منى أبوزيد تكتب :مجتمع انتقائي..!*

 منى أبوزيد

هناك فرق

مجتمع انتقائي..!*

 

*”الحياد تجاه الطرف الآخر هي أول خطوة لمساعدته” .. د.سمية الناصر ..!*

أن تَحكُم دولةً متراميةَ الأطراف أو أن تكون لك القَوامة على أسرةٍ أفرادُها بِضْعةُ أشخاص، كلاهما حالان تشتركان في أوجهٍ عديدةٍ للشبه، أولها الاستعداد لتحمل المسئولية وأولاها توافر الأهلية للقيام بأعباء تلك المسئولية..!

لكن مفهوم الرُّشد “الذي يُلَخِّصه الشرع في الأهلية لاكتساب الحقوق والمقدرة على تحمل الواجبات” يؤطره ذات المجتمع الذي يحتكم إلى الشرع في معظم قضاياه بإطارٍ عُرفيٍ بليد، مفاده تقديم الرجل في الحصول على بعض الحقوق من جهة، وتأخيره في بعض الأحكام التي تستوجب العقاب من جهةٍ أخرى ..!

ولعل أبرز أسباب انتشار بعض الظواهر هو ذلك الهروع المجتمعي الكبير نحو التحصيل الأكاديمي للأبناء على حساب التربية، وتوهم علاقة طردية مفترضة بين المسار الدراسي الجيد للأبناء وحسن سلوكهم ..!

لذا إن كنت والداً يقرأ هذا المقال فدعني أؤكد لك – من خلال خبرتي العملية – أن للشباب عالمهم الخاص الذي يشاركك التربية وينافسك في التعليم. فضلاً عن أن العلاقة الوحيدة الصحيحة هي تلك العلاقة العكسية بين درجة قربك العاطفي منهم – وثبات ما تغرسه فيهم من قيم وفضائل – ومدى استعدادهم للولوغ في موبقات ذلك العالم الخاص..!

الذي يستوقفني عادةً في كل شأن يظهر جانباً من سلوك البشر الخطائين في هذا المجتمع هو إخلاص العقل الجمعي في تبرئة الرجل، واجتهاده الشديد في تجريم المرأة، بينما الشرع نفسه لا يفعل..!

إذ يساوي الشرع بين الرجل والمرأة في كلا الحالين، فالخطأ هو الخطأ، والجنحة هي الجنحة، والجريمة هي الجريمة، والرذيلة هي الرذيلة، بحسب شرع الله الذي خلق الذكر والأنثى وساوى بينهما في المسئولية الأخلاقية والعقوبة الجنائية، والجزاء في الآخرة ..!

دعك من ظلم المرأة، دعك من قهرها، دعك من تحقيرها، دعك من الضرر الواقع عليها جراء هذا النوع من التمييز على أساس النوع – دعك من كل هذا – وتأمل في خطورة هذا التمييز الجائر على الرجل نفسه..!

تأمل في كم التعاسة ومقدار الخراب الذي يحيق بحياة زوجٍ لا يمارس قوامته على زوجته وفقاً للشرع بل وفقاً للعرف الذي تربى عليه. العرف الذي تُعاقب بموجبه أخته على بعض ما يفعله دون أدنى عقاب. ولذلك فهو يتوقع من زوجته أن تتجاوز عن أخطائه ونزواته كما كان يفعل والداه ..!

والنتيجة بيوت هَشَّة، وأبواب مُغلقة على علاقات مُحتَقِنة، وأمهات وآباء تُعساء يتَملَّقون المجتمع بالمظاهر، ويَتَّقُون شرور أحكامه بالإصرار على تَفوُّق الأبناء. ومجتمع انتقائي في دولة مُفكَّكة، تتعاقَب عليها حكومات فاشلة، وحُكَّام مُدَّعين، ومسئولين أدعياء ..!

 

 

munaabuzaid2@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top