أعاد للأذهان ملحمة قتل غردون وإسهامها فى تأسيس الدولة السودانية .. تحرير القصر .. رمزية سياسية وعسكرية

أعاد للأذهان ملحمة قتل غردون وإسهامها فى تأسيس الدولة السودانية ..

تحرير القصر .. رمزية سياسية وعسكرية

الجيش ينهي حقبة سوداء وينهي وجود مليشيا ال دقلو بالخرطوم

معركة القصر علامة فارقة في مسار المعركة مع الجنجويد..

الحرب دخلت مرحلة العد التنازلي وتقترب من الحسم…

المليشيا انتهت سياسياً وعسكرياً، وما تبقى جيوب متمردة

انهيار كبير للجنجويد في ظل اختفاء قيادات على مستوى حميدتي

الكرامة: هبة محمود

بعد 140 عاما يعيد التاريخ السوداني فصولا من أوراقه خلدت ذكرى عظيمة وقهرت أسطورة حية، من داخل القصر الجمهوري في العام 1885م، حينما لقي الحاكم العام غردون باشا حتفه على يد ثوار المهدية.
ذات التفاصيل تعيد نفسها والقوات المسلحة السودانية تنهي ” حقبة سوداء ” من تاريخ البلاد بدأت بتكوين مليشيا الدعم السريع عام 2013م قبل أن تتحطم تلك القوة داخل القصر الجمهوري امس الجمعة عقب تحريره.
رمزية سياسية وعسكرية، يعنيها تحرير القصر الذي مثلت عودته دلالات البدايات والنهايات معا، فبإستعادة القصر الجمهوري من قبل القوات المسلحة السودانية، تكون مليشيا الدعم السريع قد انتهت سياسياً وعسكرياً، ليصبح ما تبقى منها عبارة عن جيوب متمردة تبحث عن مخرج آمن.

النقطة الفاصلة والعلامة الفارقة

وعلى الرغم من تحدي مليشيا الدعم السريع على مستوى قياداتها والتي كان آخرها تصريحات قائد التمرد حميدتي، في آخر ظهور له، وهي أنهم باقون في القصر إلا أنه وعقب معارك استمرت يومين، تمكن الجيش السوداني صباح اليوم من استعادته وتحريره منها.
وبحسب مراقبين فان القصر الجمهوري كان يعد النقطة الفاصلة والعلامة الفارقة في المعركة بين الجيش والمليشيا، إذ أنه يمثل رمز سيادة الدولة واستعادته تعني الكثير، كما أن خسارته من قبل المليشيا تمثل ذات المعنى.
إستعادة الجيش القصر الجمهوري لا تعني نهاية المعركة إلا أنها وفق خبراء عسكريين تعني أن الحرب دخلت مرحلة العد التنازلي والمرحلة الحاسمة.

ماهي رمزية إستعادة القصر الجمهوري سياسياً وعسكرياً؟

تمثل إستعادة القصر الجمهوري رمزية سياسية وعسكرية هامة للقوات المسلحة السودانية وللشعب السوداني كل على حد سواء، حيث أن القصر الجمهوري ظل يمثل منذ عقود طويلة رمزية سيادية هامة، إذا أن كل التغييرات في البلاد تبدأ منه وتنتهي إليه.
وفيما أن المليشيا ظلت أكثر حرصا عليه على مدار عامين من احتلاله، للتأكيد على سيطرتها على عمق العاصمة، إلا أنها بفقده فقدت ركيزتها الأساسية في القتال، فأي الاماكن رمزية يمكن أن تتمسك وتدافع بها عن تمردها الغادر بعد الآن؟!.
وبحسب الخبير الأمني معتصم عبد القادر لـ “الكرامة” فإن معركة القصر اليوم مثلت نهاية التمرد، مؤكدا أن ما حدث يعني أنه على جميع القوات أن تتفرغ لبقية المعارك الاخرى بعد استعادة رمز الدولة.
واعتبر أن معركة القصر اليوم كانت من أصعب المعارك لإعتبارات البيئة المحيطة به والمتمثلة في المبان العالية ووجود القناصة، غير أن إحكام الحصار عليه من قبل الجيش ومحاصرته من ناحية القيادة شرقا والمقرن غربا وسلاح المدرعات جنوباً ساعد في تحريره.

المليشيا تدخل مرحلة جديدة

وببسط الجيش سيطرته على القصر الجمهوري اليوم تدخل المليشيا مرحلة جديدة من مراحل هزيمتها العسكرية والسياسية، فوفق خبراء فإن تحرير القصر يعني قمة الفشل، وبداية لتصدع ما تبقى، إذ ظلت قيادات المليشيا على الدوام تؤكد إحكام سيطرتها على القصر والتمسك به، ليكتشف القاعدة من عناصرها غير ذلك.
واعلن المتحدث الرسمي بإسم القوات المسلحة في بيان له اليوم خوض القوات المسلحة ملحمة بطولية خالدة، توجت نجاحاتها بمحاور الخرطوم، حيث تمكنت القوات من سحق شراذم مليشيا آل دقلو الإرهابية بمناطق وسط الخرطوم والسوق العربي ومباني القصر الجمهوري”.
ويرى متابعون أن المليشيا تعيش انهيار كبير سيما في ظل اختفاء قيادة الدعم على مستوى حميدتي أو شقيقه عبد الرحيم، ما يجعل عناصرها على الأرض يعيشون الآن في جزر معزولة.

فشل مشروع الإستيلاء على الدولة

وبحسب المحلل السياسي د محي الدين محمد، فإنه و بإستعادة القصر الجمهوري من قبل الجيش، يستعيد التاريخ لحظات مقتل غردون على درجات السلم داخل القصر في العام 1885 والتي كانت بداية جديدة في تاريخ السودان.
وقال في حديثه لـ”الكرامة” أن دخول القصر ومقتل غردون كان بداية التحول في تاريخ السودان وتأسيس الدولة السودانية..
وأكد أن تحرير القصر يعني أيضا نهاية الدعم السريع كمشروع سياسي وعسكري لصالح مؤسسات الدولة السودانية.
ونوه في الأثناء إلى أن تحرير القصر يعني خروج المليشيا من الخرطوم كما أنه سيحرمها من اي فرصة للادعاء بأنها تمتلك سيطرة في الخرطوم وتفند في ذات الوقت حديثها عن تشكيل وإعلان الحكومة من داخل الخرطوم.
وتابع: ما حدث سيؤدي إلى تحطيم عامل الثقة بين عناصر المليشيا التي ظلت قيادتها توكد على إحكام السيطرة على القصر، وبعد التحرير سيقع في روعهم أن القيادة تتلاعب بهم وبعواطفهم ولا تملك أي رؤية لإدارة المعركة.
واضاف: الرسالة الأهم من كل ذلك هو أنه بتحرير الجيش القصر الجمهوري اليوم، يعني أن المليشيا فشلت سياسيا وعسكرياً في تحقيق الاستيلاء على الدولة السودانية لصالح أجندة خارجية.