ردود الأفعال تتوالى بعد الهجوم الأميركي على إيران…
طهران.. التهديد بضرب القواعد الأمريكية واغلاق مضيق هرمز..
“الكونغرس” يتهم ترامب بخرق الدستور والتهور
تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي بعد دخول أمريكا في الحرب
واشنطن تبلغ طهران استعدادها للتفاوض وعدم تكرار الهجوم
معلومات عن عدم تضرر منشآت نووية ونقل” اليورانيوم” إلى أماكن مجهولة
تقرير : أشرف إبراهيم
تتوالى ردود الفعل على مستوى منطقة الشرق الأوسط والعالم بعيد الضربة التي نفذتها الطائرات الأمريكية على منشآت نووية إيرانية فجر أمس الأحد.
وبينما توعدت إيران برد قاس طالبت أوروبا طهران بالتأني ،وأبدت واشنطن رغبتها في التفاوض، وحسب وسائل إعلام أبلغت واشنطن طهران انها لن تكرر الضرب وترغب في التفاوض،يأتي ذلك وسط ضغوط داخلية على ترامب من الكونغرس وقلق ومخاوف من غياب المعلومات بشأن نتائج الضربات وردة فعل طهران المنتظرة.
حديث “شمخاني”
وقال علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني، إن هناك “مفاجآت مستمرة” ردا على قصف الولايات المتحدة لمواقع نووية إيرانية، مشيرا إلى أن القواعد الأمريكية المستخدمة لضرب إيران “صارت أهدافا مشروعة”.
وردا على القصف الأمريكي للمنشآت النووية الايرانية، أضاف شامخاني “مع افتراض تدمير المواقع بالكامل؛ فإن اللعبة لم تنته بعد، والإرادة السياسية لا تزال قائمة”.
ونقلت قناة “العالم” الإيرانية، مساء الأحد، عن شمخاني قوله إن “المبادرة السياسية والعملياتية، ومعها حق الدفاع عن النفس، باتت اليوم في أيدي الطرف الذي يعرف كيف يلعب بذكاء ويتجنب إطلاق النار عشوائيا”، مجددا القول إن “المفاجآت ستستمر”.
نيويورك تايمز: 12 قنبلة ضخمة لم تدمر موقع “فوردو”..
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر أميركية وإسرائيلية أن الهجوم الأميركي على إيران، فجر الأحد، لم يؤد إلى تدمير موقع فوردو النووي الحصين كليا، كما ذكرت أن طهران نقلت اليورانيوم المخصب من هناك قبل الهجوم.
وقال مسؤول أميركي للصحيفة إنه تم إسقاط 12 قنبلة خارقة للتحصينات، لكنها “لم تكن كافية لتدمير موقع فوردو”، وإن كانت ألحقت به أضرارا بالغة، حسب وصفه.
وكذلك، قال مسؤولون إسرائيليون للصحيفة إن “الجيش الإسرائيلي يعتقد أن موقع فوردو لحقت به أضرار جسيمة لكن لم يدمر كلياً.
وأضاف هؤلاء المسؤولون أنه “يبدو أن إيران نقلت معدات، بما في ذلك اليورانيوم، من منشأة فوردو”.
غياب المعلومات
في الوقت نفسه، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لشبكة “سي بي إس” إنه “لن يعرف أحد على مدى أيام ما إن كانت إيران قد نقلت بعض موادها النووية قبل الضربات”.
ونقلت وكالة رويترز، في وقت سابق الأحد ، عن مصدر إيراني قوله إنه تم نقل معظم اليورانيوم عالي التخصيب من موقع فوردو إلى مكان غير معلن قبل الهجوم الأميركي.
وذكر المصدر الإيراني أيضا أنه تم تقليص عدد العاملين في الموقع إلى الحد الأدنى قبل الهجوم.
من جهة أخرى، قالت صحيفة واشنطن بوست إن صور أقمار اصطناعية في 19 يونيو الجاري أظهرت نشاطا غير عادي للشاحنات والمركبات في منشأة فوردو قبل يومين من الهجوم الأميركي.
