إنهاء أكثر من “5” عقود لحكم “العائلة ”
- “الثورة السورية” تنتصر.. إعلان سقوط “الأسد “
“بشار” يغادر إلى موسكو لاجئاً رفقة عائلته
الإئتلاف المعارض يعلن فترة إنتقالية “18” شهراً
رئيس الوزراء يعلن تسليم السلطة للشعب
رسائل من قائد العمليات “الجولاني” من داخل دمشق
تقرير:أشرف إبراهيم
توالت الأحداث بشكل سريع ومثير فجر الأحد في سوريا ، إذ أعلنت المعارضة السورية المسلحة أنها دخلت العاصمة دمشق، بينما نقلت وكالات عن مسؤولين سوريين رفيعي المستوى أن الرئيس بشار الأسد غادر دمشق إلى وجهة غير معلومة.
تطورات متسارعة
وبدأت ليلة السبت الأحد بتطور مثير، إذ نجحت المعارضة في السيطرة على مدينة حمص ثالث كبرى المدن السورية، لتلحق بمدينتي حلب وحماة اللتين سيطرت عليهما المعارضة في وقت سابق، إضافة إلى سيطرتها على كامل محافظة إدلب.
وأكدت المعارضة أنها بذلك نجحت في تحرير 4 مدن خلال 24 ساعة، وهي درعا والقنيطرة والسويداء وحمص، قبل أن تضيف إليها مدينة القصير في ريف حمص.
اقتحام دمشق
ومع حلول فجر الأحد، قالت المعارضة إنها اقتحمت سجن صيدنايا في ريف دمشق ونجحت في تحرير الأسرى لتنهي “عصر الظلم” في هذا السجن، بينما كانت الأنباء تتوالى في وسائل إعلام أميركية عن “مصادر مطلعة” أن الدفاعات العسكرية للنظام السوري انهارت بشكل فعلي، في حين نقلت شبكة “سي إن إن” الأميركية عن مصدر مطلع أنه يمكن القول إن دمشق سقطت من الناحية العسكرية.
وسرعان ما أعلنت المعارضة السورية المسلحة أنها تمكنت من السيطرة على مبنى الإذاعة والتليفزيون السوري.
واستمر توالي الأحداث، حيث ذكرت مصادر محلية أن متظاهرين وصلوا إلى ساحة الأمويين وسط العاصمة السورية دمشق، فيما أكدت مواقع سورية توقف جميع الرحلات في مطار دمشق الدولي وإخلاؤه من العاملين.
سقوط بشار
وعند السادسة من صباح الأحد بتوقيت مكة المكرمة، أعلنت المعارضة السورية المسلحة إن “الشعب السوري الحر أسقط بشار الأسد” وأبلغت قيادة الجيش السوري الضباط بسقوط النظام.
تسليم السلطة للشعب
بدوره بث رئيس الوزراء غازي الجلالي فيديو من داخل منزله أعلن فيه تسليم السلطة للشعب والتعاون مع من يختاره الشعب لتسليمه الملفات.
وأعلنت إدارة العمليات العسكرية إدارة رئيس الوزراء للمؤسسات حتى تسليمها.
لجوء بشار إلى موسكو
ونقلت القناة الروسية الأولى عن الكرملين أن تم تقديم اللجوء للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وأفراد عائلته لدواع إنسانية، وهو موجود حاليا في موسكو.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قالت في بيان في وقت سابق الأحد إن الأسد غادر البلاد بعد أن استقال من منصبه وأصدر أوامره بتسليم السلطة سلميا.
وقال البيان إنه “نتيجة لمفاوضات بين الأسد وعدد من المشاركين في الصراع المسلح في أراضي الجمهورية العربية السورية، قرر الاستقالة من الرئاسة ومغادرة البلاد معطياً أوامر بالانتقال السلمي للسلطة”.
تحديد فترة انتقالية
أعلن الائتلاف الوطني السوري المعارض الأحد أنه يعمل من أجل تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة بعيد انهيار نظام بشار الأسد.
