احتفلوا بيوم حرية الصحافة، تحت وطأة الحرب،،
الصحفيون السودانيون.. “فواجع ومواجع”..
انتهاكات صارخة مارستها الميليشيا المتمردة في حق الصحفيين..
مقتل 28 من الصحفيين، وتعرض 550 إلى انتهاكات، واحتجاز و66 صحفياً..
اتحاد الصحفيين: ناشدنا عدة جهات عالمية لإيقاف انتهاكات الميليشيا..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
ناشد الاتحاد العام للصحفيين السودانيين، المنظمات الصحفية الدولية والمنظمات الحقوقية العالمية بالعمل معاً من أجل وقف جرائم ميليشيا الدعم السريع المتمردة وانتهاكاتها المستمرة ضد الصحفيين، وشدد الاتحاد في بيان أصدره بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، على ضرورة البحث عن السبل الكفيلة لدعم وتقوية الصحفيين السودانيين خاصة الذين فقدوا أعمالهم والإسراع في قيام صندوق دعم للصحفيين السودانيين ومساعدة الاتحاد في ملاحقة مرتكبي الانتهاكات والجرائم ضد الصحفيين في السودان والمساهمة في مشروعات ومبادرات الاتحاد لاستعادة واستئناف العمل الإعلامي والصحفي المتوقف في البلاد، واستعرض الاتحاد العام للصحفيين السودانيين في بيانه الذي تلقت الكرامة نسخةً منه امس الأول، حجم الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت في حق الصحفيين السودانيين خلال عامين ونيف من الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل 2023م.
إعلان ويندهوك:
ودرج الصحفيون في العالم على الاحتفال في اليوم الثالث من شهر مايو من كل عام، باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يعود إلى المؤتمر المهم الذي عقدته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” في مدينة ويندهوك في ناميبيا في العام 1991م، حيث تم في الثالث من مايو من ذاك العام اعتماد “إعلان ويندهوك” التأريخي الذي وضع الأسس لتطوير صحافة حرة ومستقلة وتعددية، حيث درجت اليونسكو على إحياء هذا اليوم التأريخي لاجتماع الصحفيين الأفارقة، وتذكير الحكومات بضرورة احترامها لحرية الصحافة، وضمان بيئة إعلامية حرة وآمنة للصحفيين، وإعمال الكثير من المراجعات من قبل الصحفيين والإعلاميين حول قضايا حرية الصحافة وأخلاقياتها، وتلتزم الأمم المتحدة بتخصيص اليوم الثالث من مايو من كل عام للاحتفاء بالمبادئ الأساسية، وتقييم حال الصحافة في العالم، وتعريف الجماهير بانتهاكات حق الحرية في التعبير، والتذكير بالعديد من الصحفيين الذين واجهوا الموت أو السجن في سبيل القيام بمهماتهم في تزويد وسائل الإعلام بالأخبار اليومية.
معاناة إنسانية ومهنية:
وفي السودان تمر ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة مفعمة بالكثير من المواجع والآلام والفواجع جراء ما يتعرض له الصحفيون السودانيون تحت وطأة الحرب المفروضة على البلاد لأكثر من عامين، ويُحصي الاتحاد العام للصحفيين السودانيين 28 شهيداً من الصحفيين، إضافة إلى 550 حالة انتهاك تعرضوا لها، و66 صحفياً وصحفية عانوا الاحتجاز والتوقيف بينهم 9 صحفيات، و500 صحفي لجأوا إلى دول الجوار، و5000 آخرين نزحوا في مناطق مختلفة داخل السودان، هذا فضلاً عن تشريد الألاف من منازلهم وتهجيرهم تهجيراً قسرياً عن مناطقهم وبيوتهم، حيث تعرض 800 منزل يملكها صحفيون إلى النهب والتدمير، وكشف اتحاد عام الصحفيين السودانيين عن الدمار الشامل الذي لحق مؤسسات العمل الإعلامي مثل محطات التلفزة والراديو، منوهاً إلى حادثة احتلال المقر الرئيس للإذاعة السودانية والتلفزيون الرسميين، وتدميرهما كلياً، حيث كان مقرهما منصةً تبث منها عدة قنوات وإذاعات فضلاً عن احتلال مقر 30 محطة تلفزيونية، و70 إذاعة خاصة نهبتها ميليشيا الدعم السريع بالكامل ودمرت مقارها، هذا فضلاً عن تأثير الحرب في توقف 44 صحيفة يومية سياسية، ورياضية، واجتماعيه، واقتصادية، بالإضافة إلى بعض الصحف الولائية، الأمر الذي أدى إلى فقد ما يزيد عن 7000 صحفياً عملهم في وسائل الإعلام المختلفة من قنوات فضائيه وتلفزيونية وصحافة ومواقع إلكترونية.