وأضافت الصحيفة الأميركية أن صور اليوم التالي تظهر تحرك معظم الشاحنات شمال غرب منشأة فوردو وتمركز شاحنات أخرى قرب مدخل الموقع.
وذكرت واشنطن بوست أن صور الأقمار الاصطناعية تظهر 16 شاحنة على طول الطريق المؤدي إلى مجمع عسكري تحت الأرض.
وبعد أيام من الغموض بشأن إمكان تدخلها المباشر في الحرب إلى جانب إسرائيل، شنّت الولايات المتحدة، فجر الاحد، ضربات على المنشآت الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران، وهي فوردو ونطنز وأصفهان.
وتعهد الحرس الثوري الإيراني بالرد على الهجوم الأميركي وقال إنه سيستخدم “خيارات خارج الحسابات”.
قلق بالغ في أميركا
وبدورها نقلت شبكة “إن بي سي” عن مسؤولين بالبنتاغون والبيت الأبيض قولهم إن “الساعات الـ48 المقبلة تثير قلقا بالغا”، إذ إن “المواقع التي قد يستهدفها الرد الانتقامي الإيراني لم تتضح بعد”.
كما نقلت الشبكة عن مسؤولين أميركيين أنه من غير الواضح ما إذا كان أي رد انتقامي سيستهدف مواقع داخل أميركا أم خارجها، وهل سيكون الرد مباشرة من طهران أم إنه سيتم عن طريق “أذرعها” بالمنطقة.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” ذكرت، الأحد، نقلاً عن مسؤولين أميركيين أن واشنطن أبلغت طهران أن الضربات التي استهدفت منشآت نووية في إيران “عمل لمرة واحدة”، وليست بداية لحرب تهدف إلى تغيير النظام.
في المقابل، نقلت وكالة فارس للأنباء عن مصادر أن إيران تعتزم تنفيذ عمليات مفاجئة ضد إسرائيل، مع استمرار مراقبة القواعد الأميركية بالمنطقة، في سياق الرد على الضربات التي استهدفت مفاعلاتها النووية.
وقالت المصادر إن إستراتيجية طهران تتركز على القضاء على إسرائيل باعتبارها القاعدة الأصلية لأميركا، مضيفة أن تدخل أميركا يجب ألا يعرقل تنفيذ خططها ضد الكيان الصهيوني.
الرد الموجع
من جهته، قال المتحدث باسم عملية “الوعد الصادق 3″ العقيد إيمان تاجيك إن اعتداء الولايات المتحدة سيدفع إيران لاستخدام خيارات خارج فهم وحسابات المعتدين دفاعا عن النفس.
وأشار تاجيك إلى أن عملية “الوعد الصادق 3” ستستمر ردا على اعتداءات وجرائم العدو، مضيفا أن على من وصفهم بالمعتدين توقع رد موجع.
ولفت تاجيك إلى أن إيران تعرفت على مواقع إقلاع الطائرات المشاركة في الهجوم على منشآت بلاده ووضعتها تحت المراقبة.
استعداد إيراني لغلق مضيق هرمز
ومن جانبه قال عضو بلجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني الأحد إن الحرس الثوري مستعد لإغلاق مضيق هرمز، في حين نقلت تقارير عن جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي قوله إن “تعطيل إيران لحركة الملاحة في المضيق سيكون انتحارا بالنسبة لها”.
وأفادت تقارير امس الأحد بأن البرلمان الإيراني وافق على غلق مضيق هرمز وأن القرار مرهون بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران. كما قال عضو بلجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني إن الحرس الثوري مستعد لإغلاق المضيق “إذا اقتضت الحاجة والظروف ذلك”.
ونقلت شبكة “إن بي سي” عن جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي أن تعطيل حركة الملاحة في مضيق هرمز “سيكون انتحارا” بالنسبة لإيران، مشيرا إلى أن واشنطن تلقت رسائل غير مباشرة من الإيرانيين في الساعات التي تلت الضربة الأميركية.
وكان النائب والقائد في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل كوثري قال لنادي الصحفيين الشباب الأحد إن إغلاق المضيق مطروح “وسيتخذ القرار إذا اقتضى الأمر”.
