبيرة من اللاجئين.