وقال الائتلاف -في بيان- إن هيئة الحكم الانتقالية يجب أن تشارك فيها جميع القوى الوطنية دون إقصاء من أجل إرساء سوريا حرة وديمقراطية وتعددية.
كما قال إنه يتطلع لبناء شراكات إستراتيجية مع دول المنطقة والعالم بهدف إعادة بناء سوريا.
وفي السياق، دعا رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة إلى فترة انتقالية مدتها 18 شهرا لتوفير بيئة آمنة ومحايدة وهادئة من أجل إجراء انتخابات حرة.
ونقلت وكالة رويترز عن البحرة قوله على هامش منتدى الدوحة إنه يتعين وضع مسودة دستور خلال 6 أشهر على أن تكون أول انتخابات تجرى بموجب استفتاء عليه.
رسائل الجولاني من دمشق
زار القائد العام لإدارة العمليات العسكرية في المعارضة السورية أحمد الشرع الملقب بـ”الجولاني” العاصمة دمشق والجامع الأموي، بعد ساعات قليلة من إعلان إسقاط بشار الأسد ونظامه، في زيارة تحمل رسائل محلية وخارجية.
زيارة الشرع للجامع الأموي تحمل رسالة أراد من خلالها التأكيد على رمزية الجامع الأموي للدمشقيين ورمزية دمشق وسوريا بالنسبة للعرب.
وكذلك حملت كلمة الشرع في الجامع الأموي رسالة مباشرة إلى الذين يرفضون النفوذ الإيراني في سوريا عندما قال إن الرئيس المخلوع حوّل البلاد إلى مزرعة للأطماع الإيرانية.
وكان الشرع قد وصل في وقت سابق الأحد إلى العاصمة دمشق بعد سيطرة المعارضة عليها وفرار بشار الأسد، وسجد شكرا لله فور وصوله.
وفي أول خطبة له من الجامع الأموي، اتهم الشرع الرئيس المخلوع بجعل سوريا “مزرعة لأطماع إيران”، مؤكدا أن الانتصار عليه هو انتصار “للأمة الإسلامية”، كما سعى لطمأنة كافة أطياف الشعب السوري من خلال تأكيده أن ظلم الأسد طال جميع السوريين، ولم يقتصر على طائفة دون أخرى.
إنهاء حكم عائلة الأسد
أكثر من خمسة عقود، حكمت عائلة الأسد سوريا بقبضة من حديد، منذ عهد الرئيس السابق حافظ وصولاً إلى نجله بشار انهت المعارضة المسلحة حكمه فجر اليوم .
في 16 نوفمبر 1970م نفّذ حافظ الأسد الذي تولّى منصب وزير الدفاع انقلاباً عسكرياً عُرف بالحركة التصحيحية، وأطاح رئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي.
في 12 مارس 1971، انتُخب الأسد الذي كان يترأس حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيساً للجمهورية ضمن انتخابات لم ينافسه فيها أي مرشح آخر. وكان أول رئيس للبلاد من الطائفة العلوية التي تشكل 10 في المائة من تعداد السكان.
في السادس من أكتوبر 1973، شنّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل من جهة قناة السويس غرباً، ومرتفعات الجولان شرقاً، في محاولة لاستعادة ما خسره العرب من أراض خلال نكسة يونيو 1967، لكن تمّ صدهما.
في مايو 1974، انتهت الحرب رسمياً بتوقيع اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.
في يونيو 1974، زار الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون دمشق، معلناً إعادة إرساء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، بعدما كانت مجمّدة منذ عام 1967. بعد عامين، تدخّلت القوات السورية في الحرب الأهلية اللبنانية بموافقة أميركية.
ومنذ مايو 1977، بدأت المواجهات بين القوات السورية، التي انتشرت في معظم أجزاء البلاد ما عدا المنطقة الحدودية مع إسرائيل، والقوات المسيحية التي احتجت على الوجود السوري في مناطق كانت تحت نفوذها.