كما نقلت تقارير صحفية أمس الأحد عن سارة فلاحي، وهي عضو باللجنة الأمنية في البرلمان، أن الإغلاق المحتمل لمضيق هرمز سيكون أيضا على جدول الأعمال في جلسة خاصة للجنة البرلمانية.
وفي حين لم يتم تحديد موعد محدد للإغلاق، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن قائد البحرية في الحرس الثوري الإيراني هدد بإغلاق مضيق هرمز خلال ساعات.
الكونغرس يهاجم ترامب
وأثار الهجوم الجوي الواسع الذي أمر به الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد منشآت نووية داخل إيران، فجر أمس الأحد، عاصفة سياسية في الكونغرس، وسط اتهامات مباشرة له بـ”خرق الدستور” وتجاوز صلاحياته باستخدام القوة العسكرية دون تفويض تشريعي.
واعتبر نواب ديمقراطيون بارزون أن قرار ترامب ينتهك المادة الدستورية التي تحصر حق إعلان الحرب بالكونغرس، مشددين على أن الرئيس “اتخذ خطوة خطيرة دون مشاورة البرلمان، أو تقديم مبررات واضحة، أو عرض خطة استراتيجية لما بعد الضربة”.
وقال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، في بيان رسمي: “لا يجوز لرئيس أن يجرّ البلاد إلى حرب بهذا الحجم دون موافقة الكونغرس. ما جرى تهور بلا استراتيجية ويُضعف من موقع أميركا بدلًا من أن يعززه”.
فيما وصف السيناتور جاك ريد، عضو لجنة القوات المسلحة، الضربة بأنها “مغامرة ضخمة”، مضيفا: “الإدارة لم تقدم أي تصور واضح للخطوة التالية، ولا تقييمًا لمخاطر التصعيد المحتمل”.
ورغم أن بعض النواب الجمهوريين سارعوا إلى دعم قرار ترامب، واعتبروه “ضروريا لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي”، إلا أن التحفظات لم تغب عن صفوف الحزب.
وقال السناتور جون ثون: “أقف إلى جانب الرئيس في هذه العملية الدقيقة، وأدعو لسلامة قواتنا في الخارج”.
لكن شخصيات جمهورية أخرى أعربت عن قلقها من غياب خطة متكاملة لما بعد الهجوم، ما قد يُربك وحدة الموقف الحزبي، خصوصا في وقت حساس يشهد مناقشات حاسمة حول مشروع قانون الأمن القومي بقيمة 350 مليار دولار.
واشنطن مستعدة للتفاوض
وفي السياق قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن بلاده لا تزال مستعدة للتفاوض المباشر بشأن البرنامج النووي الإيراني، وسط مطالبة أوروبية لإيران باستئناف المفاوضات وتجنب التصعيد.
في المقابل، قال روبيو إن مستقبل التصعيد في المنطقة يعتمد على كيفية رد إيران، محذرا من أن إغلاق طهران لمضيق هرمز سيكون “خطأ فادحا” و”انتحارا اقتصاديا”، ويمثل تصعيدا هائلا في المواجهة.
واتهم وزير الخارجية الأميركي إيران بالدخول في “مفاوضات زائفة” قبل الضربات في محاولة “للتلاعب” بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، مضيفا أن الرئيس سيرد بحزم بحسب ما سيقدم عليه الإيرانيون.
مقابل ذلك، نقلت وكالة “إيرنا” أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أكد خلال اتصال مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه يجب أن يتلقى الأميركيون ردا على عدوانهم الذي قال إنه يظهر عدم صدق ادعاء واشنطن بشأن الحوار وصنع السلام.
من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن بلاده لم تغادر المفاوضات النووية لتعود إليها.
وفي منشور له على منصة “إكس” نشره الأحد، ردا على دعوات مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إيران بالعودة إلى المفاوضات بشأن برنامج طهران النووي، أشار عراقجي إلى أن إيران كانت تجري مفاوضات مع الولايات المتحدة عندما اتخذت إسرائيل قرارا بتعطيل الدبلوماسية.
