✍️رحمة عبدالمنعم يكتب : ◼️جمالٌ لا يغيب

✍️رحمة عبدالمنعم يكتب :

◼️جمالٌ لا يغيب

في شتاء القاهرة القارص، حين تنساب البرودة كخنجر صامت ينهش الأرواح، أفتقد دفء حكايات صديقي وخالي *الحبيب جمال نصرالدين*، هو “جيمي” كما أسميه، وله من جمال اسمه نصيب وافر؛ فهو ليس فقط جميل المظهر، بل هو بهاءٌ يمشي على الأرض، بأخلاقه ونبله وحضوره الذي يُبدد غيوم القلب

*جمال نصرالدين* ليس صديقًا عاديًا، هو حكاية قائمة بذاتها، صحفيٌ حلو العبارة، قلمه كالنهر؛ معقمٌ، رقراقٌ، وسيّال، يكتب عن كل شيء بحرفية فريدة، لكنه لا يكتفي بأن يكون مبدعًا على الورق، بل هو أيضًا روحٌ حية تنبض بالسخرية الذكية التي تجعل الحياة أكثر احتمالًا

كنت ألجأ إليه كلما أثقلتني هموم الحياة، فأجده هناك؛ بابتسامة تعاند تعب الدنيا وقفشات تهزم قسوتها، كان يُحيل ضيق العيش إلى كوميديا نضحك عليها، في وقت لم يكن الضحك فيه رفاهية

اختبرته المواقف، وجدته حاضرًا كنبع لا ينضب، يفيض عطاءً ووفاءً،وعندما دقّت طبول زفافي قبل أشهر، ورغم نزوحه وضيق الحال، جعل من يومي احتفالًا لا يُنسى ،في منزله ببربر، أضاء ليلتي بالحناء، والدعاء، والعشاء، وكأنه أراد أن يخبرني أن المحبة أعمق من الظروف، وأن الوفاء أصدق ما يجمع الأصدقاء

واليوم، وأنا في غربة القاهرة، أجدني أشتاق إلى دفء ذلك القلب ،أحنّ إلى حكاياته التي كانت تُلملم شظايا الروح المبعثرة، وإلى ضحكته التي كانت تجبر كسر الأيام ،صديقي جيمي، لم تفرقنا الحرب فقط، بل أرهقتنا، لكنها لم تنل من ذكرياتك التي تُشعل داخلي جذوة أمل في لقاء قريب

يا صديقي، أنت جمال ليس فقط في الاسم، بل في الروح والقلب. أدعو الله أن يجمعنا قريبًا في وطنٍ يُعيد لنا دفء أيامنا التي أرهقتها الغربة، وطنٍ تصفو فيه سماؤنا، ونتنفس فيه الأمان الذي نستحقه.

🛑القاهرة 15ديسمبر2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top