للحقيقة لسان
رحمة عبدالمنعم
تعديلات الوثيقة الدستورية..توقيت غير مناسب
في وقتٍ تشهد فيه البلاد حالة من الحرب المستمرة والانقسام السياسي العميق، تسريب الأنباء حول تعديلات في الوثيقة الدستورية يطرح العديد من التساؤلات والشكوك بشأن التوقيت والمقاصد، في ظل الظروف الراهنة، حيث تتزايد المطالبات بنصيب أكبر من الحكم لحركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا، يبدو أن الحديث عن هذه التعديلات يفتح الباب لنقاشات وانشقاقات جديدة قد تزيد من تعقيد الوضع السياسي وتفاقم الأزمة القائمة.
الحديث المستمر عن تعديل الوثيقة الدستورية يثير تساؤلات حول تكريس سلطات مجلس السيادة، ، وتوسيع صلاحياته التي أصبحت، في الواقع، شبه مطلقة ،فبرغم أن الوثيقة نفسها تنص على أن مجلس السيادة دوره إشرافي فقط، إلا أن الواقع يشير إلى أنه بات يتمتع بصلاحيات واسعة.
اللجان التي شكلت لبحث التعديلات وُظِّفَت في حالة من التكتم الشديد حول أعضائها، مما يثير تساؤلات عن خلفيات هؤلاء الأفراد، وما إذا كانوا من ذوي الاختصاصات القانونية والفنية اللازمة لمثل هذه التعديلات ،وفي ظل غياب الشفافية في هذا الإجراء، يصبح من الصعب الجزم بماهية التعديلات المقترحة وأهدافها.
لا بد من التساؤل أيضاً عن مدى التشاور مع حركات الكفاح المسلح التي أُبرم معها اتفاق جوبا، هل تمت استشارتها بشكل جاد حول هذه التعديلات؟ وهل ستكون الوثيقة التي قيل إنها “مجمدة” هي الحاكمة في المستقبل؟ من المثير للدهشة انه تم تعيين المجرم حميدتي نائباً لرئيس مجلس السيادة قبل تمرده على الدولة في خرق واضح للوثيقة الدستورية التي لم تنص على ذلك، وبعد تمرد “دقلو “، تم تعيين مالك عقار نائباً بلا صلاحيات واسعة، مما يطرح التساؤلات حول مدى احترام الوثيقة الدستورية ومدى الالتزام بها.
يجب على الفريق البرهان أن يتوقف عن السير في “حقل الألغام السياسي” ،لا يمكن لأي تعديلات دستورية أن تتم في وقت الحرب والانقسام الداخلي، بينما القوى السياسية الوطنية ما زالت غارقة في صراعاتها، إن انتظار انتهاء الحرب بالحسم العسكري وتحقيق التوافق بين القوى السياسية أمر أساسي قبل التطرق لأية تعديلات دستورية، وفي ذلك الوقت فقط، يمكن النظر في التعديلات المطلوبة أو التفكير في صياغة وثيقة دستورية جديدة تُلبِّي تطلعات الشعب السوداني وتؤسس لمستقبل أكثر استقرارًا وعدالة.