وأوضح أن المسؤولين الإيرانيين كانوا يجرون كذلك هذا الأسبوع محادثات مع الثلاثي الأوروبي (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا) ومع الاتحاد الأوروبي عندما اتخذت الولايات المتحدة هي الأخرى أيضا قرارا بتعطيل الدبلوماسية.
بيان أوروبي
في ذات المنحى، حث زعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا الأحد إيران على عدم اتخاذ أي إجراءات من شأنها زيادة زعزعة استقرار المنطقة.
وقال رؤساء حكومات الدول الثلاث، في بيان مشترك، “أكدنا بوضوح تام أنه لا يجوز لإيران امتلاك سلاح نووي، وينبغي ألا تشكل بعد الآن تهديدا للأمن الإقليمي”.
وقال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، الأحد، إن إيران تجاوزت الخطوط الحمراء فيما يتعلق ببرنامجها النووي، طالبا منها الانخراط في المفاوضات.
تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي
تأتي الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية الثلاث في لحظة حرجة للاقتصاد العالمي، وتتوقف التوقعات الآن على مدى قوة رد إيران، وفق ما ذكرت بلومبيرغ في تقرير.
وخفّض البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وصندوق النقد الدولي توقعاتهم للنمو العالمي في الأشهر الأخيرة، وحسب بلومبيرغ فإن أي زيادات كبيرة في أسعار النفط أو الغاز الطبيعي، أو اضطرابات في التجارة ناجمة عن تصعيد إضافي للصراع، ستُشكّل عاملا إضافيا لكبح نمو الاقتصاد العالمي.
وكتب محللون اقتصاديون في بلومبيرغ، بمن فيهم زياد داود، في تقرير: “سنرى كيف سترد طهران، لكن من المرجح أن يضع الهجوم الصراع على مسار تصعيدي. بالنسبة للاقتصاد العالمي، يُفاقم اتساع الصراع خطر ارتفاع أسعار النفط وارتفاع التضخم”.
وتُضاف المخاطر الجيوسياسية المتزايدة إلى احتمال تصعيد الرسوم الجمركية في الأسابيع المقبلة، مع اقتراب انتهاء فترة تعليق الرئيس دونالد ترامب لما يُسمى بالرسوم “التبادلية” الباهظة، ومن المرجح أن يتجلى التأثير الاقتصادي الأكبر لصراع طويل الأمد في الشرق الأوسط في ارتفاع أسعار النفط.
وبعد الضربة الأميركية، ارتفع سعر أحد المنتجات المشتقة، الذي يُتيح للمستثمرين المضاربة على تقلبات النفط، بنسبة 8.8% في أسواق “آي جي ويك إند ماركتس” (IG Weekend Markets) (وهي أداة تستخدم في التداول بأيام إغلاقات الأسواق)، وفي حال استمرار هذا الارتفاع عند استئناف التداول، توقع الخبير الاستراتيجي في “آي جي” (IG)، توني سيكامور أن تُفتتح العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط غدا الاثنين عند حوالي 80 دولارا للبرميل.
وتتوقع بلومبيرغ ان تتوقف الكثير من الأمور على الأحداث في المدى القريب، فقد قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن الهجمات الأميركية “شنيعة وستكون لها عواقب وخيمة”، مستشهدا بميثاق الأمم المتحدة بشأن أحكام الدفاع عن النفس، وقال إن إيران تحتفظ بجميع الخيارات للدفاع عن سيادتها ومصالحها وشعبها.
وتتوقع بلومبيرغ ثلاثة سيناريوهات للرد الإيرانى وهي ،هجمات على أفراد وممتلكات أميركية في المنطقة،استهداف البنية التحتية للطاقة في المنطقة.ةة،إغلاق مضيق هرمز، نقطة الاختناق البحرية، باستخدام ألغام بحرية أو مضايقة السفن المارة.
وفي السيناريو الأكثر تطرفاً، وهو إغلاق مضيق هرمز، قد يرتفع سعر النفط الخام إلى ما يزيد على 130 دولارا للبرميل، وفقا لعدد من المحللين، وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك الأميركي إلى ما يقارب من 4% في الصيف، مما يدفع مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) والبنوك المركزية حول العالم إلى تأجيل توقيت تخفيضات الفائدة المستقبلية.