وطيلة ثلاثة عقود، بقيت سوريا قوة مهيمنة على المستوى العسكري في لبنان وتحكمت بكل مفاصل الحياة السياسية حتى انسحابها في عام 2005.
في عام 1979، تدهورت العلاقات بين سوريا والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة، دمشق بالتآمر.
وقطعت بغداد علاقتها الدبلوماسية مع دمشق في أكتوبر 1980م، بعدما دعمت الأخيرة طهران في نزاعها مع العراق.
في فبراير 1982، تصدّى النظام السوري لانتفاضة مسلّحة قادها الإخوان المسلمون في مدينة حماة ، وذهب ضحيتها بين عشرة آلاف وأربعين ألف شخص.
وجاء ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أسفر عن مقتل ثمانين جندياً سورياً من الطائفة العلوية. وتوجّهت حينها أصابع الاتهام إلى الإخوان المسلمين بالوقوف خلف الهجوم.
في نوفمبر 1983، أصيب حافظ الأسد بأزمة قلبية نُقل على إثرها إلى أحد مشافي دمشق. ودخل في غيبوبة لساعات عدّة، حاول خلالها شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل، قبل أن يستعيد الأسد عافيته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سوريا.
خلال العامين 1990 و1991، بدأ الجليد الذي شاب علاقات سوريا مع الولايات المتحدة بالذوبان، عقب انهيار الاتحاد السوفيتي الذي وقّعت سوريا معه اتفاقية صداقة وتعاون في 1980م.
انضمت سوريا إلى القوات متعددة الجنسيات في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة ضد صدام حسين بعد غزو العراق للكويت. وفي أكتوبر 1994، زار الرئيس الأميركي بيل كلينتون الأسد في دمشق.
بعد أربع سنوات، زار الأسد فرنسا في أول زيارة له إلى بلد غربي منذ 22 عاماً، واستقبل بحفاوة من نظيره الفرنسي جاك شيراك.
توفي الأسد في 10يونيو 2000، عن عمر ناهز 69 عاماً، وكان شيراك الرئيس الغربي الوحيد الذي حضر جنازته.
حكم بشار
وبعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه 97 في المائة من الأصوات.
بين سبتمبر 2000 وفبراير 2001، شهدت سوريا فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبياً بحرية التعبير.
في 26 سبتمبر 2000، دعا نحو مائة مثقّف وفنان سوري مقيمين في سوريا السلطات إلى العفو عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ العام 1963.
لكنّ هذه الفسحة الصغيرة من الحرية سرعان ما أقفلت بعدما عمدت السلطات إلى اعتقال مفكرين ومثقفين مشاركين فيما عُرف وقتها بربيع دمشق.
في عام 2011، لحقت سوريا بركب الثورات في دول عربية عدة، أبرزها مصر وتونس، فيما عُرف بالربيع العربي.
ومع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمعت البلاد المتظاهرين السلميين بالقوة، وتحولت الاحتجاجات نزاعاً دامياً، وأودى النزاع المستمر بأكثر من 388 ألف شخص وهجّر وشرّد الملايين داخل البلاد وخارجها، وسوّى مناطق كاملة بالأرض.
في سنوات النزاع الأولى، فقدت قوات النظام سيطرتها على مساحات واسعة من سوريا بينها مدن رئيسية. لكن وبدعم عسكري من حلفائها، إيران ثم روسيا، استعادت قوات النظام تدريجياً نحو ثلثي مساحة البلاد، إثر سياسة حصار خانقة وعمليات عسكرية واسعة ضد الفصائل المعارضة والتنظيمات المتطرفة. ولعب التدخل الجوي الروسي منذ خريف 2015 دوراً حاسماً في تغيير موازين القوى لصالح دمشق.
لتنتهي حقبة بشار بالثورة المسلحة التي مضى عليها 12 عاماً من العمل المسلح، بعد أن تخلى حلفاء بشار عن دعمه.