قلم الانسانية
المهندس المستشار /ايمن ابراهيم عيدالقادر
ثقافة التطوع (2/2)
في أوروبا وأمريكا ظهر العمل التطوعي في ظل أوضاع مجتمعية تتسم بالتناقض حيث كانت “الرأسمالية والاشتراكية تتبادلان الاتهامات من جهة ومن جهة أخرى كانت الدارونية الاجتماعية التي تنادي بالبقاء للأصلح وقانون الأجر الحديدي ينادي بأن زيادة دخل أسرة العامل يؤدي الى زيادة نسله مما شجع أصحاب الاعمال على تبني سياسة عدم زيادة الأجور وأن الإنسان هو المسؤول عن زيادة نسله وعليه أن يتحمل نتيجة عمله هذا “.
وفي ظل هذه المتغيرات التي صاحبت نشأة العمل التطوعي في المجتمعات الغربية خلال القرن الثامن عشر الميلادي بدأ العمل التطوعي يظهر كوظيفة حديثة من خلال عدد من الخطوات المبذولة في هذا المجال ” كتأسيس مدارس للتدريب على المهنة وبدأ ذلك من جانب بعض المؤسسات الخيرية مثل مؤسسة بوستون لأعمال الخير عام 1898م تحت إشراف جمعية تنظيم الإحسان بنيويورك من خلال برنامج تدريبي”.
والخطوة الثانية تتمثل في إنشاء ” منظمة الرعاية الاجتماعية التي أسسها john griscom في عام 1820م وهي جمعية محاربة الفقر الشديد وكانت تقوم أهداف تلك الجمعية على بحث أحوال وظروف الفقراء لوضع الخطط لهم لكي تساعدهم وتشجعهم على الادخار والتوفير “.
ونظرا لعدم تناسق برامج هذه الجمعية وعدم ترابطها فكان ذلك سببا لظهور جمعية جديدة هي جمعية تنظيم الصداقة cos “واستهدفت مساعدة المجتمعات المحلية الفقيرة وتوفير سبل الرعاية وتعليم القراء والكتابة ورعاية أطفال الشوارع وسوء معاملة الوالدين لهم وعلاج الفقر والاختلاف التنظيمي للأسرة واستخدمت نظام الصديق الزائر الذي اعتمد على المتطوعين في مساعدة الافراد والاسر على مواجهة مشكلاتهم “.
وحتي نهاية الحرب العالمية الاولى لم يكون العمل التطوعي يدرس في الجامعات كمبحث من مباحث علم الخدمة الاجتماعية في الجامعات والمعاهد الأوروبية والأمريكية .
ولكن مع مطلع القرن العشرين كان الاتجاه الرأسمالي قد وصل إلى ذروته في الولايات المتحدة الامريكية ، في الوقت الذي كانت فيه الحركات التقدمية في نمو مستمر ، مما دفع الرأسمالية الأمريكية الي محاولة القضاء على كل ما يمكن اضطراد قوة هذه الحركات حفاظا على النظام الرأسمالي الأمريكي من الضياع ، ذلك النظام الذي كانت الخدمة الاجتماعية فيه تمثل فلسفة إصلاحية تقوم على سياسة الترقيع الاجتماعي وبناء المجتمع المتداعي وسد الفجوات وإيجاد الالتحام بين أنسجة المجتمع المفككة ،وفي هذه الفترة بدأ علم الخدمة الاجتماعية تحدد مصطلحاته وأهدافه ووظائفه .
وبعد ذلك تعددت مجالاته ومباحثه وبدأ الاعتراف بأن العمل التطوعي مبحث من مباحث علم الاجتماع وأصبح له العديد من النظريات التي تدعمه .
تم تسجيل الفعل تطوع لأول مرةٍ في عام 1755 من اسم الشخص M.Fr.Voluntaire والذي يعني «تطوع» عام 1600، «وهو شخصٌ يقدم خدماتٍ عسكريةً»، تم تسجيل الكلمة لأول مرةٍ في المجال غير العسكري في الثلاثينيات من القرن السادس عشر. وأصبح لكلمة التطوع (volunteering) مؤخرًا استخدامًا جديدًا وهو مطابقٌ لكلمة «خدمة المجتمع» ولكن لايزال الاستخدام الغالب عسكرياً، والجيش المتطوع في السياق العسكري هو جيشٌ يختار جنوده أداء الخدمة بعكس الذين تم تجنيدهم، ولا يعمل هؤلاء المتطوعون «بلا مقابلٍ» بل يأخذون راتبًا منتظمًا، يشارك الطالب في عملٍ تطوعيٍ في السنة ما بعد المرحلة الثانوية وقبل الجامعة، أو أثناء المرحلة الجامعية ويعتبر فسحة العمل التطوعي (كرير بريك) أحد أشكال التطوع وحتى المشاركة في عملٍ تطوعيٍ.
ونسأل الله أن يوفقنا إلى صواب القول والعمل،،،