من الواقع
لينا هاشم
اتفاق جوبا – قيود الحكومة القادمة
تظل اشكالية نظام المحاصصة الجهوية تثقل كاهل المشهد السياسي السوداني الامر الذي قد يدفع عملية التشكيل الوزاري الجديد الي ازمة جديدة ، ومن الواضح انه لا زال هناك صراع حول الحقائب الوزارية برز من خلال تمسك بعض الحركات الموقعة علي اتفاق جوبا بمكاسبها التي تحققت من خلال الاتفاق ، هذا الامر قد يفرض قيودا علي الحكومة الجديدة ويضع امامها ذات العراقيل والتحديات نفسها التي سبق ان واجهتها الحكومات السابقة .
الأمين السياسي لحركة «العدل والمساواة» معتصم أحمد صالح قال إن حل الحكومة بالكامل، بما يتضمن وزراء الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام مخالف لاتفاق جوبا لسلام السودان ويتجاوز الضمانات المتفق عليها دوليًا، وحذر من أن حل الحكومة لا يمس فقط بتوازن السلطة الذي أرساه الاتفاق بل يهدد مصداقية الالتزامات تجاه أطراف السلام ويضعف الثقة في مسار الانتقال السياسي ويرى أن هذه الخطوة ستؤثر على تماسك الجبهة الداخلية في ظلّ ظرف بالغ التعقيد، وأن الفقرة الثالثة من المادة رقم (8) من اتفاق جوبا لسلام السودان تشكل ضمانة قانونية وسياسية لاستقرار مواقع أطراف العملية السلمية داخل مؤسسات الحكم حتى نهاية الفترة الانتقالية.
تمسكت ايضا حركة جيش تحرير السودان بقيادة مناوي بحصتها في الحكومة، حيث أبلغ مناوي رئيس الوزراء الجديد بتحفظاته على التعديلات في الوثيقة الدستورية وتمسكه بالوزارات التي نالتها الحركة وفق تلك المحاصصات.
وعلى الرغم من أن الاتفاق لم ينص على أسماء وزارات بعينها ولكن بعدد من المقاعد في المجلس السيادي والحقائب الوزارية إلا أن الحركات المسلحة تصر على التمسك بالوزارات ذاتها التي تولاها منسوبوها في أعقاب التوقيع على اتفاق السلام في 2020.
مواقف هذه الحركات لا تحمل حلولا منطقية قادرة علي انقاذ البلاد من ازماتها المتشابكة ، بل تخدم مصالح فئات بعينها علي حساب رؤية وطنية شاملة ومرحلة جديدة تنطلق نحو التغيير والاستقرار .
رئيس الوزراء د. كامل ادريس الذي وجد تعيينه ترحيبا كبيرا علي كافة المستويات داخليا وخارجيا الان هو في موقف لا يحسد عليه وضعه تحت ضغوطات من كل جانب ، ملفات واولويات لا تحصي ولا تعد لكل منها حسابات واعتبارات ، وربما محاذير وتعقيدات لا تحتمل التردد او التعثر او الخطوات المتسرعة ، بل تستوجب الجرأة والحكمة والاقدام ، ويترقب الشعب السوداني اعلان تشكيل الحكومة الجديدة وسط مطالب للاهتمام بملفات الخدمات ومعيار النجاح الحقيقي هو تحقيق رضا المواطن وشعوره بتحسن ملموس في فترة وجيزة بجانب الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية .
يواجه رئيس الوزراء الذي شكل تعيينه حالة من الاطمئنان والارتياح لدي غالبية الاوساط الامتحان الاول في تشكيل حكومته وجوهر المعالجة خلاصته يكمن في تحقيق تعيينات عادلة اساسها الاكفأ والاكثر خبرة وجدارة ، والانظف سمعة ونزاهة ، بعيدا عن المحاصصات والجهويات ، وعجلة التنمية والاستقرار بحاجة الي رجال دولة قادرين علي النهوض بالبلاد ووضعها في مصاف الدول شريطة ان يمحي مفهوم المحاصصة والمحسوبية من قاموس الحكومة القادمة.