افياء
ايمن كبوش
(الغبار يملأ عنان سماء بورتسودان)
# قلت له: لا أدري من ذا الذي يفكر للسلطة الحاكمة في السودان.. وهي تضحي بذلك الالتفاف غير المسبوق الذي وجدته من الشعب في (رمشة عين) ؟ من ذا الذي نصحها بأن تفتح الباب الذي يأتي منه الريح على مصراعيه لتسمح بزيارة وزير الداخلية السابق ومدير عام الشرطة الاسبق، الفريق أول شرطة (عنان حامد عمر) الذي عاد للسودان عبر مطار بورتسودان من القاهرة التي ظل مختبئا بها من عيون رفقاء الشرطة من المعاشيين الا من دعوات قلة من إخلاء الدفعة خمسين.. كان بمقدور السلطات أن تستمهله لدواعٍ أمنية طالما أنها لن تحميه من محكمة الرأي العام.
# (عنان حامد) لم يكن هو الوحيد الذي أجرم في حق الشعب، سواء كان إجرامه هذا مسببا بتفكيك القوة الضاربة لقوات الاحتياطي المركزي (ابو طيرة فكاك الحيرة) لصالح المليشيا المتمردة، أو إشرافه الدقيق على عمليات تجريف القوة من نجومها اللوامع وكفاءاتها، بالتوازي مع سلفه الفريق أول شرطة حقوقي (عز الدين الشيخ المنصور).
# ما فعله (عنان حامد) في الشرطة بتقليم أظافرها وإهدار قوتها، جعلها بلا دور ميداني حقيقي على الارض لدرجة أنها لم تمتلك القدرة على حماية دورها ومقراتها، ونحن نعرف، على الأقل أنها تستند على رصيد وافر من القوات المدربة القادرة على المشاركة في العمليات الحربية، جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة وقد خبرت الشرطة هذا الدرب منذ ايام مشاركتها الكبيرة في عمليات (دعم السلام) في الاستوائية وغرب النوير، كان هذا سيكون رصيدا جيدا سيُغني الدولة عن عمليات استنفار الشباب وتدريبهم وتسليحهم وأضاعة الوقت في التحضير والتجهيز، مثلما أضاع (عنان حامد) رصيد بشري يزيد او ينقص قليلا عن المائة ألف مقاتل وجدوا أنفسهم مع صدمة الحرب الاولى، خارج خدمة الدفاع عن الوطن ويكفيهم أن قائدهم كان أول من تولى عند الزحف متعللا بتواجده في زيارة رسمية لدولة العراق وبدلا من أن يقطعها لأجل هذا الأمر الجلل، جعل رحلته الثانية من بغداد مباشرة صوب المملكة العربية السعودية فلم تحدثه نفسه بالعودة إلى السودان الا بعد وقت طويل، وكأنه جاء من أجل الحصول على السيارات والبدلات والامتيازات وفوائد ما بعد الخدمة عندما أدرك بأن أمر إقالته واقع، واقع ولا أدرى أن كانت الدولة قد قامت بتسوية مستحقاته على ضوء الحكم القضائي الصادر بحقه بالغرامة ام لا ؟
# (عنان حامد) مثله، مثل كثيرون اجرموا في حق هذا الشعب وسوف يشملهم قانون (الإفلات من العقاب) ودونكم لصوص الحرية والتغيير ولصوصية حكومة حمدوك و(همباتة) لجنة إزالة التمكين، هؤلاء جميعا لم يحرك أحدا صوبهم ساكنا ومازالوا طلقاء، ولكن الفرق بينهم، وهذا العنان، أنهم لن يتجرأوا على العودة إلى السودان لتفتح امامهم الصالة الرئاسية كما حدث مع (عنان حامد) الذي جلس وفي حضرته قادة الشرطة الاماجد مثل التلاميذ، وكأنهم أرادوا أن يقولوا للشعب السوداني أننا نعمل بالتعليمات (العليا) وما (عنان) هذا الا قائدنا وفارسنا الذي ينبغي علينا أن نكرمه وان نجلسه مقامه.
# دائما تثبت لنا الايام بأن من لا يملك (ضهرا) قويا يسنده في هذا البلد، يستحق حقا أن يُجلد على بطنه، لذلك لا ينبغي لنا أن نحلم بواقع جديد تسود فيه سياسة المحاسبة وسيادة دولة القانون في زمن (المرأة المخزومية) هذا، صحيح أن عنان غير متهم من اي جهة سيادية أو قضائية أو نيابية، ولكن كل قرائن الاحوال تقول إنه كان أحد معاول الهدم التي استغلها قائد المليشيا المتمردة (محمد حمدان دقلو) لتفكيك الشرطة بتشريد الكفاءات واحالة افضل الضباط للمعاش بتعليمات مباشرة من حميدتي الذي كان مشرفا على الشرطة وامتد الخراب حتى قبل شهرين فقط من بداية الحرب دون أن يرمش للمدير العام جفن، وبالمقابل عمل على إعلاء شأن المقربين والمحاسيب فقط، لذلك كان (جمعون) الشرطة في الصفوف الأمامية لعمليات الدفاع عن البلاد، لا يشبه بسالة الاحتياطي المركزي والقوات الخاصة التي تتبع للشرطة الأمنية في دارفور ولا ذكريات معركة جسر الفتيحاب لدحر هجوم خليل ابراهيم على ام درمان.
# أعود وأقول أن كان هناك من يفكر لهذه الحكومة التي لا نعرف كيف تعمل مطابخ قراراتها، عليه أن ينصحها بأنها ليست في حاجة لإطلاق الرصاص تحت قدميها باستدعاء (كرت محروق) مثل (عنان حامد)، هذا الرجل لا يصلح حتى (كشاهد ملك) على الجرائم التي ارتكبت في حق الوطن ويستحق أن يُجرد من الوطنية ورتبته العسكرية.. لا ينبغي أن تكتفي الدولة بعقوبة الإحالة للمعاش فقط من أجل تغطية (الهروب) والغاء المادة 110 ومرتباتها.