آخر الأسبوع.. تحليل:علم الدين عمر بالتزامن مع قفز عرمان من المركب الغارق..وتلويح ودالفكي.. فولكر يبوح بالحقيقة: نهاية “صمود” وسقوط مشروع الوصاية الدولية..

آخر الأسبوع..

تحليل:علم الدين عمر

بالتزامن مع قفز عرمان من المركب الغارق..وتلويح ودالفكي..

فولكر يبوح بالحقيقة: نهاية “صمود” وسقوط مشروع الوصاية الدولية..

حمدوك و”صمود”: مشروع سياسي إنتهى في هامش الأحداث..

بينما ينتظر السودانيون إكمال معركتهم وإعلان ما تبقي من مقاعد حكومة الدكتور كامل إدريس خرج المبعوث الأممي السابق للسودان فولكر بيرتس بتصريحات موسعة (مشتتة) مفادها أن “الحرب ستنتهي بتفاوض محدود”..إتساقاً مع فرضية المكسب الأعلي للفريق أول عبدالفتاح البرهان كعسكري محترف ..التصريح.. رغم بساطته الظاهرية..كان أعترافاً مبطناً بإنهيار مشروع دولي كامل راهن على فرض وصاية سياسية على السودان وبتحالفات مدنية-مليشياوية تم تصنيعها في غرف مغلقة وليالي طوال ..
فولكر كان أداة إستراتيجية في محاولة فرض واقع سياسي جديد بعد سقوط نظام البشير.. لكنه أُخرج من المشهد مطروداً بعد أن أصبح جزءًا .. وكان قد استُدعي أساساً عبر مسار أحادي من رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك..بلا توافق داخلي ليقود بعثة “يونيتامس” التي عملت كمركز قرار خارجي داخل قلب الدولة السودانية.

“صمود”: من هندسة فولكر إلى الفشل الميداني..

تحالف “صمود” الذي هندسه فولكر متدرجاً من قحت لتقدم ثم صمود ورُوج له كغطاء مدني لملشيا الدعم السريع لم يكن سوى محاولة لإعادة تشكيل السلطة وفق رؤية أممية تتجاهل الواقع الوطني وتستبدل مؤسسات الدولة بمليشيات.. وعند إندلاع الحرب تهاوى التحالف بسرعة مدهشة.. كاشفاً خواءه السياسي والتنظيمي.

إنحسرت رمزية “صمود” حتى أصبح يمثلها اليوم شخص مثل علاء نقد طبيب خامل الذكر لا يعرفه أحد في العمل السياسي ولا يملك مشروعاً ولا قاعدة.. لقد سقطت الأقنعة وبات ما سُوّق كـ”قوى التغيير” مجرد حطام سياسي في هامش الأحداث والجغرافيا بعد أن تهاوت عروش أحلامه تحت أقدام القوات المسلحة والقوي المشتركة والمستنفرين في مختلف بقاع السودان بداء من العاصمة الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وكردفان وتخوم دارفور..

حمدوك: من رمزية الثورة إلى شريك المشروع الفاشل..

لا يمكن تبرئة عبد الله حمدوك من هذا المسار الكارثي.. فقد إستدعي الوصاية الدولية وأحتضن فولكر..وعمل تحت إمرته ونسق علناً مع الدعم السريع.. وروج لتحالفات مشبوهة لم تُبنَ على إرادة شعبية بل على قرارات فوقية..لم يكن الرجل مجرد تكنوقراط محايد بل شريكاً أساسياً كاملاً في مشروع إعادة هيكلة الدولة على مقاس الخارج.. دون إعتبار لقاعدة المصلحة الوطنية.

الجيش من المسافة صفر إلى فرض السيادة..

بدأت الحرب بإنقلاب الدعم السريع على الدولة..عبر هجوم مباغت على الجيش من “المسافة صفر” في قلب العاصمة.. لكن ما أعتُقد أنه حسم للصراع خلال ساعات.. إنقلب إلى عودة مزلزلة لمؤسسات الدولة بقيادة الجيش.. إستعاد الجيش زمام المبادرة وبدأ عملية ميدانية متصاعدة لتحرير الأرض وفرض السيادة..
وحين يعترف فولكر بأن التفاوض سيكون “محدوداً “.. فهو لا يقول ذلك من موقع تحليل بارد.. بل من شعور بالهزيمة.. التفاوض سيكون محدوداً بشروط الجيش لا بشروط البعثة.. وبإرادة المنتصر التي حفر الجيش عليها بالإبرة..

حكومة : إسقاط “صمود” بدون طلقة..

في الأثناءبرزت حكومة الدكتور كامل إدريس كحالة انقلاب إيجابي على حالة الفراغ السابقة.. فبينما ظل خطاب “قحت” و”صمود” يغرق في النواح.. شرعت حكومة إدريس في ترميم الدولة من أعلى..إقتربت من المحيطين الإفريقي والعربي.. وداعبت الظهور في اجتماعات الاتحاد الإفريقي و”الإيغاد” كممثل شرعي للدولة السودانية.. لا كطرف في نزاع داخلي..
وهكذايبدو سحب البساط من تحت أقدام التحالفات المدنية المرتبكة وشيكاً دون أي ضجيج ..فيما ذابت رموز “صمود” في الصمت أو التراجع أو القفز من المركب الغارق.

محمد الفكي سليمان: من التماهي مع فولكر إلى ترويج “التنازلات”..

اللافت في خضم هذا الإنهيارهو الموقف المستجد للقيادي في “صمود” محمد الفكي سليمان.. الذي كان سابقاً من أبرز المتماهين مع خط فولكر.. لكنه خرج مؤخراً بتصريح يداعب ـ”خطوة إكمال التشكيل الوزاري الجديد في السودان بعد تنازلات”.. وهو تصريح يعكس بوضوح تراجعاً حاداً عن مواقف سابقة.. وتلميحاً ضمنياً بقبول الأمر الواقع الجديد الذي فرضته الحكومة والجيش.
هذا الإنقلاب في المواقف يتماهى مع قفزة عرمان من تحالف “صمود” وتأكيد فولكر على محدودية التفاوض ..إنها لحظة نادرة يجتمع فيها فولكر وعرمان والفكي على قراءة واحدة: مشروع الوصاية أنتهى والسلطة الحقيقية تعود تدريجياً إلى داخل السودان وبإرادة شعبه الحقيقية.

لا تسوية بلا سيادة..

ما يجري ليس مجرد حرب ..بل عملية تحرير سياسي متكاملة من إرث الوصاية والتدخلات الأجنبية الجمهورية الجديد تتخلق في قلب المعركة وعلي تخوم نهاياتها وليس في مسودات فولكر.. والحكومة الحالية بما تمتلكه من دعم مؤسسي.. ومشروع متماسك تهيئ الأرض لتسوية لا تعيد إنتاج الوهم.. بل تؤسس لسلام دائم بهوية وطنية خالصة.