رصد الانتهاكات:
الاتحاد العام للصحفيين السودانيين رصد الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع ضد حرية الصحافة والصحفيين، مبيناً أن العمل الصحفي أصبح جريمةً تعاقب عليها الميليشيا المتمردة التي نفذَّت عمليات قتل ممنهجة ضد الصحفيين، وأهانت الكثيرين منهم بتعريضهم للضرب والتعذيب وسلب ممتلكاتهم، هذا فضلاً عن تدمير مقر الاتحاد العام للصحفيين السودانيين وتمزيق كل مستنداته، وتحطيم أجهزته الإلكترونية وأثاثاته المكتبية، وتدمير شبكة الكهرباء والمياه داخل مبانيه، وأصدر الاتحاد العام للصحفيين السودانيين بيانات وتقارير حيال انتهاكات الميليشيا، منوهاً إلى تعاونه مع المنظمات الصحفية الدولية والإقليمية في مقدمتها الاتحاد الدولي للصحفيين، والفيدرالية الأفريقية للصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، واليونسكو، ومنظمات دولية أخرى، في متابعة وتنسيق العمل لوقف الانتهاكات وعدم إفلات مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين من العقاب.
انتهاكات وشجاعة:
وأقرَّ الأمين العام لاتحاد الصحفيين السودانيين الأستاذ صلاح عمر الشيخ بوجود أوضاع كارثية يعيشها الصحفيون السودانيون تحت وطأة الحرب التي تجاوزت عامها الثاني، وكشف الشيخ في إفادته للكرامة عن انتهاكات جسيمة قامت بها ميليشيا الدعم السريع تجاه عدد من الصحفيين السودانيين الذين فقدوا حياتهم جراء هذه الانتهاكات، كان آخرهم مراسل إذاعة بلادي الشهيد الحسن فضل المولى في النهود التي يعاني فيها صحفيون آخرون من حصار رهيب، حيث أصبح مصيرهم مجهولاً بعد اجتياح الميليشيا للمدينة، وإعمال القتل وسط المدنيين، ونهب المدينة واستباحتها، مشيراً إلى استشهاد مدير إذاعة الفاشر الأستاذ أحمد صالح سيدنا، الذي سبقته زمرة من العاملين في التلفزيون القومي الذين استشهدوا عقب تحرير القصر الرئاسي، وثمن الأستاذ صلاح عمر الشيخ شجاعة الصحفيين السودانيين الذين قال إن الوضع الكارثي لم يهزم عزيمتهم ويمنعهم من ممارسة عملهم، إذ استفاد الكثيرون من الفضاء الإسفيري، وأطلقوا عشرات المواقع والصحف الإلكترونية، وقنوات اليوتيوب مارسوا فيها المهنة وتحمَّلوا التهديدات وقلة وسائل الاتصالات وضعف الإنترنت، لكنهم انتجوا كثيراً من الأخبار والأعمال الصحفية التي فضحوا فيها الانتهاكات التي مورست ضد المواطن السوداني، وبيَّنوا للعالم شجاعة المواطن السوداني الذي التفَّ حول قواته المسلحة وآمن بقدرتها على صون بلاده والحفاظ على وحدتها.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر يبقى الثالث من مايو من كل عام، يوماً مهماً في مسيرة الصحفيين لما يمثله من ذكرى للمراجعة وتحسس المواقف ومعرفة موقع الصحافة السودانية من خارطة الحريات في بلد تعاني فيه الصحافة من التهميش والإهمال في حالتي السلم والحرب، وهي فرصة ينبغي أن يستثمرها الصحفيون السودانيون رغم وضعهم المذري، ليُعلموا الوحدة ويُعلوا من قيم التماسك والتكاتف، وتنسيق الجهود والمواقف، من أجل تطوير التجربة، واستقاء العظات والدروس والعبر التي تحقق حلم جميع الصحفيين، ” صحافة حُرَّة أو لا صحافة”.